أراء ومقالاتالموقع

شريف سمير يكتب لـ«الموقع» من قتل «رودينا»؟!

هوايتي المفضلة على الفيسبوك هو التليجرافات العاجلة تعليقا على أي قضية سياسية أو قصة إنسانية عابرة . وفي إيجاز الكلمات والتكثيف التعبير أحيانا الخلاصة والرسالة الكافية . ولكن تبقى حالات بعينها تستفز قلمك وتستنفر مشاعرك وضميرك إلى حد أنك لا تقنع بأكبر مساحة لتسجل فيها شهادتك . وتبحث عن فضاءات أخرى ليبلغ صوتك أبعد مدى لعل أحدا يستجيب وينصف بُناءً على صرختك واستغاثتك!.
وكانت الطالبة “الشهيدة” رودينا أسامة هي أقرب حالة استدعت التوقف عندها ومناشدة كل مسؤول رسمي وكل جهة حكومية أن تنتبه لهذه الظاهرة التي لم يعد أمامها ضابط أو رابط . لقد فقدت المراهقة “رودينا” ذات الـ ١٦ عاما حياتها فجأة تحت أقدام أعين أسرتها تأثرا بكلمات مسمومة عن ملامحها طعنتها بها زميلاته في المدرسة، فارتمت الضحية في أحضان أهلها ولم تحتمل الإهانة، وصعدت روحها البريئة إلى السماء تاركة الحسرة تعتصر قلوب عائلتها ونار الغضب لا تعرف من يُطفئها!.
وفتحت الإدارة التعليمية التحقيق في الواقعة وتعهدت بمحاسبة الطلبة أبطال مشهد “التنمر الحقير”، بل وشددت في توصياتها على منع هذه المواقف وتحذير أي فرد من التورط فيها بشكل أو بآخر وإلا العقاب الرادع والقاسي في انتظار من يرتكب هذه الجريمة . والتحقيق الجنائي بداية القصيد، وليس نهايته . أما الإجراء العملي المطلوب هو اجتثاث هذا السلوك الشاذ تربويا من جذور بيئتنا الاجتماعية، والمسألة تقتضي حوارا مجتمعيا سريعا وعلى أعلى مستوى لتغليظ العقوبة على كل لسان يتلفظ بكلمة أو إيماءة أو إشارة تسيء إلى الآخر وتلحق به أي ضرر نفسي أو جرح لكرامته وآدميته . ومن قلب الحوار المفتوح إعلاميا وتحت مظلة الغطاء السياسي الحريص على السلام والأمن الاجتماعي، يشرع مجلس النواب “اليقظ” في سن قوانين الحماية وإعلان الحرب على كل مظاهر السخرية والاستهزاء سواء في الأماكن العامة أو ما يجري تداوله على المنصات الإلكترونية ولا بد من حظره قبل أن يمس من يقصده بسوء، وتلك مهمة القائمين على رقابة الإنترنت والفيديوهات المسجلة . ولا مانع أبدا من التصعيد إلى درجة الإعدام اقتداء بحالات الاغتصاب والقتل العمد والخيانة العظمى!.
إن ما حدث مع “رودينا” المتفوقة الطموحة في هدوء وسكينة قابل للتكرار والإعادة ما لم تتحرك الدولة والمجتمع معا في خندق واحد لمحاربة الفئران التي تختبئ في جحور الحقد وتتغذى على الكراهية ومنطق الاضطهاد . والتربية السليمة تنطلق دائما من البيت، وترعاها المدرسة وتروى بذورها، فنحصل على نشء يحفظ لسانه ويصون كلماته ولا يستطيع التفوه إلا بكل طيب وعذب . وإذا ما ظهر من بين الصالحين نبتة فاسدة، يقضون عليها على الفور ولا تنمو طالما المُعلِّم حاضر بالمراقبة و”عصا التقويم”، والأب والأم لا يغفلان عما يحيط بأبنائهما . ثم يحين دور القانون وتطبيق بنوده بصرامة وقبضة من حديد دون تراخٍ أو تقاعس . وسنقولها دائما : دولة العدل تقصف رقبة كل ظلم!.
– لا أظن أن سطوري المتواضعة تشفي غليل أهل “رودينا” بعد أن فارقتهم في لحظة، ولا يعوضها أبدا رثاء أو نداء . ولكنها دعوة صادقة عساها أن تُرشد أصحاب القرار  إلى الطرق والوسائل الناجعة التي تجبر الإنسان على ترويض تصرفاته وكبح جماح أقواله وأفعاله التي صارت تنافس البندقية والخنجر في إزهاق الأرواح وتهديد الحياة!.

اقرأ ايضا للكاتب

شريف سمير يكتب لـ«الموقع» رسائل الزلزال القاسية!

شريف سمير يكتب لـ«الموقع» كرسي النقابة!

شريف سمير يكتب لـ«الموقع» المواطن على “مائدة المنتدى”!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى