خارجي

حوار| سفير الصين بالقاهرة: يجب تصحيح الظلم التاريخي الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني

كتبت – منال الوراقي

قال سفير الصين في القاهرة لياو لي تشيانج، إن استمرار الصراع في غزة أسفر عن كارثة إنسانية يجب ألا تحصل، وقد تجاوز الخط الأحمر للحضارة الحديثة، وعلى مدى نحو نصف عام، قد أدى الصراع إلى مقتل وإصابة أكثر من مائة ألف شخص ونزوح أكثر من مليون شخص، فلا بدّ أن يتحرك المجتمع الدولي بشكل عاجل، في الآونة الأخيرة.

وأضاف أنه من الضروري تصحيح الظلم التاريخي الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني في وقت مبكر، باعتباره حلا جذريا للصراع في غزة، فقد أثبتت هذه المحنة في غزة مجددا أن عدم تمكن الشعب الفلسطيني من الحصول على حقوقه الوطنية المشروعة منذ زمن طويل هو المصدر للقضية الفلسطينية وجوهر قضية الشرق الأوسط، وإلى نص الحوار:

*زار وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الصين مؤخرا، حيث التقى مع الرئيس شي جين بينغ وأجرى محادثات مع عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني وزير الخارجية وانغ يي، كيف تنظر الصين إلى مستقبل العلاقات الصينية الأمريكية، وكيف تقرأ الانتخابات الأمريكية؟

تلبية لدعوة عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني وزير الخارجية وانغ يي، قام وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بزيارة الصين بين يومي 24 و26 إبريل.

وجاءت زيارته تنفيذا للتوافق بين الرئيسين الصيني والأمريكي في سان فرانسيسكو، المتمثل في مواصلة الحوار وإدارة الخلافات ودفع التعاون وتعزيز التنسيق في الشؤون الدولية. خلال زيارة بلينكن في الصين، عقد الرئيس شي جين بينغ لقاء برتوكولي معه بعد ظهر يوم 26 إبريل، حيث أوضح موقف الصين الرسمي من العلاقات الثنائية، وطرح التوجيهات الإرشادية.

وقال الرئيس شي جين بينغ إن الصين والولايات المتحدة يجب أن تكونا شريكين بدلا من خصمين، ويجب أن يساعد بعضهما البعض بدلا من إيذاء بعضهما البعض، ويجب السعي وراء إيجاد القواسم المشتركة بدلا من المنافسة الشرسة، ويجب الوفاء بالتعهدات بدلا من التصرف بشكل منافق. كما طرح الركائز الخمس للعلاقات الثنائية المتمثلة في تعزيز الفهم الصحيح والإدارة الفعالة للخلافات ودفع التعاون متبادل المنفعة وتحمل مسؤولية كالدول الكبرى وتعزيز التواصل الشعبي.

في اليوم نفسه، أجرى وزير الخارجية الصيني وانغ يي معه محادثات دامت 5 ساعات ونصف، حيث تبادل الجانبان وجهات النظر بشكل معمق حول العلاقات الثنائية والقضايا الدولية والإقليمية، وأوضحا مواقفهما من ملفات الفهم الاستراتيجي وتايوان والاقتصاد والتجارة والتكنولوجيا وبحر الصين الجنوبي والاستراتيجية الأمريكية لـ”المحيطين الهادئ والهندي” وغيرها من القضايا الهامة محل الاهتمام الكبير للجانب الصيني.

على أساس تبادل الآراء بشكل شامل، توصل الجانبان الصيني والأمريكي إلى توافق من 5 نقاط، أولا، الاتفاق على الاسترشاد بتوجيهات الرئيسين، والعمل على استقرار وتطوير العلاقات الصينية الأمريكية، ثانيا، الاتفاق على مواصلة التواصل رفيع المستوى والاتصالات على كافة المستويات.

وثالثا، الإعلان عن عقد الاجتماع الأول بين الحكومتين الصينية والأمريكية بشأن الذكاء الاصطناعي؛ مواصلة المشاورات بشأن المبادئ الإرشادية للعلاقات الصينية الأمريكية؛ عقد جولة جديدة من المشاورات الصينية الأمريكية لشؤون آسيا والمحيط الهادئ وشؤون المحيطات؛ مواصلة المشاورات الصينية الأمريكية للشؤون القنصلية، والإعلان عن عقد اجتماع كبار المسؤولين لفريقي العمل الصيني والأمريكي بشأن التعاون في مجال مكافحة المخدرات. ويرحب الجانب الأمريكي بزيارة مبعوث الصين الخاص لشؤون التغير المناخي ليو تشنمين.

رابعا، اتخاذ الإجراءات لتوسيع التواصل الشعبي بين البلدين، والترحيب بالطلاب المبتعثين من الجانب الآخر، وحسن تنظيم الدورة الـ14 للحوار الصيني الأمريكي رفيع المستوى للسياحة المزمع عقدها في مدينة شيآن في مايو المقبل. خامسا، الحفاظ على التشاور حول القضايا الدولية والإقليمية الساخنة وتعزيز التواصل بين المبعوثين الخاصين للجانبين.

وأكد الجانب الأمريكي مجددا خلال هذه الزيارة أنه لا يسعى إلى “حرب باردة جديدة”، ولا يسعى إلى تغيير نظام الصين، ولا يسعى إلى معارضة الصين من خلال تعزيز التحالف، ولا يدعم “استقلال تايوان” ولا ينوي الصدام مع الصين؛ ولا يسعى إلى احتواء التنمية للصين، ولا “فك الارتباط” مع الصين، ولا تنوي عرقلة التقدم التكنولوجي للصين، إذ أن صين مزدهرة وناجحة أمر جيد بالنسبة للعالم. وموقف الصين من هذا الموقف لم يتغير، يجب على الولايات المتحدة الوفاء بتعهداتها، بدلا من التصرف بشكل منافق.

وتتعلق العلاقات الصينية الأمريكية برفاهية الشعبين ومستقبل البشرية والعالم كله. ولم يتغير موقف الصين ومطالبها للعلاقات الصينية الأمريكية، وظلت تنظر وتطور هذه العلاقات من زاوية إقامة مجتمع المستقبل المشترك للبشرية، وظلت تلتزم بالمبادئ المطروحة من قبل الرئيس شي جين بينغ المتمثلة في الاحترام المتبادل والتعايش السلمي والتعاون والكسب المشترك، وتدعو دائما إلى احترام المصالح الجوهرية للجانب الآخر.

وتكون الصين صادقة في تحسين العلاقات الصينية الأمريكية، وتعتقد أن علاقات صينية أمريكية قابلة للتنبؤ ومستدامة وسليمة ومستقرة أمر يخدم شعبي البلدين وشعوب العالم كله.

وفي الوقت نفسه، رأينا أن الولايات المتحدة ما زالت تفهم الصين بشكل خاطئ، وما زالت تطبق السياسة الخاطئة لاحتواء الصين، وفي الآونة الأخيرة، ما زالت الولايات المتحدة تسعى إلى استمالة الحلفاء المزعومة، وتواصل محاولتها لتحريض وإثارة التوتر في بحار المنطقة، وتسرع خطواتها لتشكيل منظومة لردع الصين، وتصعّد العقوبات أحادية الجانب، وتعزز الحصار التكنولوجي على الصين.

ولا يمكن للولايات المتحدة أن تنظر إلى العالم بعقلية الحرب الباردة واللعبة الصفرية، ويجب ألا تقطع التعهدات ولا تفي بها، وتعرف شعوب العالم جيدا، وتعرف شعوب الشرق الأوسط بشكل أوضح، مَن يقف إلى الجانب الصحيح للتاريخ والحق.
وقد جلبت الصين للعالم التعاون والتنمية والاستقرار والكسب المشترك، لا يقدر أي قوى على الحيلولة دون التنمية والنهضة للصين، لأنها تقوم على القوة الدافعة الهائلة والمنطق التاريخي الحتمي.

وتعد الانتخابات الأمريكية من الشأن الداخلي الأمريكي، ولم ولن تتدخل الصين في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، ولن تتصرف الصين هكذا على الإطلاق، بغض نظر عن هوية الرئيس الأمريكي الجديد، يحتاج الشعبان الصيني والأمريكي إلى التواصل والتعاون، ولا بد للصين والولايات المتحدة، باعتبارهما دولتين كبيرتين، إيجاد الطريق الصحيح للتعامل مع بعضهما البعض.

في هذا السياق، طرح الرئيس شي جين بينغ المبادئ الثلاثة المتمثلة في الاحترام المتبادل والتعايش السلمي والتعاون والكسب المشترك، وهو المبدأ الأساسي والهدف المنشود عندما نتعامل مع العلاقات الصينية الأمريكية. قبل فترة، تلقى الرئيس شي جين بينغ مكالمة هاتفية من الرئيس بايدن، وأشار فيها مجددا إلى أن دولتين كبيرتين مثل الصين والولايات المتحدة يجب ألا تقطعا الاتصال وتوقفا التواصل، ناهيك عن الخوض في النزاعات والمواجهات، بل يجب إعلاء السلام والاستقرار والثقة المتبادلة.

لن تعود العلاقات الصينية الأمريكية إلى الماضي، لكن يجب بل يستطيع استشراف مستقبل جيد. وتحرص الصين على العمل سويا مع الولايات المتحدة، لبذل المزيد من الجهود الحميدة والجيدة لتحقق التعاون والكسب المشترك وتخدم مصلحة العالم، وتتحمل المسؤولية الدولية المطلوبة لكلا الجانبين .

*قد لاحظنا أن وزير الخارجية الصيني وانغ يي تحدث مؤخراً عن الوضع في غزة في مقابلة مع وسائل الإعلام الإقليمية، كيف تنظر الصين إلى الوضع الحالي في غزة؟ ما هي التدابير التي يمكن أن تتخذها الصين لوقف فوري لإطلاق النار في غزة؟

إن استمرار الصراع في غزة أسفر عن كارثة إنسانية يجب ألا تحصل، وقد تجاوز الخط الأحمر للحضارة الحديثة، على مدى نحو نصف عام، قد أدى الصراع إلى مقتل وإصابة أكثر من مائة ألف شخص ونزوح أكثر من مليون شخص، فلا بدّ أن يتحرك المجتمع الدولي بشكل عاجل، في الآونة الأخيرة، أوضح وزير الخارجية وانغ يي مرة أخرى بوضوح موقف الصين بشأن الوضع في غزة:
أولا، يعتبر الدفع بتحقيق وقف إطلاق النار ومنع القتال في أسرع وقت ممكن مقدمة الأولويات في الوقت الحالي. إن إطالة الحرب تعني تحديا متزايدا لضمير البشرية وتقويضا مستمرا لأساس العدالة، بفضل الجهود المشتركة المبذولة من قبل كافة الأطراف، اعتمد مجلس الأمن الدولي مؤخرا أول قرار يطالب بوقف إطلاق النار منذ اندلاع الصراع في غزة، يكون هذا القرار ملزما، فلا بد من تنفيذه بشكل فعال، بهدف تحقيق الوقف الفوري والدائم وغير المشروط لإطلاق النار.

ثانيا، من الضروري ضمان وصول الإغاثة الإنسانية بشكل مستدام وبدون عوائق، لأنه مسؤولية أخلاقية لا تتحمل أي تأخير، يرفض الجانب الصيني رفضا قاطعا منذ بداية الصراع التهجير القسري للمدنيين الفلسطينيين والعقاب الجماعي بحق سكان غزة، ويدعم بنشاط إقامة آلية الإغاثة الإنسانية في أسرع وقت، ويقدم مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة باستمرار.ومنذ وقت ليس ببعيد، وصل 450 طناً من الأرز و450 طناً من الدقيق التي قدمتها الحكومة الصينية لفلسطين إلى بورسعيد، وتم نقل دفعة جديدة من الخيام والبطانيات والملابس والإمدادات الطبية وغيرها من المساعدات جواً إلى العريش في مصر.

وسيتم نقلها لاحقًا عبر الهلال الأحمر المصري إلى الجانب الفلسطيني. في المرحلة القادمة، سيواصل الجانب الصيني العمل مع المجتمع الدولي على حشد كافة الجهود في تنفيذ القرار بشأن وقف إطلاق النار وحماية المدنيين، وضمان وصول مواد الإغاثة الإنسانية إلى سكان غزة بشكل سريع وآمن ومستدام وبدون عوائق.

ثالثا، من الضروري منع استمرار امتداد التداعيات السلبية الناجمة عن الصراع، وذلك يمثل حاجة واقعية للحيلولة دون خروج الأوضاع في المنطقة عن السيطرة. يعد التصعيد الأخير للنزاع بين إيران وإسرائيل أحدث تجسيد لامتداد تداعيات الصراع في غزة.

يدعو الجانب الصيني الأطراف المعنية إلى الحفاظ على الهدوء وضبط النفس، تفاديا للمزيد من التصعيد للأوضاع المتوترة، وسيواصل الجانب الصيني بذل جهود حثيثة لتعزيز السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والمساهمة بطاقته في تهدئة الأوضاع، انطلاقا من حيثيات الأمور وطبيعتها.

رابعا، من الضروري تصحيح الظلم التاريخي الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني في وقت مبكر، باعتباره حلا جذريا للصراع في غزة. أثبتت هذه المحنة في غزة مجددا أن عدم تمكن الشعب الفلسطيني من الحصول على حقوقه الوطنية المشروعة منذ زمن طويل هو المصدر للقضية الفلسطينية وجوهر قضية الشرق الأوسط.

لا يمكن الخروج النهائي من دوامة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وإزالة التربة التي تغذي الأفكار المتطرفة والكراهية بشكل جذري، وإحلال السلام الدائم في المنطقة، إلا من خلال إعادة العدالة للشعب الفلسطيني وتنفيذ “حل الدولتين” بشكل حقيقي وتسوية الهموم الأمنية المشروعة لكافة الأطراف سياسيا.

تحرص الصين على مواصلة العمل مع المجتمع الدولي بما فيه مصر على تعزيز التضامن والتعاون، والدعم الثابت للقضية العادلة للشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه الوطنية المشروعة، والدعم الثابت لدفع المصالحة بين الفصائل الفلسطينية عبر الحوار، والدعم الثابت لفلسطين في الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، والدعم الثابت للشعب الفلسطيني لتحقيق إقامة دولته المستقلة و”حكم فلسطين من قبل الفلسطينيين”.

وندعو إلى سرعة عقد مؤتمر دولي للسلام بمشاركة أوسع ومصداقية أكثر وفاعلية أكبر، ووضع الجدول الزمني وخارطة الطريق لتنفيذ “حل الدولتين”، بما يدفع بإيجاد حل شامل وعادل ودائم للقضية الفلسطينية في يوم مبكر، ويحقق التعايش السلمي بين دولتي فلسطين وإسرائيل والتعايش المتناغم بين الأمتين العربية واليهودية في نهاية المطاف.

*إن وزارة الدفاع الصينية أعلنت إرسال سفن مرافقة للسفن التجارية مصحوبة بأكثر من مائتي ضابط وجندي ووحدات من القوات الخاصة، وفي هذا السياق، تحدث وزير الخارجية وانغ يي أيضًا عن وجهات نظر الصين بشأن تصعيد الوضع في البحر الأحمر خلال مقابلة، هل يمكنك أن تقدم لنا التفاصيل؟

إن مياه البحر الأحمر ممر دولي مهم لنقل البضائع والطاقة، فإن صيانة السلام والأمن والأمان في البحر الأحمر لأمر يساهم في الحفاظ على انسياب سلاسل الصناعة والإمداد العالمية ونظام التجارة الدولية، ويتفق مع المصالح المشتركة لدول المنطقة والمجتمع الدولي. أعرب الجانب الصيني عن انشغاله الشديد إزاء التصاعد المتواصل للأوضاع المتوترة التي يشهدها البحر الأحمر منذ فترة، وما نتج عن ذلك من التداعيات السلبية على مصالح دول المنطقة لا سيما الدول المطلة على البحر الأحمر، وزيادة المخاطر الأمنية في المنطقة برمتها، والتأثيرات السلبية على انتعاش الاقتصاد العالمي.

وقد أعلن وزير الخارجية وانغ يي مؤخرًا بوضوح عن موقف الصين المبدئي المكون من أربع نقاط بشأن الوضع في البحر الأحمر:
أولا، يجب وقف عمليات تستهدف السفن المدنية التي تعبر البحر الأحمر، ولا توجد أي حجة يبرر استهداف المدنيين؛

ثانيا، يجب على المجتمع الدولي أن يحافظ سويا على سلامة الملاحة في مياه البحر الأحمر وفقا للقانون، ويجب على كافة الأطراف أن تلعب دورا بناء في تهدئة التوتر في البحر الأحمر؛

ثالثا، يكمن السبب الجذري وراء تصاعد الوضع في البحر الأحمر في صراع غزة، فمن الضروري تحقيق وقف إطلاق النار ومنع القتال في غزة في أسرع وقت ممكن، بما يحد من امتداد تداعيات الصراع من جذوره؛

رابعا، يجب الحفاظ الجدي على السيادة وسلامة الأراضي للدول المطلة على البحر الأحمر بما فيها اليمن.

منذ تصعيد الوضع في البحر الأحمر، يبقى الجانب الصيني على التواصل مع كافة الأطراف، وقد بذل جهودا حثيثة من أجل تهدئة التوتر فيه. يهتم الجانب الصيني بالمطالب المشروعة لدول المنطقة خاصة الدول المطلة على البحر الأحمر، ويحرص على تعزيز التنسيق مع دول المنطقة، ويعمل سويا مع المجتمع الدولي على مواصلة لعب دور بناء في استعادة السلام والأمن والأمان في البحر الأحمر في يوم مبكر.

لا بد من الإيضاح أن عمليات مرافقة يقوم الأسطول البحري الصيني بها لا علاقة لها بالوضع الحالي في البحر الأحمر، جاء ذلك في إطار مهمة مرافقة في خليج عدن والمياه قبالة الصومال فوضها مجلس الأمن الدولي. منذ عام 2008، أرسلت القوات البحرية الصينية 45 دفعة من أساطيل بحرية على التوالي متكونة من أكثر من 150 سفينة، وهي أكملت بشكل ممتاز مهام طرد القراصنة والإغاثة الإنسانية، مما قدم مساهمة إيجابية في الحفاظ على سلامة الملاحة في المياه المعنية. سيواصل الجانب الصيني تنفيذ مبادرة الأمن العالمي والحفاظ على سلامة الممر البحري الدولي، وبذل جهود دؤوبة لبناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية بخطوات ملموسة.

*دعوتم مرارا إلى عقد قمة سلام دولية لحل الأزمة الأوكرانية عن طريق المفاوضات، ما مدى قدرة الصين على لعب دور نشط في التسوية السياسية للأزمة الأوكرانية؟

إن الموقف الصيني من الأزمة الأوكرانية دائم وواضح وشفاف. ليست الصين صاحب الشأن في الصراع، وليست صانعا للأزمة، لكنها لم تتفرج عن بعد، ظل الجانب الصيني يسعى إلى وقف إطلاق النار وإنهاء القتال على مدى أكثر من سنتين منذ التصعيد الشامل للأزمة. أجرى الرئيس شي جين بينغ تواصلا شخصيا وبشكل معمق مع قادة الدول بما فيها روسيا وأوكرانيا، مشددا على أن مفاوضات السلام هي المخرج الوحيد، آملا من جميع الأطراف أن تعمل سويا على تهيئة الظروف المواتية لحل الأزمة سياسيا عبر الحوار.

كما أصدر الجانب الصيني ورقة الموقف على وجه الخصوص، وبعث الممثل الخاص إلى الدول المعنية لأكثر من مرة للقيام بالوساطة المكوكية ونقل الرسائل وتوضيح المواقف، من أجل دفع كافة الأطراف لإيجاد القواسم المشتركة وترك الخلافات جانبا وبلورة التوافقات.

في الوقت الراهن، ما زالت هناك مخاطر التفاقم والتصعيد لهذه الأزمة، لذا ينبغي للمجتمع الدولي أن يعزز التضامن، ويحشد الجهود لتحقيق السلام، ويتخذ إجراءات ملموسة لتهدئة الصراع.

كما طرح وزير الخارجية وانغ يي مؤخرًا ثلاثة “دوما” للتسوية السياسية للأزمة الأوكرانية: يتعين علينا أن نتمسك دوما بالحل السياسي. لا ينتهي الصراع أو الحرب، أيا كان، في ساحة المعركة، بل على طاولة المفاوضات، يدعم الجانب الصيني عقد مؤتمر سلام دولي مقبول لدى الجانبين الروسي والأوكراني في وقت مناسب بمشاركة كافة الأطراف على قدم المساواة وتناقش فيه جميع خطط السلام بشكل منصف، بغية تحقيق وقف إطلاق النار في أسرع وقت ممكن.

يتعين علينا أن نتمسك دوما بالموقف الموضوعي والعادل، ليست هناك عصا سحرية لحل الأزمة، فينبغي لجميع الأطراف أن تبدأ من أنفسها، وتهيئ الظروف المواتية لإنهاء القتال وإطلاق مفاوضات السلام عبر تراكم الثقة المتبادلة. يجب الرفض القاطع للصيد في المياء العكرة أو صب الزيت على النار، ناهيك عن الانحياز إلى طرف ضد طرف آخر وإثارة المواجهة بين المعسكرات.
يتعين علينا أن نتمسك دوما بمعالجة الأزمة من أعراضها ومسبباتها في آن واحد، تتطلب تسوية الأزمة من جذورها التفكير الأعمق في القضية الأمنية. إن الإصرار على السعي وراء الأمن المنفرد والمطلق وتضييق الفضاء الأمني للدول الأخرى بشكل تعسفي لأمر سيؤدي حتما إلى الخلل في المنطقة وإثارة الصراع فيها.

إن الجانب الصيني على استعداد للعمل مع المجتمع الدولي على التمسك برؤية مفادها أن أمن الدول غير قابل للتجزئة، وتكريس مفهوم الأمن المشترك والمتكامل والتعاوني والمستدام، ومراعاة الهموم الأمنية المعقولة لكافة الأطراف، ودعم إنشاء معادلة أمنية إقليمية متوازنة وفعالة ومستدامة، ولعب دور بناء لإيجاد حل سياسي للأزمة بشكل مشترك، وتقديم مساهمات أكثر للحفاظ على الأمن والأمان الدائمين في المنطقة وتحقيق السلام الدائم في العالم.

*فيما يتعلق بملف تايوان، وقد أوضح وزير الخارجية وانغ يي مرارا وتكرارا موقف الصين بملف تايوان.. فكيف يقيم الجانب الصيني الوضع عبر مضيق تايوان في ظل التقارب بين منطقة تايوان الصينية والولايات المتحدة واستمرار صفقات بيع الأسلحة الأمريكية إلى منطقة تايوان الصينية؟

إن تايوان جزء لا يتجزأ من الصين منذ القدم، ينص “إعلان القاهرة” الصادر عن حكومات الصين والولايات المتحدة والمملكة المتحدة في عام 1943 بكل وضوح على إعادة تايوان التي سرقتها اليابان إلى الصين. وتنص المادة الـ8 من “إعلان بوتسدام” الصادر في عام 1945 والهادف إلى إنهاء الحرب العالمية الثانية على أنه “يجب تنفيذ بنود إعلان القاهرة”.

كما أكد قرار الأمم المتحدة رقم 2758 مجددا على مبدأ الصين الواحدة بوضوح. شكلت هذه الصكوك الدولية الملزمة قانونيا جزءا من النظام الدولي لما بعد الحرب، ورسخت الأساس التاريخي والقانوني لكون تايوان جزءا لا يتجزأ من أراضي الصين.
لذلك، إن مسألة تايوان هي من الشؤون الداخلية الصينية بحتا، وسبل إعادة توحيد الوطن الأم هي من شؤون الصينيين على جانبي المضيق بأنفسهم، سنسعى إلى إعادة التوحيد السلمي بأقصى جهد وأصدق نية. في الوقت نفسه، يكون خطنا الأحمر واضحا جدا أيضا، ألا وهو عدم السماح لأي أحد بفصل تايوان عن الصين بأي شكل من الأشكال.

تكون الأوضاع الحالية في مضيق تايوان مستقرة بشكل عام، غير أنها تواجه تحديات خطيرة أيضا، ويأتي أكبر تحدّ من الأنشطة الانفصالية لقوى “استقلال تايوان” وأعمال التشويش والتخريب من قبل القوى الخارجية.

وتعد قوى “استقلال تايوان” صانع المشاكل وأكبر مخرب للاستقرار في مضيق تايوان. لا بد من رفض “استقلال تايوان” بكل حزم من أجل الحفاظ على السلام في مضيق تايوان، تردد بعض الدول نداءات حول الحفاظ على السلام والاستقرار في مضيق تايوان، غير أنها تسرع سريا وتيرة تزويد الانفصاليين لـ”استقلال تايوان” بالأسلحة والمعدات، ولا تؤدي هذه التصرفات إلا إلى زيادة مخاطر الصراع والمجابهة، وتشكيل التهديد الخطير للسلام والاستقرار في مضيق تايوان والمنطقة.

في وجه التشويش والتخريب من قبل القوى الخارجية، لن تقف الصين مكتوفة الأيدي وتتغاضى عن ذلك، ولا يمكن لأي أحد الاستخفاف بالعزيمة الراسخة والإرادة الثابتة والقدرة الجبارة للشعب الصيني على الدفاع عن سيادة الوطن وسلامة أراضيه.

أكد الرئيس شي جين بينغ أن إعادة التوحيد الكامل للوطن الأم لأمر يلبي تطلعات الشعب ويتماشى مع اتجاه العصر ويمثل حتمية التاريخ، ولا يمكن لأي قوة عرقلته، ستحقق الصين إعادة التوحيد الكامل حتما، وستعود تايوان إلى حضن الوطن الأم حتما.

تقدر الصين الدول العربية والمنظمات الإقليمية على التزامها بمبدأ الصين الواحدة منذ فترة طويلة، ونؤمن بأن مصر والجامعة العربية وغيرها من أعضاء المجتمع الدولي ستواصل الالتزام بمبدأ الصين الواحدة ودعم قضية الشعب الصيني العادلة لرفض النشاطات الانفصالية لقوى “استقلال تايوان” والسعي لإعادة توحيد البلاد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى