الموقعتحقيقات وتقارير

خاص| من الإسكندرية لأسوان.. “أحمد” سائق ساعده تردده على قصر الملكة نازلي في العمل مع “الروس” بالسد العالي

كتبت: فاطمة عاهد

شارك أحمد عباس مختار، من مواليد محافظة الإسكندرية في عمر الـ18 في بناء السد العالي، حيث ترك مسقط رأسه بحثا عن فرصة عمل يجني منها بعض الجنيهات ليتمكن من الزواج وتأسيس منزل له ولرفيقة دربه، بينما كان يتردد على قصر الملكة “نازلي”، الكائن في حي “زيزينيا” الراقي للعمل مع والده الذي شغل منصب كبير “السفراجية” في ذلك الوقت.

ولد “مختار” عام 1943 بالإسكندرية، ووالده كان يعمل مع الملكة نازلي، لكنه سافر في سن الـ 18 عاما، إلى أسوان، في إحدى قرى النوبة، التي لازالت موجودة حتى الآن، وبدأ في مشروع السد العالي، وفي عمر الـ 19 سنة، عمل مع الخبراء الروس القائمين على المشروع.

بحسب حديث نجله ويدعى أشرف فقد تعلم الراحل قيادة السيارات خلال عمله بمشروع السد العالي، وعمل كسائق لسيارة المهندس الراحل “حسب الله الكفراوي”، الذي شغل منصب وزير الإسكان والمرافق بعد ذلك.

كان “مختار” من الرعيل الأول المشارك في بناء السد، رغم عدم امتلاكه حرفة ما تمكنه من العمل رفقة أبناء محافظات مصر على تشييد المشروع الأهم في البلاد على مدار السنوات الماضية، لقاء راتب يبدأ به كل منهم حياته.

يسرد نجله تفاصيل انضمامه للعمل مع الخبراء الروس قائلا “وبعد انتهاء عملية إنشاءات مشروع السد العالي، وبداية عملية تركيب التوربينات، بدأ الخبراء الروس، في العمل على المشروع، كان والدي أول عامل مصري يشتغل مع الروس، لأنه كان يعرف بعض كلمات اللغة الروسية”.

“بدأ يستوعب ويتعلم أساسيات اللغة، حتى أصبح يجيد التعامل مع الخبراء الروس، وأصبح ملازما لهم خلال فترة مشروع السد العالي”، هكذا تحدث “أشرف” عن فترة عمل والده في السد، مشيرا إلى أن “عمله في قصر الملكة نازلي ساعده كثيرًا خلال تعامله مع الخبراء بسبب سرعة تعلمه اللغات”.

وأكد أن تعلم والده للغات سريعا ساعدة في العمل مع الكثير من الجنسيات المختلفة “اشتغل مع الخبراء الروس في مشروع السد العالي، والخبراء الفرنساويين، في مشروع محطة أسوان 2، وأشتغل مع الألمان في أعمال تطوير وتحديث، واشتغل مع الأمريكان، في توربينات السد العالي”، مؤكدا صرامة كل أولئك المذكورين سابقا في عملهم، وتعاملهم مع المصريين بشدة.

أشرف، تذكر بحزن بالغ عدم تكريم جمعية بناة السد العالي والده حتى الآن، ثم علت الضحكة وجهة عندما سرد تفاصيل تسجيل والده له في السجل المدني بتاريخ 15 يناير 1968، أي في يوم البدء في العمل على السد، رغم أنه ولد قبلها بحوالي ستة أشهر.

حكى “أشرف” عن دموع والده التي لم تفارق وجهه كل عام في ذكرى افتتاح السد على أصدقائه الذين استشهدوا إثر إصابات مختلفة أثناء عملهم على بناء السد، نتيجة تفجير الأنفاق، ففي يوم الافتتاح يجلس مع أبنائه لينقل لهم تفاصيل يومه رفقة العاملين من أبناء المحافظات على بناء السد.

“لم يغفل والدي أي من التفاصيل التي عاشها عند مشاركته في بناء السد، خاصة ذكرياته مع العمال، حيث يبدأ يومهم وينتهي بالاطمئنان على بعضهم البعض حتى يتأكدوا أنه لم يلاقي أي منهم حتفه نتيجة تفجير الأنفاق”، وكان أول راتب تقاضاه خلال عمله في المشروع 7 جنيه.

ظل والده حتى خروجه على المعاش في شركة الكهرباء، وتوفي عام 2010، عن عمر يناهز 63 عاما، وشارك في حرب الاستنزاف، وواجه شبح الموت عدة مرات عند بناء السد وعند الدفاع عن الأراضي المصرية ضد العدو.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى