أراء ومقالاتالموقع

شريف سمير يكتب لـ«الموقع» بيبي ولولا!

لا يمل المرء أبدا من مشاهدة الفيلم اللذيذ “عنتر ولبلب” بين العملاق الرائع سراج منير والجوكر البديع محمود شكوكو .. مباراة في الأداء والتنافس على الكوميديا الراقية مليئة بالمهارات الفردية ومُتعة “الفُرجة” .. ومن ذا الذي ينسى الصفعات السبعة من العصامي الذكي على وجه البرميل المنتفخ من الغرور والقوة الهُلامية؟!.. ولا أعرف لماذا تذكرت تفاصيل هذه النسخة المصرية المدهشة من “توم وجيري” أثناء متابعة العالم لأهم حدثين

سياسييْن منذ أيام تفصلهما مسافة القطبين الشمالي والجنوبي، وتجمعهما خيط السياسة الرفيع .. الأول في البرازيل لإعادة انتخاب الرئيس اليساري المُلهم لولا دا سيلفا، والثاني داخل تل أبيب حيث حسم اسم رئيس الحكومة الإسرائيلية الجديدة ليفوز بعد خامس انتخابات مبكرة خلال ٣ أعوام صقر الليكود الشرس بنيامين نتنياهو.

قد يُشبه نموذج “لبلب” ما صنعه “إصبع” لولا المعجزة من قرارات سياسية جريئة وإنجازات اقتصادية مضيئة قفز منها ببلاده إلى صفوف الدول المتقدمة خلال فترتي ولايته الرئاسية، وهو المناضل الثوري منذ صغره وأمضى حياته في مهن قاسية كماسح أحذية، وبائع متجول، وصبى مكوجي، وعندما ترقى في عمله صار مساعدا في مكتب .. وشق طريقه بمشوار “الألف ميل” نحو ممارسة السياسة انطلاقا من العمل النقابي وقيادة الإضرابات العمالية الكبرى في نهاية السبعينات ليصبح زعيما مخلصا لقضية زملائه ويتحدى السلطة وزنازين الاعتقال بتكوين أول حزب اشتراكي في تاريخ البرازيل تحت اسم “حزب العمال”، ثم يحمله حزب الشعب إلى القصر الرئاسي رغم خسارة الانتخابات ٣ مرات، ولكنه الإصرار وروح العزيمة حتى تولى السلطة رسميا عام ٢٠٠٢، ليدخل التاريخ بصفته أول عامل سابق يجلس على عرش “السامبا”!.

وتسلَّح لولا العنيد بجماهيره وإيمانها بشرف نضاله وسيرته العطرة بالعرق والكفاح، ونجح باقتدار وذكاء في استقطاب اللاعبين الاقتصاديين الكبار في الداخل والخارج إلى معسكره، مع التزامه بقضايا الفقراء، والدفاع عن مبادئ النزاهة ومحاربة الفساد في أروقة الحكم، وتشجيع البسطاء على الانخراط في العمل السياسي.

وخلال فترة حكمه، شهدت البرازيل طفرة اقتصادية مدفوعة بارتفاع أسعار المواد الخام، وتخلص الملايين من قيود الفقر ليرتقوا إلى الطبقة الوسطى بفضل ضخ الحكومة مليارات الدولارات في البرامج الاجتماعية، لمحو الفجوة الطبقية، وبما ساهم في الحفاظ على استقرار الدولة الاقتصادي وتحقيق فائض مالي في الموازنة العامة، فضلا عن احتياطيات نفطية كبيرة وتتويج المسيرة باستضافة كأس العالم عام ٢٠١٤ أوليمبياد ٢٠١٦.

أما اليهودي “عنتر” فلا يزال باحثا عن وسيلة للانتقام من “صفعات” الخصوم السياسيين خلال السنوات السابقة، ومع كل ضربة على الوجه المتبلد تطفو على السطح فضائح فساد مالي واستغلال نفوذ تطيح بسمعته وتسحب من أسهمه ورصيده .. ويتشبث “بيبي” الليكود بمقاعد الكنيسيت ليعود إلى بؤرة الضوء التي أدمنها ولم يعد قادرا على التفريط فيها، ويُسخِّر صلاحياته وشهوة العنف والدم لاغتصاب أراضي الغير وابتلاع الحقوق المشروعة لتعويض خسائر الداخل والتغطية على فشله السياسي وانتكاساته الاقتصادية، ومن ثمَّ يواجه مصير السقوط مع كل لطمة يتلقاها، وينهض واقفا مترنحا من الدوار وفقدان الاتزان في انتظار المزيد من “صفعات التاريخ”!.

– بدأت قصة “بيبي ولولا” بفصول سياسية جديدة مستوحاة من الماضي، وترسم مستقبل أُمتين .. واحدة تعيش على القتل وترتوي شرايينها من العنف والدمار، وأخرى عنوان نهضتها وخلودها “العرق العصامي” والصعود الشريف!.

اقرأ ايضا للكاتب…

شريف سمير بكتب لـ«الموقع» شريط الحكومة ورجل الأعمال!

شريف سمير يكتب لـ«الموقع» الكتاكيت أرحم من «حسام وشيرين»!

شريف سمير يكتب لـ«الموقع» جنود مجهولون في “الجيش الأبيض”!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى