أراء ومقالاتالموقع

شريف سمير يكتب لـ«الموقع» هاشتاج “رابعة ابتدائى”!

فى كل موسم دراسى ترتطم أفكار وزير التربية والتعليم الدكتور طارق شوقى بالصخور، وتتناثر شظاياها داخل كل بيت مصرى .. فكان “التابلت” بالونة اختبار الموسم الأول ليسهل على الطلاب التقاط المعلومة والتعامل السريع مع لغة العصر والتكنولوجيا بديلا عن أسلوب الورقة والقلم القديم .. وفسدت المحاولة تحت تأثير ضعف شبكات الإنترنت وعدم تحمل كثافة الاستخدام فاعتذرنا لـ “ورقة الامتحان”!.

والموسم التالى عزفت الوزارة على نغمة الـ “أون لاين” لمواكبة تطورات جائحة كورونا العصيبة، وتوفير آلية عملية للتحصيل وتلخيص المناهج .. وأيضا فشلت العملية لأخطاء وقصور فى أدوات الجراحة، وتعطلت عقول الصغار عن استيعاب المعلم، وشرحه الافتراضى عبر الشاشة الإلكترونية دون اتصال مباشر يمثل عصب وجوهر مهنة التدريس .. وبكى الأهالى على اللبن المسكوب، واعتبروا صفحة العام الماضى أخف خسائر الفيروس اللعين مقابل أرواح وصحة أبنائهم الأبرياء!.

ثم يهل علينا موسم ٢٠٢١ بموجة تسونامى عنيفة تجتاح الصف الرابع الابتدائى من أعاصير المواد الدراسية وطوفان من كتب الوزارة والعناصر الخارجية لإضافة مصدر للشرح والتفسير والتدريبات .. وتدفقت الاختبارات نصف الأسبوعية لتقييم الطلاب وحصد الدرجات، وتسابق المدرسون وأولياء الأمور على ذهن الطفل والطفلة لضخ المعلومة وتخزينها فى “الذاكرة السمكية” .. وبسرعة البرق انطلق هاشتاج “رابعة ابتدائى” على مواقع السوشيال ميديا سخرية واستغاثة من سيول الواجبات المنزلية والمراجعات اليومية التى تساوت مع مهام الغسيل والطهى وتنظيف الحجرات!.

وأضاءت صرخة الأمهات المكتومة، الفكرة فى الرأس، لنقذف بها هذه المرة إلى الحكومة ذاتها لعلها تفيد فى إصلاح هيكل المنظومة التعليمية .. فالمدرس أولا وأخيرا هو مفتاح شفرة كل هذه الاختراعات السابقة، ومنه تنجح التجربة وبقدراته تستمر أو تكتب نهايتها .. وبالتالى لابد أن تتبنى الدولة مبادرة الـ “مليون مدرس” أسوة بمبادرات أخرى توفرت لها مليارات الجنيهات وتحصنت بالرعاية السياسية ..

وتعتمد المبادرة المقترحة على بروتوكول تعاون صريح ومحدد بين الحكومة ومجموعة من رجال الأعمال “الوطنيين” يتضمن تكفل أثرياء مصر بتخصيص منح تدريبية فى الخارج لأوائل وأمهر المعلمين فى مدارسنا الحكومية والخاصة بصرة دورية على مدار العام الواحد إلى أن يبلغ الإجمالى مليون مدرس وفقا لجدول زمنى مرسوم ..

وتتركز المهمة على دراسة أحدث سبل التعليم فى العالم، وهضم فلسفتها، وامتصاص أفضل الوسائل لتوصيل المعلومة إلى النشء، ثم الاستفادة من خبرات المنح فى تحسين الأداء وتطوير إيقاع العلاقة بين المدرس والطالب والمنهج .. ويلتزم رجال الأعمال بهذا الاتفاق نظير تسهيلات ضريبية مريحة من الحكومة أو امتيازات تفوز بها مشروعاتهم وتخرج بها مؤسساتهم المرتبطة عضويا باقتصاد الدولة وشرايينه فى كل قطاع .. والمكسب فى النهاية للجميع، وأهمهم الأجيال التى تتشوق لنسمات التعليم العطرة، واختنقت من الروائح الكريهة!.

– وإذا ما نجحت الفكرة، وقتذئذ يمكننا محاسبة المقصرين والمتكاسلين بعد منحهم هذه الفرصة لعبور الحدود ومعايشة أجواء العالم المتقدم .. وأيضا يمكننا أن نشكر هاشتاج “رابعة ابتدائى” الذى فتح دربا آخر من دروب التعمير فى “الجمهورية الجديدة”!.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى