الموقعتحقيقات وتقارير

رافال وخطوط حمراء.. كيف أنقذت “مطرقة” السيسي ليبيا من الخراب والمرتزقة؟.. “الموقع” يجيب

خبراء: الرئيس برهن علي دور مصر الريادي

كتبت – علا خطاب

تمتد العلاقات بين مصر وليبيا عبر التاريخ، وكأن كل منهما خلق من ضلع الآخر، فعلي مضي الزمن ظل القلب الليبي يخفق شرقًا نحو أرض الفراعنة، بالمقابل سعت مصر وقياداتها لصد أي عدوان علي الأراضي الليبية وكذلك محاولاتها لإرساء السلام والاستقرار علي أوضاعها، لاسيما تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي أعتبر ليبيا وأوضاعها أولوية حاضرة بقوة علي أجندته السياسية.

ومنذ عام 2011، وعلي مدي عشر سنوات، وتحديدًا بعد مقتل الرئيس معمر القذافي في أكتوبر من نفس العام، عانت ليبيا من انقسامات داخلية أدت إلى حرب أهلية، ما جعل الفرصة سانحة لتدخلات دولية وإقليمية تبحث عن مصالحها.

بالمقابل حاولت مصر التصدي لأي عدوان خارجي على الشعب الليبي، وسعت لإرساء هدنة بين طرفي الصراع، رئيس حكومة الوفاق وقتها فايز السراج، وقائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، فعدم استقرار الأوضاع داخل الأراضي الليبية يعتبر تهديداً مباشر اً للأمن القومي المصري، حيث تعتبر ليبيا عمق استراتيجي للبلاد.

المحافل الدولية

منذ تولي الرئيس “السيسي” رئاسة البلاد، لم يذخر جهدًا لحل الأزمة الليبية، وايصال ملف الأزمة إلى المحافل الدولية ومشاركة الحلفاء الإقليمين في الوضع الليبي، ففي نفس عام تولي الرئيس الحكم، تأسست مجموعة دول الجوار الليبي، التي ضمت مصر والجزائر وتونس، في أثناء القمة الأفريقية في غينيا الاستوائية، بغرض تقديم الدعم السياسي والأمني لليبيا .
بينما في عام 2015،ساهمت مصر في القضاء على بؤر تنظيم داعش الإرهابي في ليبيا، عن طريق شن القوات المسلحة عدة غارات في العمق الليبي على مواقع لداعش في كل من سرت ودرنة في أعقاب قتل التنظيم عددا من المصريين الأقباط.
واستمرارًا لدعم الأمن الليبي، شنت مصر غارات أخرى عام 2017 على درنة، مُعلنه أن الضربة استهدفت مجلس شورى مجاهدي درنة، بعد قتله عشرات الأقباط خلال استقلالهم لحافلة في محافظة المنيا.

وفي أعقاب التدخل التركي في ليبيا، بعد توقيع اتفاقية التعاون بين الرئيس رجب طيب أردوغان وفايز السراج، في نوفمبر 2019، بحث الرئيس “السيسي” مع أعضاء مجلس الأمن الدولي مخاطر وعقبات التدخل الخارجي في ليبيا، مؤكدًا أن هذا التدخل سيؤثر سلباً في استقرار منطقة البحر المتوسط، وأن تركيا ستتحمل مسؤولية ذلك كاملة.

خطوط حمراء في يونيو العام الماضي وجه الرئيس عبد الفتاح السيسى رسائل قوية وحاسمة إلى الأطراف المعتدية على سلامة ليبيا وخاصة الميليشيات المسلحة والمرتزقة المنتشرين في البلاد، وأوضح الرئيس أن مصر تكن كل الاحترام والتقدير لليبيا ولم تتدخل يوما في شؤونها الداخلية ومستعدة لتقديم الدعم من أجل استقرارها.

وتأكيد الرئيس بأن سرت والجفرة خط أحمر لا يمكن أن تقبل مصر بتهديده، وشكل هذا التصريح نقطة فارقة في الأزمة الليبية وأظهرت قوة اليد المصرية وأجبرت المرتزقة على التوقف وأجهضت محاولات سرقة ليبيا وفتحت الباب للحل السياسي مع ظهور جدية التهديد المصري.

علاوة علي مشاركة في مصر فى مؤتمر برلين لحل الأزمة الليبية وتأكيدها أنه لا مصلحة لأحد في أن تتحول ليبيا إلى بلد تتخطفه الأزمات وتمزقه الصراعات، وأن تصبح مصدرا للتهديدات الإرهابية.

أما في يونيو من العام الماضي، أعلنت مصر مبادرة “إعلان القاهرة”، لمحاصرة أطماع تركيا في ليبيا، التي لاقت تأييدا دوليا وإقليميا واسعا، لما تسعى إليه من تأكيد على وحدة وسلامة الأراضي الليبية واستقلالها واحترام الاتفاقات الدولية كافة، بالإضافة إلى إعلان وقف إطلاق النار.
واشادة بجهود القيادة المصرية بشأن الازمة الليبية، أثنت المبعوثة الأممية لدى ليبيا، ستيفاني وليامز، في اوائل العام الجاري، بالجهود المصرية لحلحلة الأزمة الليبية وحرص القيادة المصرية على استقرار ليبيا.

وذلك خلال كلمة لها عبر الانترنت خلال اجتماعات المسار الدستوري لوفدي البرلمان ومجلس الدولة بشأن الترتيبات الدستورية المؤدية إلى الانتخابات العامة في 24 ديسمبر المقبل، والتي استضافتها مصر في إطار حرص القيادة السياسية على إنهاء معاناة الشعب الليبي، ووضع الأسس الدستورية المستقبلية في ليبيا .

بعد “إعلان القاهرة”

بدأت مصر تحركات سياسية، بعد صدور “اعلان القاهرة”، حيث تواصلت مع القوى الإقليمية والدولية كالولايات المتحدة وإيطاليا وفرنسا، من أجل إعطاء هذا الإعلان قوة دفع وزخم، وبالفعل رحب العالم بهذا الإعلان الذي أصبح مرجعية أساسية لحل الأزمة الليبية.

ومع تسلم الحكومة الليبية الجديدة، بقيادة عبد الحميد الدبيبة، بدأت البلاد عصر جديد، بجهود مصرية، حيث عكست أول زيارة خارجية لرئيس الحكومة الانتقالية الليبية ، للقاهرة، مدي الدور التي تلعبها الأخيرة في هذا الملف، وهو ما أكد عليه السفير أحمد القويسني، مساعد وزير الخارجية الأسبق، بقوله أن مصر تسعي دائمًا لاستقرار الأوضاع في ليبيا، حيث من المصلحة القومية المصرية أن يكون الاقليمي الليبي مستقر.

ونوه “القويسني” في تصريحات سابقة لـ”الموقع“، أن اذا مثلت الحكومة الجديدة في ليبيا بشكل حقيقي وفعال مجمل الجغرافيا الليبية، وأدركت مقتضيات الجغرافيا السياسية والتراث الحضاري والأمن القومي العربي، وسيطرت علي الأقليم، فهذا ما تتمناه مصر، بل من ضمن الأهداف الاستيراتيجية لدي الادارة السياسية، وعندها سينتهي عصر الكتائب والمليشيات في ليبيا، والتمزق بين الشرق والغرب، وسيساهم ذلك في حماية الحدود الليبية الممتدة.

ويواجه رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة الذي أدى ووزراء حكومته اليمين الدستورية أمام البرلمان، مارس الماضي، مهاما صعبة تتمثل في إخراج البلاد من عقد من الفوضى وإنهاء الانقسام.

وعلي مدار السنوات الخمس الماضية، استقبلت القاهرة كل الفصائل الليبية، ووقفت على مسافة واحدة من المتحاربين، لتبرهن علي دورها الريادي وحرصها علي أمن واستقرار امتدادها التاريخي.

انحسار الدور التركي

بالمقابل، مثل حضور مصر القوي في ليبيا ازعاج لطموحات وأطماع تركيا في الأراضي الليبية، وذلك من توقيع مذكرة التفاهم افي إسطنبول بين فايز السراج والحكومة التركية حول التعاون الأمني والعسكري، وهو ما رفضته مصر بقوة حينها.

وهو ما أشارت إليه صحيفة “الجارديان” البريطانية، في تقرير سابق لها، بأن التدخل التركي في ليبيا لا يحظي بدعم شعبي أو دولي، إذ كشفت أن “أردوغان” يقوم بإرسال المرتزقة السوريين من مناطق الصراع في سوريا إلى مناطق صراع جديدة في ليبيا، تبعد بحوالي 2000 كيلومتر عن الحدود التركية.

فيما أكد الباحث الليبي حسين مفتاح، إلى أهمية الحضور المصري في العاصمة الليبية طرابلس، في ظل تصاعد الوجود العسكري التركي، موضحًا أن “لا سلام في ليبيا إلا بعودة الحضور العربي في طرابلس لمواجهة المد الإرهابي برعاية تركيا في الغرب”، بحسب “سكاي نيوز عربية”.

وبحسب المراقبين، فأن خطوة اعادة فتح السفارة المصرية في طرابلس، وتحركات القاهرة علي أرض الواقع، تمثل خطوة الإيجابية سيكون لها ما بعدها، حيث ستساهم في تعزيز العلاقات القائمة بين البلدين على المستوى الرسمي والشعبي.

رعاية مصرية

في السياق، أوضح محمد كمال، أستاذ العلوم السياسية، بأن دعم مصر للأزمة الليبية نابع من الواجب الوطني والريادي التي تلعبه مصر تجاه المنطقة، لاسيما ليبيا التي تعتبر الامتداد الطبيعي لمصر، فضلاً عن أن استقرار الأراضي الليبية ينعكس علي مصر وأمنها.

وتابع “كمال” لـ”الموقع“، بأن جميع المبادرات التي شكلت مسار ليبيا في آخر خمس سنوات بالتحديد كانت برعاية وجهود مصرية، وعلي رأسهما الحكومة الليبية الجديدة واستكمال عملها بكل سلاسة ودون منغصات.

ولفت استاذ العلوم السياسية إلى أن مصر نجحت في نقل الملف الليبي للمشهد الدولي ومشاركة الحلفاء في الأزمة واعطاء ثقل للأمر، إلى جانب احتضانها اللقاءات والمؤتمرات الهامة بين القيادات الليبية والتي نتج عنها تقارب سياسي بين الأطراف المتصارعة.

فيما أكد السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، بأن تحركات مصر في ليبيا وخوضها تلك الحرب السياسية والاقليمية الشائكة تحت قيادة الرئيس “السيسي” كان لها تأثر فعال وقوي في تهدئة الأزمة والتوصل لمسار سياسي بدلاً من الحروب والصراعات القائمة منذ سنوات.

وأشار إلى أن زيارة رئيس الحكومة الليبية الجديدة لمصر، عقب تسليمه مهامه، تمثل اعترافا رسميا من القيادات الليبية بدور مصر في حل الأزمة، موضحًا أن القيادة الراهنة والقوي الدبلوماسية التي تمتلكها مصر سيكون لها دور أقوي في الايام المقبلة، حيث يستمر دعم القاهرة لليبيا ولن ينقطع.

نرشح لك

قرارات تاريخية من الرئيس للقضاء المصري … السيسي يوافق علي انشاء مدينة العدالة بالعاصمة الادارية وبدء عمل العنصر النسائي في مجلس الدولة والنيابة العامة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى