أراء ومقالاتالموقع

عمر النجار يكتب لـ«الموقع» .. «أصحاب ولا أعز».. فنٌ أم تعرية المجتمعات؟!

دائمًا ما كنّا نطلع في الكتب بأنَّ الفن هو إعادة ترتيب وتنظيم المشاعر والمفاهيم بطريقة تجلعنا نشعر بالسرور والارتياح والقناعة لدى مُشاهدة أو إنتاج عمل فني لا أنْ نشعر بـ بالخجل والندم عندَّ مُشاهدة فيلم أطلقَ عليهِ «أصحاب ولا أعز» لما فيه من كثرة الكلمات التي تُوصف بـ «الخادشة» لكونها تتضمنُ إيحاءات جنسية لا تُقال إلا في غرف النوم المغلقة، فضلاً عن الخيانة الزوجية واقترابه بشكل فج من المثلية الجنسية.

من خلال رسالة «الفن» الهادفة تستطيعُ أنْ تكونَ سفيرًا لدولتك بأعمالك الفنية وكذلك سفيرًا للفن في العالم.. ومن خلال رسالة «الفن» الهابطة تستطيع أنْ تكون نموذجًا سلبيًا يُسهم في انتشار الإيحاءات المُثيرة والألفاظ الجنسية المُبطنة بل والصريحة، وهذا ما شاهدناهُ في الفيلم الذي يُناهض العادات والتقاليد المُتعارف عليها في مجتماعاتنا.

في الطبيعي، أنَّ لكل عمل فني له رسالة واضحة المعالم، وتحديدًا لأنَّ رسالة الفن هيَّ خير طريق لمعرفة الوازع أو الحلُم الذي يدفع الإنسان نحو الأفضل وليس الأسوأ كما شاهدناه في فيلم «أصحاب ولا أعز» من خلال الأصدقاء السبعة الذين اجتمعوا على طاولة العشاء وقرَّروا أن يَلعبوا لعبةً ترفيهية بشرط أنْ تكون كل الرسائل والمُكالمات على مرأى ومسمع الحاضرين، إذ يأتي في النهاية أنَّ جميع الأصدقاء لا يُوجد فيهم شخص سوي، وأنَّ الكل مُشترك في «شذوذ جنسي أو خيانة زوجية أو انحرافات أخلاقية» بعيدةً كل البعد عن أخلاق المُجتمعات السّوية.

في هذه المقالة تحديدًا كان يجب طرح الأسئلة المُهمة.. ما هيَّ رسالة فيلم «أصحاب ولا أعز».. هل هو تطبيع للشذوذ الجنسي.. أم تطبيع مع الخيانات الزوجية.. أم تطبيع ما كل هو مُنحرف وخارج عن العادات والتقاليد والثقافات العربية؟؟؟.. كل هذه الأسئلة تحتاجُ إلى إجابات واضحة من الفنانة منى ذكي، التي دعت بعد الانتقادات التي وُجهت إليها، إلى «تقبل التغيير والترحيب بالتحديات.. والحفاظ على السعادة مع عدم إضاعة الطاقة في أمور لا يُمكن التحكم بها».

ما يُزعجك أكثر، عندما تُتابع ردود الأفعال على الفيلم وتحديدًا من فئة «المؤيدين» التي كان على رأسهم الفنانة إلهام شاهين، التي قالت أثناء المداخلة الهاتفية لها مع الإعلامي تامر أمين، بأنَّ «الفن لا يُقيم من منطق أخلاقي».. في الوقت الذي لم تقرأ فيه للفيلسوف والسياسي الأميركي، جون هوسبرز، الذي قال نصًا بأنَّ الوظيفة الأساسية للفن بأنه «خادمٌ للأخلاق»..

كلمة الفنانة إلهام شاهين، حول عدم تقييم الفن بمنطق الأخلاق تُعد «كارثية»، لِكونها تُنسفُ جميع المحاولات التي جاءت من المُفكرين والفلاسفة بضرورة ربط الفن بالأخلاق، والذي كان على رأسهم الرسام الفرنسي الشهير جاك لويس ديفيد، الذي أكدَّ أنَّ الفن يجبُ أن يتخذَّ وسيلة لتربية الشعوب، لأنَّنا إذا أنتجنا فنًا يُناقش صفات البطولة والفضائل الوطنية فإن ذلك يُقوي من همة المواطنين ويَدفعهم إلى طلب المجد، بالإضافة إلى إشارة الفيلسوف أفلاطون، بضرورة أهمية الأخلاق في الفن وإلى توحيد القيم العقلية والفنية والأخلاقية في بوتقة واحدة..

وهنا لا أحدثك أيضًا عن نزعة الفيلسوف أفلاطون، الأخلاقية بشأن الفن، لكونه كان يَرفض بشكلٍ جازم الفنون التي لا تحث على الفضيلة وتُفسد العقول.. لا التي نراها حاليًا تُقدم «الشذوذ» و«الخيانة الزوجية» والانحرافات الأخلاقية التي جاءت في الفيلم مُتمثلة أيضًا في المشهد التي جاءت به الفتاة وهيَّ في مُقتبل عمرها لكي تستأذنُ والدها بأنْ يَسمح لها بأنْ تذهب إلى ليلة المبيت مع صديقها حتى لا يزعل ويغضب منها.

لذلك يجب التأكيدُ على أنَّ «الفن» ما هوُ إلا رسالة لها مضمون في محتواها ومعنى في جوهرها، لكونه مثل الأشياء الموجودة حولنا في كل مكان، وأنَّ الفن ليس مجرد أشياء تُوجد في المتاحف والمعارض، وأنَّ الفن هو استيعاب لقضية الأخلاق التي تُؤخذ بعين الاعتبار لأنَّ كل ما هو واقعي أو خيالي في الفن يُؤثر على الأخلاق، وأنَّ الأعمال الفنية يُمكن أنْ تُعطي دروسًا أخلاقية قيّمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى