أراء ومقالاتالموقع

شريف سمير يكتب لـ«الموقع» المدرسة والجامعة .. إلى السلطة!

مرَّ أقل من عام على توليه الحكم، ولا يزال اليساري الثائر جبراييل بوريك ملهما للشباب وقدوة لكل طموح يتجرأ على منافسة الكبار والمخضرمين من صقور السياسة للفوز بثقة الشعب والجلوس على عرش السلطة في تشيلي أعرق دول أمريكا اللاتينية .. وأكثرها شغبا ومشاكسة!.

وليس مُهما الوصول إلى الهدف بقدر أهمية الوسيلة أو الطريق الذي سلكه الإنسان لبلوغ مقصده وتحقيق حلمه .. فقد لمع اسم الشاب “بوريك” مبكرا وهو طالب في الثانوية، يحمل تحت جلده وبداخل عقله الناضج قدرات قيادة أكبر من عمره، وكرس المراهق ابن الـ ١٤ عاما حياته وتركيزه للعمل النقابي في المدارس، وشارك بين عامي ١٩٩٩ و ٢٠٠٠ في إعادة إنشاء اتحاد طلاب المدارس الثانوية في مدينة بونتا أريناس .. وبمجرد اختراقه أسوار الجامعة أصبح مؤهلا لممارسة هذا الدور السياسي، وانضم فورا إلى نقابة “اليسار السياسي الجماعي”، ليصير مستشارًا لاتحاد الطلاب في قسم القانون عام ٢٠٠٨، ثم رئيسا عام ٢٠٠٩ .. وبرزت مشاركته في أكثر الاحتجاجات الطلابية التي بدأت عام ٢٠١١، لييتم تصعيده كأحد المتحدثين الرئيسيين باسم اتحاد الطلاب التشيليين، أكبر نقابة طلابية في البلاد، وتم إدراجه عام ٢٠١٢ في قائمة ١٠٠

من القادة الشباب، في تصنيف فتح الباب أمامه ليتوغل في بحر السياسة، ولا يتردد في طرح اسمه وبرنامجه لإصلاح المجتمع من خلال معركة الانتخابات البرلمانية عام ٢٠١٣ كمرشح مستقل .. ونجح الشاب بوريك بأغلبية كبيرة حاصدا أعلى رقم يحصل عليه أي مرشح في المنطقة .. وقضى ولاية حافلة بالنشاط، شغل خلالها منصب عضو في لجان حقوق الإنسان بالبرلمان، وساهمت بصماته في إعادة انتخابه عام ٢٠١٧،
بأغلبية مضاعفة، ليحطم رقما قياسيا جديد في أعداد ناخبيه .. وسمحت قاعدته الشعبية بانتقاله إلى ماراثون الرئاسة في عام ٢٠٢١ ليطيح بغريمه اليميني خوسيه أنطونيو كاست، ويبدأ مشوار الألف ميل رئيسا للبلاد بكل أزماتها وعواصفها!.
من هذه القصة، نستخلص أهمية وضرورة تصعيد الشباب إلى سلم العمل العام من درجة المدرسة بتطبيق معايير ممارسة الحياة السياسية وغرس بذور الديمقراطية والتفكير العملي في مستقبل الأمة منذ نعومة أظافر مرحلة المراهقة .. فالطلاب في هذه المرحلة العمرية يمتعون بخصوبة في الأفكار وطاقات فعل وتغيير كامنة وتحتاج إلى التفجير والانصهار مع مشاكل وقضايا أوطانهم .. وتربية عقل وانتماء الفرد على تحديات مجتمعه ومصير وطنه، أفضل سلاح حماية ومورد تنمية .. فضلا عن ذكاء النظام السياسي في احتواء حماس الشباب بمختلف شرائحهم الاجتماعية ومستوياتهم الثقافية، وتوجيهها في مسار الإصلاح وتصدير الكوادر المفيدة إلى أعلى المناصب القيادية بعد أن جرى صقلها وتكوين نواتها الصالحة فيما ينفع أي استراتيجية تطوير وبناء!.

إذا نظرنا إلى مرحلة الثانوية بعين الاحترام والكرامة، ربحنا عناصر مبهرة قادرة على العطاء وإحراز الإنجازات وكسر “تابوهات” الشيخوخة والتصلب المعرفي .. ولسنا بحاجة لـ “تذكرة طيران” إلى تشيلي لنعيش على أرضها، ونستورد منها أجيالا وصلت إلى السلطة وقادت بلادها وشعبها من “رحم” المدرسة .. و”بوابة” الجامعة!.

اقرأ ايضا للكاتب: 

شريف سمير يكتب لـ«الموقع» شراع «أميرة» فى “سفينة سلطان”!

شريف سمير يكتب لـ«الموقع» سيمفونية «الصف الابتدائي»!

شريف سمير يكتب لـ«الموقع» عار «المسنين» !

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى