أراء ومقالاتالموقع

خالد كامل يكتب بعنوان «هموم مواطن» .. رداً على حوار الكاتبة والإعلامية فريدة الشوباشي في موقع «الموقع»

أولاً: أود أن أطلب منها طلبا وأطمع في تلبيته، و هو لقاء بيني و بينها في مناظرة حول تعدد الزوجات في الإسلام و فرضية الحجاب، على الهواء مباشرةً، حتى يتسنى للمشاهد معرفة الحقيقة دون مونتاج أو خصم و إضافة، و ذلك في مقر موقع “الموقع” الموقر، ناشر حوارها، و أن يدير هذه المناظرة رئيس تحرير الموقع..

ثانياً: نحن كمسلمين لا نأخذ ديننا و عقيدتنا من تصورات حضرتك أو آراء لك أو لغيرك، مهما بلغتم من منزلة عالية مجتمعية أو علمية في غير اختصاص العلوم الشرعية على أن يكون ممن يشهد لهم علماء الشرع العاملين به، شهادة تمنحكم ثقة لدينا في علمكم، دون ذلك فهو رأي لا يمثل لعامة المسلمين و خاصتهم شيئا سوى حجر ألقي في ماء راكد و نار لا تحرق سوى مكانها فقط.

ثالثاً: كون أنك لا تستطيعين أستاذتنا الكريمة فهم أو تصور معاشرة رجل أربعة نساء، فهذا لا يلزمنا بشيء حيال هذا الأمر ، فلماذا إصرارك و غيرك على محاولة حملنا بالإكراه على النظر بمسطرتكم دون مسطرة الدين الإسلامي؟!

رابعاً: من قال لك إن ثمة تعارض بين أمره سبحانه وتعالى بأن ينكح الرجل مثنى وثلاث و رباع و بين عدم العدل بينهم؟!
من أين لك بهذا الفهم لنص الآية الكريمة المقدسة؟!
أجيبك أنا على هذا التساؤل بشكل سريع عابر، و هو أن الله تعالى أمرنا بالنكاح على سبيل الندب إن أراد أحدنا ذلك، و ليس على سبيل الوجوب، هذه واحدة، الثانية هي أن العدل ليس في الحب، و إنما في المعاملات بينهن، و قد كان النبي صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا يحب عائشة رضي الله عنها أكثر من الأخريات، و ثبت أنه صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا كان

يقول:” اللهم هذا قَسْمِي فيما أملك، فلا تحاسبني فيما لا أملك”
أي قسمه في فعله مع نسائه جميعاً بالعدل في العطاء و الهدايا و المبيت عندهن و جماعهن و ليس في ميل القلب و حب الفؤاد و هوى النفس إلى عائشة رضي الله عنها، إذ كان يحبها أكثر من نسائه جميعاً عدا خديجة رضي الله عنها كما صح ذلك عنه صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا ، حينما رد على عائشة قائلا: ” لا و الله، ما أبدلني الله خيراً منها، فقد صدقتني إذ كذبني الناس، و آوتني إذ طردني الناس و واستني بمالها و رزقني الله منها الولد”

فكما أن أمر الله تعالى بالتعدد هو على سبيل الندب، كذا أمره سبحانه وتعالى بالإبقاء على زوجة واحدة مخافة عدم العدل هو على سبيل الندب أيضاً، و إلا لما ترك سبحانه وتعالى التقدير للشخص من حيث خوفه عدم العدل أم لا، و كذلك لنعرف أن العدل ليس مطلقاً في حق البشر، بل هو نسبي، و ذلك خاضع للظرف و الحال، فلو أن زوجا له من النساء أربع، و إحداهن مريضة تتكلف نفقات علاج كبيرة، أفتطلب الأخريات مثل تلك النفقات لهن رغم عدم مرضهن؟!

كلا طبعاً، و كذا لو أن رجلاً عدد النساء و له منهن أولاد، و من أولاده ابنة في كلية الطب مثلاً ، و معلوم أن نفقات الطب مرتفعة، فهل تطلب النساء الأخريات مساواة في نفقة أولادهن إن كانوا في كلية الآداب أو التجارة مثلاً؟! و هي الكليات ذوات النفقات الأقل من الطب بكثير؟! قطعا لا يمكن، لأن العدل هنا ليس في مبلغ النفقة، و إنما في النفقة على الأولاد بما يحتاجونه في دراستهم وفق ظروف كل منهم و كليته التي يدرس فيها.

خامساً: نحن المسلمين لا نجعل الدين الإسلامي الحنيف خاضعا لتقييمات دراسات غربية أو عربية أو تابعة لكوكب المريخ حتى، فالدين دين و هو من عند الله تعالى و نحن نؤمن به كله كما جاءنا، لأن الله تعالى أمر به و نهى عن مخالفته، فلا يخضع لتقييم دراسة توافقه فنفرح بها و نصفق لها، و لا نحزن لأن دراسة ما تخالفه، لأننا لا نخضعه كما قلت لتلك الدراسات، فنحن نؤمن بالله و رسوله و دينه و كتابه و ملائكته و اليوم الآخر و القدر حتى لو خالف هوانا أو خالفه العلم، فلو خالفه العلم طرحنا العلم أرضا مهما كانت نتائجه، لأن العلم البشري في علم الله تعالى لا يعدل قطرة ماء في المحيط الهادي، فسبحان الله عما يصفون.

سادساً: لماذا دعوت على الرجل بالحرق؟!

هل هذا من شيم التعايش و السلام الاجتماعي؟!
و لو صدر عن أحد من العوام، لربما قبلته، أما و قد صدر من رمز وطني محترم، فلا أقبله كرجل و أطالبك بالاعتذار للرجال، فوالله لو صدر عن رجل ضد المرأة لكنت أنت أول من أقمت الدنيا و لم تقعديها حتى يعتذر صاغرا راغما..

سابعاً: كلامك عن عدم فرضية الحجاب لا معنى له عند المسلمين أيضاً، فمعذرة، من أين تعرفين بأنه ليس فرضا، و هب أنك مقتنعة بذلك- و هذا شأنك- فما شأنك بنا وبأننا نعتقد و نؤمن بفرضيته؟!

ما الذي يؤذيك أو يضيرك في ذلك؟!
لماذا تريدين لنا أن نقتنع بقناعاتك؟!

ثامناً: من قال لك إن الإسلام جوهر فقط دون المظهر؟!
يا أستاذة فريدة الإسلام الحنيف جوهر و مظهر و صورة و سيرة و سريرة، و قد أمرنا الله تعالى أن نقيم الدين الإسلامي الحنيف كله في حياتنا، و لا نتفرق فيه، فقال تعالى في سورة الشورى

” أن أقيموا الدين و لا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه…”
و ليس بعض الدين، و فارق بين إقامة الدين و تنفيذه، الإقامة هي الاعتراف به كله و الإيمان به و الاعتقاد فيه، و أما التنفيذ فهو خاضع لدرجة إيمان العبد كل على حده، و قد أمرنا الله تعالى أن ننفذه ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً، حيث قال تعالى في سورة التغابن

” فاتقوا الله ما استطعتم و اسمعوا و أطيعوا و أنفقوا خيراً لأنفسكم…”
هذا في معرض الطاعة، فكلها خير للعبد، فما يستطيعه منها فعله لخير نفسه على قدر جهده، و أما في معرض المعصية فقد نهينا عنها كلها، لأنها شر محض للعبد..

فنهضة الأمة و المجتمع لا تتعارض مع إقامة فرائض الإسلام و أوامره، فهل حجاب المرأة هو الذي يعطل نهضة المسلمين؟!
و هل تبرج غير المسلمين سبب في رفعتهم؟!

كلا بالقطع، فالنهضة و التقدم والازدهار العلمي يخضع للعمل و المجهود و تحمل المشاق و تحصيل العلم النافع، و منه بل ليس أنفع منه للمسلم و هو العلم الشرعي و هو الذي أمر بأن يأخذ المسلم بناصية التقدم و العلم و الاكتفاء الذاتي في كل شيء عن احتياجه للعدو، فلا نعلق فشلنا على الدين، فالدين منا براء..

تاسعا: لماذا لم تخرجي يوماً أنت أو غيرك تنتقدين لباس راهبات الكنائس الذي يغطيهن من رأسهن حتى أخمص أقدامهن؟!
ألأن نساء المسلمين يرتدين الحجاب، صار الحجاب فرزا طائفيا؟!!! سبحان الله!!
ثم هل نحاسب الدين بأتباعه، أم نحاسب الأتباع بالدين؟!
من القاعدة و من يجب عليه تنفيذها؟!
ما هذا الخلط المقيت؟!!!
فهل لأن لك صديقة ابنة لشيخ أزهري غير محجبة، جعلت الحجاب هملا و غير فرض؟!
أفإن تركتْ الصلاة و قالت إنها رأت أباها لا يصلي، تكون الصلاة غير مفروضة أيضاً؟!
أنُخضِعُ الدينَ لهوى الناس و فكرهم و فعالهم؟!!!!
والله ذلك هو الضلال المبين بعينه..
إذن فلو رأينا شيخاً أزهريا، بل الإمام الأكبر نفسه يشرب المخدرات، فهل سنجعلها حلالاً ؟!!!
ليكن لكم ما تحبون في بيوتكم و أهليكم، و دعونا و أهلنا و حياتنا، فأنتم لستم أوصياء علينا في شيء، لا في الدنيا و لا في الدين، نحن نعرف أن الله تعالى تكفل بحفظ كتابه العزيز و سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا من الضياع من أجل أن يكون لدينا ثابت نعود إليه وقت الفتن و وقت إثارتها من أنصاف أو أرباع قارئي بعض الكتب في العلوم الشرعية، ويدعون العلم المطلق و يهدفون بل يفنون عمرهم ليقنعوننا بقناعاتهم، و نحن لا نأبه لهم و لو قيد أنملة، فكفوا عن المسلمين و دينهم يرحكم الله، و استثمروا وقتكم في حض الشعب على العمل و الجد والاجتهاد..
و لكن في النهاية أقول بأن الإسلام الحنيف لا يسمح لأتباعه بإكراه غيرهم عليه، أو حتى إكراه أهله بتنفيذه، فقد قال الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا
” لست عليهم بمصيطر” سورة الغاشية
و قال” إن عليك إلا البلاغ”
سورة الشورى
فثمة فارق بين من يدعو الناس إلى الله تعالى و بين من يكرههم على ذلك، فليس لأحد حق في إكراه أحد على تنفيذ أوامر الله تعالى إلا الزوج على زوجته و الوالد على أولاده، كونه مسؤولاً عنهم أمام الله تعالى، و هذا لفترة حتى يبلغ الأولاد رشدهم، و أما المرأة لو صارت ناشزا، فلزوجها عظتها أو حتى فراقها إن كانت ممن يحاد الله و رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا..
و أنتظر رد الكاتبة المحترمة على طلبي لها للمناظرة..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى