أراء ومقالاتالموقع

طارق البرديسي يكتب لـ”الموقع” التطبيع وسنينه!

لا ثوابت ولا تابوهات في مستنقع السياسة ،لأن المتاح( الممكن) يُعَدِّل السلوك ،والمصلحة تُغَيِّر البوصلة، وتُدِير الدفة بعد تحديث القناعات وتطوير الأفكار ، فما كان غيرَ معقولٍ ومستحيلاً في الأمس القريب صار مقبولاً ومستساغاً اليوم ،ووجيهاً ومفيدًا غداً !

إن الحميرَ وحدَها هي التي لاتغير آرائها وتظل متجمدةً في خندق أفكارها البالية ولا تقوى على الإنتقال إلى أرضيةٍ أخرى مع حلفاء جدد تجمعهم مصلحة مشتركة حالة لمواجهة عدوٍ مستجد أضحى مهدداً للأمن والسلامة ، فالمنطق يدفع لضرورة سرعة الإستجابة ورد الفعل اللازم لدرء الخطر الداهم حتى وإنْ تم التحالف مؤقتاً مع العدو التاريخي !

السياسة لا تعرف العواطف والمشاعر ولا تدرك لغة الوجدان ومفردات الصبيان ،وإنما تتعامل فقط مع المصلحة ، فحيثما توافرت الأخيرة يكون التوجه والتحالف والتصرف وإنْ كان صادماً لما تربينا عليه ومخالفاً لما وجدنا عليه آباءنا وأجدادنا ،،

ودعوني أخبركم بكل صدق إن ما يعتمل في صدور وقلوب الشعوب لايجب أن يعوِّق تحركات الدولة وسياسة مؤسساتها!

أما بالنسبة لممارسة الشعوب فيجب إدراك أن إقامة العلاقات الطبيعية مع دولةٍ بعينها يلزم أن تتوافر معه رؤية واعية وإرادة وعلم وهي عناصر أساسية ينبغي تواجدها لكي يتحقق ما يسمونه( تطبيع) ، فهو موقف سياسي عمدي ورؤية واعية بكل الظروف والأفعال والنتائج ويتحمل صاحبها كل تداعايتها السياسية والإجتماعية والثقافية والنفسية ، ،

لايمكن بأي حال من الأحوال أن يتوافر التطبيع بالخطأ غير العمدي الذي لاتتوافر فيه نية التطبيع العمدي ، فعندما يُقدِم شخص ما على عملٍ أو تصرفٍ ثم يُقِر بتهوره أو عدم تبصره ورعونته أو يتراجع معتذراً غيرَ مُصِرٍ ، فلا نستطيع أن ننسب إليه فعل التطبيع لأن الأخير يعرف ويريد أفعالَه ونتائجَه (المُطبِعُ المذكور) ويستمر فيه ويصمم عليه مستوعباً المآلات ومدركاً الغايات ومتحملاً التبعات وراضيًا بالتداعيات !

الخلاصة لايمكنك أن تنعت شخصاً أو تصف سلوكه طالما تراجع وأنكر لأن التطبيع لايقوم بعدم التحرز والنزق والخطأ والتراجع والإعتذار وإنما يستمد غذائه وأكسجينه من مشيمة الإصرار والعمد والقصد والإستمرارية وعدم الإنكار فهو رؤية واعية وسلوك سياسي واضح لا لبس فيه ولا غموض وقصد ظاهر لا تخطئه العين !

لاحظ أن التشبث بأفكار منتهية الصلاحية وترديد شعارات لاتسمن ولاتغني من جوع أضاع أراضٍ عربية لكن الإستدارة الفكرية والتموضع في خندق غير ذاك الخندق ردَّ وأعادَ أرضنا العزيزة كاملة ً غير منقوصة ،،،

رأينا هذا ليس مع التطبيع ولاضده فلا تراه يتقيد بفكر عقائدي أو يتدثر بغطاء إيدلوجي ، لكن ْباعثُه ومحركُه مصلحة البلاد وصالح العباد، وسهام النقد لا ينبغي رميها مستهدفة ً شخصي وإنما يلزم توجيهها صوب الطرح والرؤى والأفكار لتبادل النقاش والحوار ،،،

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى