عند أى اكتشاف علمى مذهل، نتوقف مع صاحب المشروع ونتعرض لمشواره التراكمى وكيف بلغ المجد وأصاب الهدف .. وهذه المرة ترشدنا الحالة الإبداعية الفريدة إلى من يستحق أن نلتفت إليه ونشيد بإنجازه ونصافحه بحرارة وإجلال لبراعته فى القيادة وصبره على إدارة فريق عمله بالكامل!.
وبمجرد أن وقع الاختيار على الباحثة المصرية سليلة البحيرة أميرة فيالة ضمن أهم ٤٠ عالما وطبيبا تحت سن الـ٤٠ للعام الحالى بتزكية من الجمعية الأمريكية لعلم الأمراض السريرى “ASCP”، تبارت الصحف والنشرات العلمية والرأى العام العالمى لمعرفة أسباب الترشح والتصنيف، لنكتشف “جمالا فرعونيا” من طراز خاص استطاع أن يكتب علاجا لمرض السرطان بدون كيماوى، من خلال خلايا جذعية تنمو من جديد عن طريق الجينات، وهذا النوع من الخلايا ينحرف عن مساره، ويعكف الفريق البحثى الذى يضم “أميرة” على إعادته إلى مساره الطبيعى .. والمهم فى هذا الإعجاز الطبى هو فلسفة “الفريق البحثى” .. المصطلح الذى يقود إلى النهضة العلمية والحضارية، ومن روح الجماعة تتولد المادة الخام للتميز والابتكار، والباحثة الإسكندرانية الأصيلة فرد من كتيبة لاتضن على البحث العلمى بالجهد والمال والأعصاب غير عابئة بمعوقات الروتين والميزانيات الضئيلة والمعامل المُهمَلة، والمايسترو الجواهرجى لهذه الآلات البشرية النبيلة هو الدكتور
أحمد سلطان أستاذ الكيمياء الحيوية والبيولوجيا الجزيئية ورئيس قسم الكيمياء الحيوية السابق فى كلية العلوم بجامعة الإسكندرية .. وهو الشخص الذى من المفترض أن يحظى بكل التقدير والحفاوة، ويفوز بنصيب الأسد من الأضواء الإعلامية وجوائز التكريم علميا وماديا .. ونحن هنا لانبخس حق وعطاء ابنتنا “أميرة” أو أى عضو من فريق العمل الرائع، فما قدموه يبعث على الفخر والاعتزاز، ويحفز الدولة على رعايتهم وفتح أبواب الطموح “المؤصدة” .. وإنما نحلم بمضاعفة أمثال الدكتور سلطان ممن يجمعون بين ذكاء العالم ومهارة الربان .. ويالها من معادلة كيميائية لايصنع تركيبتها إلا من يتمتع بملكات نادرة فى قيادة الأفكار وترتيب الاختصاصات وتوزيع المهام بدقة وعقل منظم على كتيبة البحث وفقا للفروق الفردية وبأسلوب يحتوى المشاكل ويفرز مُناخا صحيا للتعاون والطاقة الإيجابية!.
إن ما نجح فيه “قبطان المعمل” هو الدرس الأهم من عظمة الوصول إلى علاج وقائى من أشد الأمراض فتكا وتاريخا .. لأنه غرس البذرة التى طرحت الشجرة، وروى الروح التى منحت الحياة والعافية للعقل فأبدع وصار أنفع، وأصر على تحطيم أى صخرة تحدى مع كوادره المتفوقة ليحصدوا معا المركز الأول والثانى لأفضل الأبحاث فى الأورام السرطانية عن قارة إفريقيا عام ٢٠١٧، وتربح “أميرة” فى العام التالى درجة الدكتوراة بناء على رسالتها حول علاج الخلايا الجذعية السرطانية الكبدية، وصولا إلى فوزها عام ٢٠٢٠ بجائزة التميز فى إدارة المعامل البحثية والتحاليل الطبية.
وباعتراف “عروس المتوسط” ذاتها، ما كان لها أن تسجل كل هذه الدرجات النهائية وتتبوأ هذه المكانة العلمية المرموقة لولا انصهارها مع فريق عمل متكامل ومتجانس وتسود بين أفراده علاقات الأخوة والمحبة والاحترام قبل القدرات الذهنية والكفاءات فى التحصيل والتعلم .. وبحكمة وأخلاق “نوح المصرى” لابد وأن تكون النتيجة أعظم “سفينة علم” تبحر وتعبر المحيطات بـ “شراع” الشرف والنبل ومحركاتها مصنوعة من “ذهب النيل” الفولاذى!.
– دعونا نخلد إلى الفراش ونحلم دائما بـ “سفينة سلطان” فى بحار الظلمات التى ما زلنا نغرق فى أمواجها ونواتها العنيفة .. وفى كل مجال، نتحين لحظة ظهورها ولو من منظار بعيد!.
اقرأ ايضا للكاتب
شريف سمير يكتب لـ«الموقع» سيمفونية «الصف الابتدائي»!
شريف سمير يكتب لـ«الموقع» عار «المسنين» !
شريف سمير يكتب لـ«الموقع» مشروع «مو» القومي!