الموقعتحقيقات وتقارير

ضحايا «روحي إنت طالق».. أمهات مقهورات وأطفال في مهب الضياع .. «الموقع» يفتح الملف

ضحايا «روحي إنت طالق».. أمهات مقهورات وأطفال في مهب الضياع .. «الموقع» يفتح الملف

مع بداية العام الدراسي الجديد.. الأمهات يستجدين المحاكم والأزواج السابقين للإنفاق على الصغار

سيدة: “طلبت من طليقي مصاريف المدارس وكان رده “لا مفيش الكلام ده” علموا وكبروا وفي الأخر هاخذهم منكم”
هند: بعت ذهبي وأرضي لأنفق على أبنائي والآن لا أملك شيء الأولاد طالبوا أبيهم بمصاريف المدارس فرد عليهم “عنكم ما اتعلمتوا”

داليا: زوجي يعمل بالخارج وطالبت منه مصاريف المدارس وكان رده “مش معايا فلوس ربيهم لوحدك”

رحمة: “ضرب أولادي وحرقهم بالسكين رفعت عليه قضية والأن يساومني بالتنازل أو دفع مصاريف المدارس”

أستاذ النظم الإسلامية: الامتناع عن نفقة الأبناء لإذلال الزوجة حرام شرعًا

كتبت – منار إبراهيم

أمام محكمة الأميرية تجد نساء صار الأسود رداءهن ليس حدادا على ميت ولكن على حياتهن التي صارت تقتصر على محاكم الأسرة لرفع قضايا طلاق ونفقة لها ولأولادهن، نتيجة لزيجات بائسة قضت أن يعشن حياة تعيسة هن وأولادهن، ومع استمرار السعي يحاولن في قهر الحصول على حقوق أولادهن أو البعد عن ذلك الزوج النقمة عليهن.

فـ “أنت طالق” كلمة قاسية للغاية، تنطق في لحظة غضب ونتيجة لسوء اختيار فيقع أثرها كالسيف، تمزق قلوب، وتشرخ صدور كانت عامرة بالمودة والرحمة، لتعلن حرب بين زوجين وتشردهما إلي محاكم الأسرة، مما يؤدي إلي وقوع ضحايا لا ذنب لهما سوي أنهما جاءوا إلي هذه الدنيا أبناء لأب وأم لا يقدرون المسئولية الملقاة علي عاتقهما.

في البداية تحدثت معنا شاهندة . إ، 27 عاما، قائلة: تزوجت وعمري 19 عاما لأجد نفسي أعيش في كنف رجل “عويل” لا يتحمل مسئولية، وبدأت مساوئه تبان أكثر بعد أن رزقني الله بولد وبنت، كان يرفض أن يذهب للعمل وطوال النهار نائم وبالليل جالس في القهوة، زادت مسئولية الأطفال وطلباتهم نزلت للعمل وأصبحت أعمل فترتان لأسد عنه احتياجات اولادي وأدفع إيجار الشقة، ومع غلق الحضانات بسبب “كورونا” اتفق معي أنه سيرعى الأطفال طوال فترة غيابي في العمل.

وتابعت” في يوم عدت من العمل لأجد ابنتي الصغيرة جالسة على السلم تبكي “الحقي يا ماما أخويا دراعه اتكسر” ترك الأطفال في البيت لوحدهم وجلس مع صحابه في القهوة، جريت بطفلي وكان عمره 4 سنوات على المستشفى لأجده بحاجة لتركيب شرائح ومسامير في يده فبعدم إحساسه بالمسئولية وانعدام شعور الأبوة لديه سبب عاهة مستديمة للولد فلا نفذ اتفاقه ورعى الأطفال طوال فترة غيابي ولا ذهب للعمل والإنفاق عليهم”.

وبعيون يغمرها الدمع تكمل شاهندة: كنت أتحمل مرار العيشة معه لأنني صغيرة في السن ولأجل أطفالي أيضًا، وكنت أخاف من نظرة المجتمع للمطلقة، رغم إهانته وضربي ولكن وجدت الحالة النفسية لطفلتي الصغيرة وعمرها 3 سنوات أصبحت سيئة وكانت تصاب بنوبات فزع أثناء النوم من شدة خوفها، في يوم ظل يضرب فيّ ضرب مبرح ورم لي عيني وسبب لي نزيف من الضرب بخرطوم الأنبوبة وظل يضرب رأسي في الحائط حتى أغمى عليّ، وحين فقت على صراخ أطفالي قررت أن أخذهم وأهرب من هذه العيشة والعيش مع أهلي”.

وتضيف “رفعت عليه دعوى خلع ونفقة، طلقني ودي وقدم أوراق غير مضبوطة للمحكمة عن راتبه ليكون حكم المحكمة لنفقة الأولاد مائتي جنيه لكل واحد، ومع بداية العام الدراسي الجديد حدثته والدتي لتطالبه بشراء لبس المدرسة لأبنه الذاهب إلى ” كجي 2 ” ليكون رده “لأ مفيش الكلام ده” علموا وكبروا وفي الأخر أنا هاخدهم منكم”.

ومن جانبها تقول هند. ب، 41 عاما، إن زوجها عاطل ولا ينفق على البيت ولا أولاده الثلاثة ومع مدارس الأولاد وزيادة المصاريف باعت كل ما تملك من ذهب وكما باعت قطعة الأرض التي ورثتها عن أبيها، مضيفة “ورغم كل ذلك كان دائمًا يضربني ليأخذ ما معي من أموال، وبعد 10 سنوات من زوجنا عملت في مصنع حيث أصبحت لا أملك شيئا أخر لبيعه، وكان ينتظرني يوم القبض ويأخذ منى الراتب من على باب الشقة وإذا لم أفعل سأضرب وأكون فرجة الجيران، وعندما طالبته بالطلاق رفض ذلك رفعت عليه قضية خلع لأخذ أولادي والعيش في بيت بعيدًا عنه وسأربيهم أحسن تربية “حتى لو بعت هدومي عشانهم لم أجعلهم ينقصهم شيء”، واستطردت “الدراسة ستبدأ الأولاد كلموه للمطالبة بمصاريف المدارس ليخففوا العبء عني ولكنه أحرجهم قائلاً “عنكم ما اتعلمتوا” و رفض أن يرسل لهم مصاريف للمدرسة”.

بوجه كساه القهر تسرد “داليا . أ”، قصة حياتها لـ”الموقع” قائلة،: تزوجت منذ 15 عاما وسافرت مع زوجي للخارج ورزقنا الله بثلاثة أولاد تحملت معه مر الغربة وشقائها ولم أكل يوما في خدمته هو أبنائه، وكنت أقيد له أصابعي العشر شمع لأكون أم وزوجه مثاليه”.

واستفاضت في الحديث “عندما وصل أبنائي سن المدارس اتفقنا على أن أنزل مصر لأقدم لأبنائي على المدارس هنا، وأقتصر دوره على أن يبعث لنا مصروفًا شهريًا وأتولى انا مسئولية البيت والأولاد وأسافر له في الإجازة شهرين وأعود لندبر حالنا قبل المدارس”.

وتضيف: “فجأة بدأ يتحجج لمنعى من السفر له ولا ينزل لنا زيارات وبدأ يقطع عنا المصروف الشهري وعندما يبعث لنا يكون مبلغا صغيرًا، مما اضطرني للشك فيه فسافرت له فجأة دون علمه فوجدته متزوج ولديه طفل عمره 10 سنوات دون علمي، وطلبت منه الطلاق فطلقنني أمامها وأرسل لي ورقتي منذ عامين ولا ينفق على أبنائه فاضطررت لرفع قضية نفقة لأنني بعت ما أملك ولا أستطيع الإنفاق على أبنائي الثلاثة بمدارسهم الخاصة، ومع بداية العام الدراسي الجديد حاولت معه كثيرًا لإرسال نفقات لأولاده وكان رده “مش معايا فلوس ربيهم لوحدك”.

أما “رحمة.ع”، 49 عاما، فتروي قصتها قائلة، “لدي ولد وبنت وفي يوم كنت أشتري مستلزمات للبيت وحين عدت وجدته حارق أولادي بالسكين وضربهم ضرب موت، من حرقة قلبي عليهم رفعت عليه قضية شكوى بالضرب وعدم تعرض، لأنه ليس أول مرة يضربهم ويضربني ولكن هذه المرة كانت أشد قسوة، وشوه جسم بنتي وهي عروس عمرها 20 عاما، وبمحاولات منه وسّط أناس بيننا للتنازل عن المحضر، ومع بداية العام الدراسي أصبح يساومني على التنازل مقابل إعطاء مصاريف المدرسة والجامعة للأولاد، وحين ذهبت للتنازل النيابة رفضت لأنها قضية سلاح أبيض “أمن دولة طوارئ”، والقضية الأن في عرض النيابة وننتظر القرار”.

وتقول م . م، في الثلاثينات من عمرها، “لدي ثلاثة أبناء في المرحلة الابتدائية، عشت مع زوجي 12 عاما، كان يتعاطى المخدرات وينفق على أولاده بالكاد ليدخر أموال يشتري بها المخدرات، وفي خناقة بيننا على المصاريف ضربني ضرب مبرح وكسر لي أنفي وتسبب لي في نزيف، طلبت الطلاق لضرر ولكن بسبب الإجراءات صدور الحكم يتطلب وقت، ومع دخول المدارس طلبت منه مصاريف المدرسة قال لي “ولا جنيه”، لذلك أتيت اليوم لأرفع عليه قضية نفقة.

وفي النهاية تحدثت معنا س . خ، 40 عاما، قائلة “زوجي بخيل يحرم أولاده من كل شيء حتى لقمة العيش التي يأكلها “العيل” بحساب، ومع دخول المدارس رافض يشتري لهم لبس للمدرسة ويدفع المصروفات، الزي المدرسي لأبني الأصغر اتغير، رافض يشتري الزي الجديد، مع حلول أي مناسبة يحرم أولاده طعم الفرحة لا يشتري لهم لبس العيد ولا غيره رغم أنه مقتدر ماديًا، ومع بداية الدراسة كل عام أذوق المرار يرفض أن يشتري حتى سندويتشات المدرسة، دائمًا يقول لي خذي من أمك وتنشب خناقات بيننا، ورغم أنني على ذمته وأعيش معه في بيت واحد إلا انني رفعت عليه قضية نفقة لأجبره على تحمل المسئولية والإنفاق على أبنائه”.

وبعرض التفاصيل على الدكتور محمد عبد الجليل، أستاذ النظم الإسلامية جامعة الأزهر، أكد أن هذا الأزمة هامة للغاية ويجب طرحها في كافة وسائل الإعلام.

وأضاف عبد الجليل:”للأسف لدينا ارتفاع في عدد حالات الطلاق في المجتمع المصري، فبحسب الجهاز المركزي للإحصاء هناك حالة طلاق كل دقيقتين، والتفكك الأسر هو تفكك للمجتمع، فالمجتمع هو مجموعة من الأسر وبانسجامها يصبح المجتمع سوي، لذلك يجب أن يكون الطلاق بإحسان، أنت انفصلت عن زوجتك فما ذنب أولادك؟، فهم ما زالوا أبناءك لماذا تشعرهم باليتم وأنت على قيد الحياة؟!.

وأوضح أستاذ الشريعة أنه للأسف بعد وقوع الطلاق يمتنع البعض عن الإنفاق على أبنائه كنوع من أنواع إذلاله الزوجة، ولكن وصول الأمر لهذا المستوى من التدني الأسري، يكون من حق الزوجة اللجوء للمحكمة والمطالبة بحق أبناءها وإلزامه بالإنفاق عليهم، وذلك بعد فشلت محاولة حلها بالتراضي بالمجالس الودية الأسرية، فالامتناع عن نفقة الأبناء حرام شرعًا وسيحاسب أمام الله عنهم يوم القيامة”.

واستطرد: من خلال “الموقع” أنصح الآباء الذين انفصلوا عن زوجاتهم مراعاة الله في أولادهم فـ ” كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَعُولُ”، فأنت مكلف بالإنفاق عليهم فالرسول قال “كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن راعيته” المسئولية هنا لم تكن مسئولية مادية فقط ولكنها مسئولية تربوية تعليمية أيضًا وفي كل أمور حياتهم، أتقوا الله حتى لا يكون ضحاياكم أطفال معقدين ومرضى نفسيين.

في نفس السياق تعاونت عدد من الجهات في الدولة من أجل وقف هذا النزيف الذي يضيع ضحيته أطفال أبرياء ليس لهم ذنب في انفصال والديهما، تكاتفت بعض مؤسسات الدولة لوقف نزيف الطلاق، فقامت مشيخة الأزهر بتدشين وحدة “لم الشمل للصلح بين الأزواج” المختلفين حتى لا يصلوا لمرحلة الطلاق، كما أصدر الرئيس “السيسي” تكليفاته لإعداد المشروع القومي “مودة” لتوعية الشباب المقبلين على الزواج، الذى بدأ العمل به للحد من الارتفاع المطرد لحالات الطلاق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى