أراء ومقالاتالموقع

شريف سمير يكتب لـ«الموقع» مليارات عسل الدوحة!

نعيش جميعا أجواء كأس العالم داخل “مونديال الدوحة” في نسخة كروية جديدة مبهرة بالأقدام المعجزة والتمريرات السحرية والأهداف الرائعة .. ويقضى المتفرج أوقات المتعة والإثارة مع مباريات ذهنية ورؤى تكتيكية بين المدربين، وأرقام قياسية يسجلها كبار النجوم تتضافر مع صعود منحنى كوكبة من الشباب تصنع المجد من اللياقة البدنية المذهلة والمهارة الفنية النادرة.

ولأنها نهائيات كلها منافسة وشراسة هجومية وبسالة دفاعية طوال 90 دقيقة دون كلل أو تعب، تتصارع الدول على فرص الاستضافة واتباع شروط احتضان العُرس قبل التنظيم بأكثر من ٤ سنوات، طمعا في جني ثمار هذا الشرف مقدما، ثم الإنفاق السخي على الاستعدادات والتجهيزات الفنية والسياحية بما يستوعب أفواج الجماهير وأمواج المنتخبات الهادرة .. وبمجرد أن فازت قطر الشقيقة بالبطاقة “البريمو”، اغتنمت اللحظة وألقت بشباكها لاصطياد كل “قروش” المال والسياسة والإعلام بمناسبة الحدث الضخم .. ودفعت من خزينتها الراقدة فوق محيط “الذهب الأسود” 220 مليار دولار لإعادة هيكلة مشروعات البنية التحتية على مدار 11 عاما، منها إنشاء ملاعب جديدة مؤهلة بـ 7 مليارات دولار مع توافد ما بين مليون و200 ألف ومليون و 700
ألف مشجع .. ويغازل صندوق النقد الدولي ووكالة بلومبيرج “العريس الخليجي” بتوقعات تحقيق عائدات مالية من تنظيم كأس العالم تقدر بعشرات المليارات من الدولارات، وصولا إلى قفزة هائلة في الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي تستقبلها الدوحة بعد “مونديال القرن” .. واتسعت المعدة القطرية لتصبح مركزا إقليميا للأعمال، وقبلة سياحية مدهشة مع ارتفاع أعداد الزوار الأجانب ليصل إلى 3 أمثال المستوى الراهن، بواقع 6 ملايين سائح سنويا بحلول عام 2030.

من حق أي دولة أن تستغل مواردها وتُوجِّه بنود ميزانيتها نحو مسارات سياسية واقتصادية تفيد وضعها وتمنحه مكانة مرموقة بين العالم .. وليس تدخلا في شؤون إدارة هذه الموارد بقدر ما هي نصيحة مخلصة ورغبة صادقة وأمينة في أن ينتصر أشقاؤنا العرب والمسلمون لقيم إنسانية وقضايا مصيرية تفوق في ضروراتها وجوهرها مهرجانات الفن الحمراء وسحب الرياضة البيضاء .. فما يمر به مسلمو آسيا في مشاهد “الروهينجا” على ضفاف بورما، و”الإيغور” في أحراش الصين من انتهاكات واغتصاب حقوق وإهدار كرامة يحرض على التبرع وسرعة الإنقاذ ولو بدولار واحد!.

وما بين مآسي سوء التغذية والمجاعة في اليمن، وتدفق ملايين اللاجئين السوريين على شواطئ أوروبا وشوارع العواصم العربية والعالمية بحثا عن الحياة والرزق، ودخول لبنان والعراق في نفق مظلم من الفساد السياسي وارتباطه بالانهيار المالي وصولا إلى الإفلاس الوشيك، وتصدع القارة الأفريقية بين الشمال المضطرب، والجنوب المقهور بالغزو الخارجي ونهب الثروات والكنوز في الداخل، تقف “مليارات المونديال” شاردة تغرد خارج السرب وتُسعد ملايين فوق جثث ودموع ملايين يتشوقون إلى أطواق نجاة من نيران الحروب والإبادة الجماعية وحلقات الجوع والفقر والمرض.

– أيام وينتهى شهر العسل الكروي، ويستنشق الشقيق القطري نسيم عوائده ويحتسي رحيق فوائده .. وما تكلفه من فواتير باهظة ليعبر التاريخ وفىَّ بالغرض وسجَّل الهدف الذهبي، وبعد الحصاد وقطف أضعاف ما تم إنفاقه في الأعوام الماضية، من الحكمة والعدل أيضا هنا أن تذهب نسبة مريحة ووفيرة من أرباح “صفقة المونديال” إلى إغاثة الشعوب المقهورة والأقليات المظلومة وإعلاء مبادئ الحق والسلام والأمان على ظهر كوكب يحكمه طغيان الإنسان يوميا .. ومليار دولار واحد فقط كفيل بحماية مليار روح من الموت، ومنح مليار طفل الحياة .. ومكاسب هذه الخطوة سريعة ومفيدة وترفع قيمة الأنظمة وسعر الأمم أمام العالم .. والتاريخ .. وأمام الله أولا وأخيرا!.

اقرأ ايضا للكاتب

شريف سمير يكتب لـ«الموقع» المنحة يا ريس!!

شريف سمير يكتب لـ«الموقع» الضيف الأمريكي على أرض السلام!

شريف سمير يكتب لـ«الموقع» بيبي ولولا!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى