أراء ومقالاتالموقع

شريف سمير يكتب لـ«الموقع» أمناء العلم في وطن بلا أشرار!

وسط موجات الترددات الهابطة وروائح الجهل الكريهة، يفوح “عبير” التفوق الدراسي والنبوغ العلمي من عريس المنيا الدكتور الشاب ماركو يوسف زكي .

ذلك البروفيسور العبقري الذي تصدر قائمة ١٤٤ باحثا عالميا من شتى أنحاء بلاد العالم، وفاز بجائزة “نيوتن” البريطانية في تطوير الطب الحديث، بعد أن توصل إلى “جين” يقضي تماما على مرض سرطان الكبد . والخبر في حد ذاته قديم ومر عليه أكثر من عامين، نظرا لأن المسابقة الكبرى انطلقت عام ٢٠٢٠، ولكن عندما حصل “ماكو” على ٢٠٠ ألف جنيه إسترليني قيمة الجائزة، قرر التبرع بها بالكامل لإنشاء معمل في كلية الصيدلة جامعة المنيا لاستكمال أبحاثه وتطوير اختراعاته!.

لم يتردد الباحث الصاعد في التضحية بهذا المبلغ السخي من أجل العلم، ولم يُبالِ بشراء شقة فاخرة أو سيارة أحدث موديل أو اقتناء قطعة أرض، وإنما وهب جائزته إلى ما هو أكثر قيمة ورفعة وخدمة للبشرية . وببناء المعمل الجديد ينمو حلمه وبذرة طموحه لمزيد من الأبحاث والاكتشافات وتذليل العقبات أمام أي فكرة نبيلة تقاوم الفيروسات وتتحدى الأوبئة والأمراض مهما بلغت درجة خطورتها وآثارها الخبيثة.

وكثيرا ما أضع نفسي في موقع المسؤول الرسمي أمام تلك المواقف والعلامات المضيئة وأتساءل :”ماذا أفعل لكي تصبح هذه النماذج قابلة للتكرار والتعميم؟! . كيف نكافئها عمليا ونرتقي بأحوالها ليظهر العشرات من الموهوبين والمتميزين ويتمتعوا بكل الامتيازات والصلاحيات؟!” . وكثيرا أيضا أتعاطى حبوب الشجاعة وأُصدر قرارا سياديا بتصعيد أمثال “ماركو” إلى أعلى المراكز القيادية في مجال تخصصهم، ومنحهم درجة “رئيس جمهورية” لاتخاذ أي قرار من شأنه تطوير الحركة العلمية وحماية أي مشروع برَّاق من الانهيار أو الإحباط!.

فإذا كان قرار مضاعفة ميزانية البحث العلمي في مصر مرهونا بـ “حسابات” سياسية واعتبارات عالمية تفوق القدرات وتُكبِّل الإرادة، فما زلنا نملك حقنا في تصدير الكفاءات إلى المشهد وبؤرة الضوء، وبأيدينا أن نجدد الثقة في أبنائنا ليعملوا ويبدعوا ويجتهدوا داخل حدود الوطن، وكفانا وكفاهم استفادة الآخرين من نهر عطائهم الوفير وتحليق أجنحتهم في المهجر، بينما نحن غارقون في التخلف واضمحلال الفكر والثقافة وجفاف بيئة التعليم .

ونحن هنا لا نطالب مجددا برعاية أبحاث واختراعات شباب الباحثين والعلماء، على الرغم من أن المسألة فريضة تقتضيها نهضة المجتمع وتطوره الطبيعي . ولكننا نشدد على أهمية أن يحظى كل عبقري وكل ذي بصمة وفعل بمكانته التي يستحقها . ويجلس فوق المقعد الجدير به . وينال الفرصة التي تفتح أمامه أبواب الأمل والإصلاح ليحل محل أبواق الفشل وحاشية الفساد والادعاء . ويظل هذا هو التكريم المثالي الذي ينتظره ويتشوق إليه أبناؤنا بعلمهم وعرقهم وخيالهم الخصب!.

– سلِّموا مفاتيح السلطة والقرار لـ “أمناء العلم” الأبرار . فنحصل جميعا على وطن بلا حمقى . وأشرار!.

اقرأ ايضا للكاتب

شريف سمير يكتب لـ«الموقع» من قتل «رودينا»؟!

شريف سمير يكتب لـ«الموقع» رسائل الزلزال القاسية!

شريف سمير يكتب لـ«الموقع» كرسي النقابة!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى