أراء ومقالاتالموقع

شريف سمير يكتب لـ«الموقع» المنحة يا ريس!!

منذ ٣٠ عاما .. كانت العلاوة الاجتماعية مصدر سعادة لكل موظف بسيط أو عامل أجير .. وكنا جميعا بمختلف شرائح المجتمع وطبقاته المتوسطة نزهو بـ “حفنة” جنيهات يعود بها المواطن من خزينة الصراف في العمل إلى منزله ليشعر مع أسرته بالأمان و”ظل” الحياة الهادئة القانعة .. أما الآن، فقد فقدت كلمة “العلاوة” بريقها داخل البيت المصري وصارت مادة للسخرية والتهكم من قيمتها أكثر من كونها فرصة لتخفيف الأعباء الطاحنة وإذابة جليد “الإرهاق المادي”!.
٣٠٠ جنيه .. رقم أضافته أيادي الحكومة البيضاء على شريط الراتب الشهري للموظفين والعاملين بالدولة لمواجهة غلاء المعيشة .. بينما الأسعار تتوحش بارتفاعها المضاعف المرعب، والسلع الأساسية تتضاءل كمياتها في الأسواق لأسباب خفية، وتقتضى مزيدا من الرقابة الإدارية الصارمة ويقظة الضمير .. ومطالب الأبناء من الآباء والأمهات تتصاعد من دروس خصوصية وهدايا شبه يومية واشتراكات أندية وأكاديميات لممارسة الرياضة الضرورية للقضاء على شبح الإنترنت الزاحف على الطاقة النفسية والذهنية بشراسة .. فضلا عن رسوم النظافة وبطاقة الكهرباء التي التصقت بعداد المنازل، و”جالون” البنزين الذي يرغب في الامتلاء كل كيلومتر تخطوها سيارة المواطن المستهلكة في رحلات المدارس وتمارين الأطفال وجولات السناتر الحارقة!.
فماذا عساه أن يفعل مبلغ الـ “٣٠٠ جنيه” أمام هذه الترسانة اليومية من المسؤوليات والالتزامات التي أصبحت من الضرورات وليس الكماليات؟! .. والمدهش أن فئة من الموظفين باتت محرومة من هذه العلاوة الاستثنائية بجرة قلم من القانون لمجرد أنهم ينتمون إلى شركات قطاع الأعمال، ولا ينطبق عليهم شروط المنحة الحكومية، وهم لا ذنب لهم في وجودهم وارتباط أرزاقهم بمؤسسات وكيانات خاسرة وتستحق التصفية والتسريح .. وكونهم يحملون الجنسية المصرية ويتمتعون بكافة الحقوق والواجبات، ويتشوقون إلى “أي مليم” لحماية عائلاتهم من الانهيار .. فالعدالة تقتضي تصويب القرار المُجحف وإنصاف هؤلاء العمال المقهورين تحت وطأة العقود المؤقتة والأجر باليومية، ولابد من مساواتهم بكل العاملين في الخدمة المدنية وقطاعات الدولة الرسمية!.
أما العلاوة في حد ذاتها، فالتعامل معها من جانب الدولة يحتاج إلى مسار آخر لتستعيد قيمتها الغائبة وتأثيرها المحمود .. وتشوهات الأجور ورواتب المصريين بكل درجاتهم الوظيفية هو بيت القصيد ومدخل التغيير الجذري، والموقف يحفز الحكومة على إجراء دراسة علمية شاملة تعكف على تحسين الدخل الشهري بحيث يحصل الموظف على ما يكفيه وأسرته ويضمن له الحد الأدنى من “الحياة الكريمة” .. ويتقرر مضاعفة وتخصيص الحوافز والأبناط والمكافآت الخاصة للنوعية المتميزة من واقع أدائها وتقارير رؤسائها الموضوعية التي لا تقبل المجاملة أو تخضع للمحسوبية والتحيز بـ “معيار الولاء” .. وهذا هو الدور الحقيقي والمهمة الجوهرية الأولى لجهاز التنظيم والإدارة بالتنسيق مع الجهاز المركزي للمحاسبات، والنجاح في تعظيم موارد كل مؤسسة ومصادر كل شركة أو قطاع ليستفيد منها في النهاية الغفير والوزير معا لا يقل أهمية ووطنية من محاربة الفساد وتطهير أماكن العمل من اللصوص والمنتفعين و”شلة” الكسالى والعاطلين!.
– زمان كنا نهتف في حرارة :”المنحة يا ريس” .. وكانت تكفينا وتُشبع صغارنا وكبارنا .. أما منحة اليوم لها شروط ومواصفات وهيكلة دقيقة تمنع الإنسان من اتباع طريق الرشوة وشراء الذمة لسد احتياجاته .. وتخلق منه موظفا نزيهاً .. وعائلا شريفاً!.

اقرأ ايضا للكاتب

شريف سمير يكتب لـ«الموقع» الضيف الأمريكي على أرض السلام!

شريف سمير يكتب لـ«الموقع» بيبي ولولا!

شريف سمير بكتب لـ«الموقع» شريط الحكومة ورجل الأعمال!

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى