أراء ومقالاتالموقع

علاء حيدر يكتب لـ«الموقع» تحذير مصري لإثيوبيا من خلال الصومال

إكتسبت زيارة الرئيس الصومالي ، حسن شيخ محمود ، لمصر بعدا إستراتيجيا مهما ، فبعيدا عن دعم و تعزيز العلاقات الإقتصادية و التجارية بين البلدين، فإن إعادة تأهيل مؤسسات الدولة الصومالية، لا سيما إعادة بناء القوات المسلحة و الشرطة في الصومال ، إحتلت جانبا مهما من المحادث المصرية الصومالية .

و تحرص الحكومة الصومالية ، في إطار جهودها لإعادة الهدوء و الإستقرار لربوع البلاد، إلى إعادة بناء القوات المسلحة الصومالية، بعد أن كان قد تم تفكيكها خلال الحرب الأهلية ، لحماية أكثر من 3700 كيلو متر من السواحل الصومالية ، سواء المطلة على المحيط الهادي ، أو على البحر الأحمر، حيث تشرف الصومال على خليج عدن ، و منه الى باب المندب أحد أهم الممرات المائية في العالم ، بوصفه البوابة التي تدخل منها السفن الى البحر الأحمر ، و منه إلى قناة السويس ، أهم ممر مائي في العالم ، محملة بكميات هائلة من بترول الخليج العربي على وجه الخصوص . و من هذا المنطلق تبرز أهمية أمن ، و آمان، و إستقرار الصومال بالنسبة لمصر، فتأمين السواحل الصومالية ، تعني تأمين الملاحة في قناة السويس، أحد أهم مصادر الدخل القومي المصري من العملات الصعبة .

لكن هل تستهدف الصومال من وراء تعزيز قدرات قواتها المسلحة ، تأمين سواحلها من أي تهديدات أو جماعات إرهابية ، مثل ميليشيا الشباب الصومالي المتطرفة الخاضعة لتنظيم القاعدة فحسب ؟ بالقطع لا ، فمن أهم إهتمامات الأمن القومي الصومالي هو إستعادة إقليم أوجادين الصومالي ، الذي تحتله إثيوبيا منذ العام 1954 ، و الذي خاضت من أجله الصومال حربا ضروسا ضد إثيوبيا سنة 1977 ، و أسفرت عن مقتل نحو 7 آلاف جندي صومالي، بفضل الدعم السوفيتي الكوبي لإثيوبيا ، عندما كانت إثيوبيا حينذاك تخضع للنظام الشيوعي ، بقيادة الجنرال ، منجستو هيلا ميريام .

و يعد حرص الرئيس الصومالي على إصطحاب وزير دفاعه ، عبد القادر محمد نور جامع ، خلال زيارته لمصر، بمثابة رسالة واضحة من الصومال لمصر ، من أجل المساهمة في دعم و تعزيز قدرات القوات المسلحة وقوات الأمن الصومالية . و قد تعمد الرئيس السيسي إثارة قضية سد النهضة الإثيوبي ، خلال مؤتمره الصحفي أمس مع نظيره الصومالي، مما يعد بمثابة تحذيرا واضحا لإثيوبيا ، بأن أي إنتقاص من حصة مصر من مياه نهر النيل ، سيقابله تدعيم مصري للقوات المسلحة في الصومال و التي لم تكن لتتوقف عن العمل لإستعادة أراضيها في إقليم أوجادين المحتل ، لولا إنشغالها بالحرب الأهلية التي إستمرت نحو 30 عاما .

و كان الرئيس السيسي قد أعلن في المؤتمر الصحفي المشترك ، أن مصر و الصومال توافقا حول خطورة السياسات الاحادية عند القيام بمشروعات على الأنهار الدولية ، و حتمية الإلتزام بمبدأ التعاون و التشاور المسبق بين الدول المتشاطئة ، مشددا على ضرورة التوصل بلا إبطاء ، لاتفاق قانوني ملزم حول ملء و تشغيل السد .

و من جانبه عقد وزير الدفاع المصري ، فريق أول محمد أحمد زكي ، إجتماعا مع نظيره الصومالي ، عبد القادر محمد نور ، حيث تناولا مختلف أوجه التعاون العسكري و الامني بين البلدين .

و يقع إقليم أوجادين، القابع تحت الإحتلال الإثيوبي ، في الجزء الغربي من الصومال، و تبلغ مساحته 279 ألف كيلو متر مربع ، و كل سكانه مسلمون و غالبيتهم الكاسحة من الصوماليين . و يعاني سكان أوجادين ، من أحوال غير إنسانية ، و ظروف معيشية متدنية للغالية، هذا غير إضطهاد قوات الإحتلال الإثيوبي لهم ، و تعرضهم للقتل ، و السجن ، و سلب الحقوق . و يقوم جيش الإحتلال الإثيوبي بدوريات لمنع وكالات الأنباء ، و المنظمات الحقوقية ، من الإقتراب أو تصوير الأحوال غير الإنسانية في الإقليم .

و يتمتع إقليم أوجادين المحتل، بموارد مائية هائلة ، تنبع من الهضبة الصومالية ، التي ترتفع بعض قممها لأكثر من 4 آلاف متر .و تعد الهضبة الصومالية منبع الأنهار الصومالية الكبرى، مثل نهر شبيلي ، و نهر جوبا .و يتمتع الإقليم بمناخ معتدل نظرا لإرتفاع أراضيه الشاهق عن سطح الإرض . و رغم المصادر المائية الهائلة ، و الثورة الحيوانية ، الا أن شعب أوجادين يعاني من المجاعات ، بسبب عمليات الإبادة، و الشنق ، و القتل، التي تقوم بها قوات الإحتلال الإثيوبية ، ضد سكان الإقليم المحاصر داخل حدوده ، بعد إغلاق حدوده المشتركة مع كلا من الصومال ، و كينيا ، و جيبوتي .و لا يجد أبناء أوجادين تعليما ، و لا خدمات صحية ، و لا وظائف، منذ أن إستولت إثيوبيا على الإقليم بمساعدة الإحتلال الأوروبي للصومال .و يؤكد دائما أبناء أوجادين ، ذلك الشعب العربي المسلم ، إيمانهم بأن النصر سيكون حليفهم في يوم من الأيام ، و سينالون إستقلالهم و العودة للوطن الام مع إنتهاء الحرب الأهلية في الصومال ، و جهود الحكومة الصومالية في إعادة بناء القوات المسلحة، التي وصل عددها الآن إلى نحو 10 آلاف جندي .

اقرأ ايضا للكاتب

علاء حيدر يكتب لـ«الموقع» العرب والفشل المتكرر لعقد القمة العربية

علاء حيدر يكتب لـ«الموقع» السيسي و بلورة موقف عربي أمام بايدن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى