أراء ومقالاتالموقع

شريف عارف يكتب لـ”الموقع” .. ” مجانين” المنصات الرقمية!

الألفية الثالثة حملت الكثير من المفاجآت والتناقضات هذه حقيقة بدأت تلوح في السنوات الأخيرة قبل عقدين، مودعة القرن الماضي بكل ما فيه من حروب على الأرض، وأخرى باردة بين قطبي الكرة الأرضية. لكن الملفت هو الإعداد للخروج من كل ماهو تقليدي إلى كل ماهو جديد.

كان طبيعياً أن يكون الإعلام، ذلك الساحر المسيطر على عقول البشر، هو الأداة الأولى للتغيير ..وفي إحداث التغيير أيضاً.

كان الهدف هو خلق أجيال جديدة ومتمردة على كل شيء، بما في ذلك الإعلام نفسه. أن تتحول الأنظار من الإعلام التقليدي إلى النيو ميديا New Media ، وهو المصطلح التعريفي لكل وسائل الإعلام الحديث، التي تتم عبر ” الرقمنة” بداية من عملية التصوير وحتى البث.

كان طبيعاً أن تتلقف أجهزة المخابرات، هذه التكنولوجيا لتيسير إستخدامها ضمن أغراضها، فيما عُرف بحروب الجيلين الرابع والخامس.

المسرح هنا إتسع وأصبح الجمهور أكثر عدداً وكذلك الممثلون. وهنا تطلب الأمر نوعاً فريداً من الممثلين، يخرجون من بين الجمهور ثم يتحولون إلى قادة رأي وناشطين.

هذه هي المسألة بكل بساطة، لقد تحول كل عاطل أو حتى عامل إلى قاضي ومحقق وعالم، يقول ما يشاء ويفتي في أي قضية دون أسانيد، ويقدم أطروحات غالبيتها بعيدة عن الواقع ..وربما بعيدة عن الكون كله.
من السهل أن تجد من يتحدث في الطب ويستقبل المرضى ويستمع لهم ويعالجهم دون أن يكون مؤهلاً ، أو ربما ليس له علاقة بالطب من الأساس!

الأخطر هو ذلك التغيير الكبير في الثوابت المجتمعية والأعراف التي ترسخت. فربما كانت وسائل النيو ميديا أسرع تدميراً لكل ذلك.

الحديث في الدين كان أبرز محطات التغيير. ولم يكن التغيير هنا إيجابياً بل سلبياً لأبعد الحدود، بما ينذر أن ذلك كان مخططاً له قبل عقود طويلة. فإحياء الفتاوى المتطرفة وكذلك الموضوعات التي قتلت بحثاً في عصور قديمة، لم يجيء بمحض الصدفة وإنما كان ترتيباً مُعد من قبل.

كل هذا التحول كان مستهدفاً ، ولكن السيطرة عليه تبدأ من السيطرة على الحالة المزاجية للشخص المستخدم للسوشيال ميديا نفسها، بقياس حالته النفسية التي هو عليها الأن ، ثم بعد ذلك تطويرها بما يخدم المخطط العام للدولة أو المنطقة الموجود فيها.

الجنون فعلاً هو قناعة بعض الاشخاص، بإنهم يستطعون تغيير الكون عبر اجهزة الموبايل! ..

ولذلك لا تندهش عندما تجد كل هذا التضخم لشخص ما وهو يتحدث عبر برنامجه الخاص على منصته الرقمية. فكرة الحديث المباشر نفسها الأن أصبحث عبثية. الكل يريد أن يتحدث في كل شيء وأي شيء .. وعلى الناس أن تتقبل ذلك الجنون!

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى