الموقعتحقيقات وتقارير

حسين عبد الغني لـ«الموقع» في حوار خاص مصر ليست سريلانكا..والحوار الوطني فرصة تاريخية لتصحيح أخطاء 8 سنوات

البطء من أهم معوقات الحوار ..ولولا قرارات العفو التي أصدرها الرئيس لكنا أمام مأزق كبير

مصر ممسوكة من رقبتها في الخارج بملف الحريات والإفراج عن زياد العليمي يحسن الصورة الذهنية عنا

كل من يقبل بالدولة المدنية وشرعية النظام مدعو للمشاركة وأدعو لتقديم قانون بعفو شامل عن كل من لم يتورط في عنف

المعارضة أشرف من الإخوان ولم تتاجر بمحنتها

أتمنى أن يكون الإخوان قد تعلموا الدرس وأن يتركوا السياسة لأهلها و«يسيبوا» الدعوة للأزهر

الأمن لا يمكن أن يقود السياسة والإفراج عن الصحفيين كان له تأثير إيجابي

طالما هناك احترام لمقام الرئاسة وللتاريخ الوطني للمؤسسة العسكرية فأي انتقادات أخرى لا يجب أن تنزعج منها السلطة 

إنشاء قناة اخبارية عالمية خطوة ممتازة ولكي تنجح لابد أن تعطي العيش لخبازه وأن ترفع سقف الحرية 

الجماعات الإرهابية المستفيد الأول من فشل الحوار الوطني والإخوان لم يتبخروا وينتظروا أي فرصة 

رجال الأعمال عليهم متأخرات ضرييبة للدولة تزيد عن تريليون جنيه لو تم تحصليهم لن نحتاج لقروض صندوق النقد 

 

أجرى الحوار – محمد أبوزيد وعصام الشريف
أعدته للنشر – دعاء رسلان 

كان من أبرز الوجوه التي شاركت بكل إيمان ويقين وقوة وثبات في ثورتي 25 يناير و30 يونيو، يعشق الحرية بالفطرة وبحكم المهنة ، لكن عشقه الأول لمصر بترابها وحضارتها وشعبها وموقعها وموضعها، اذا تعارضت مصلحته الشخصية ومصلحة عمله مع ضرورات الأمن القومي لمصر فلا مجال للمفاضلة ولا الموائمة ، الأمر محسوم لديه بشكل قاطع وحاسم ، فهو بالجينات والتجربة إبن مدرسة شعارها الأمن القومي لمصر فوق كل اعتبار، حينما يضيق المجال العام يطير هنا وهناك يشرق ويغرب وفي كل مرة يحلق بعيدا عن مصر سواء في رحلة عمل أو أمل يترك قلبه في مصر ويحمل معه مصر في قلبه، ابتعد عن المشهد السياسي والإعلامي منذ سنوات، ورفض إجراء حوارات صحفية أو اعلامية معه خلال الفترة الماضية ولكنه اختار موقع الموقع ليفتح له قلبه وعقله، أنه الإعلامي والكاتب الصحفي الكبير حسين عبد الغني الذي قابلنا في منزله بترحاب شديد وكرم ضيافة أشد، وجلس معنا بحلته الأنيقة لوقت طويل ليتحدث عن رؤيته للحوار الوطني والأزمة الأقتصادية والإصلاح السياسي وعن الرافضين للحوار وموقفه من جماعة الإخوان وعن فيلات الساحل الشمالي ذات ال120 مليون، وعن تصوراته لاليات نجاح الحوار الوطني وكيفية الخروج من الأزمة الإقتصادية المؤلمة التي تمر بها مصر

وإلى نص الحوار

الموقع:حدثنا عن رؤيتك لدعوة الرئيس السيسي للحوار الوطني وسبل وآليات نجاحه من وجهة نظرك؟

حسين عبد الغني :الحوار الوطني يمثل نقطة فاصلة بين ما حدث في ال 8 سنوات الأخيرة وبين ما يحدث اليوم، وهو فرصة تاريخية لتصحيح الأوضاع، فنحن انتقلنا من مرحلة تجفيف السياسة أيام مبارك إلى مرحلة انعدام السياسة في ال 8 سنوات الأخيرة، فهناك ضيق صدر كبير عند السلطة من أي ملاحظات أو انتقادات مع انها مجرد ملاحظات عادية وبسيطة وطالما أنها للمصلحة العامة وفي إطار الدستور فمن المفترض الا تسبب تلك الملاحظات أي غضب، فحينما يكون هناك احترام لمقام الرئاسة واحترام للتاريخ الوطني للمؤسسة العسكرية فأي انتقاد للسياسة الاقتصادية أو الاجتماعية أو الحريات هذا أمر يجب ألا يضيق به صدر النظام .وللعلم الذي أطال عمر نظام مبارك هو الهامش ومساحة التنفيس التي تركها في آخر 7 سنوات من عهده، وليس العكس. وبالتالي فإن الدعوة للحوار الوطني بداية مختلفة، وقد تكون نقطة انطلاق جوهرية وحقيقية لتصحيح الأوضاع، وبالفعل بدأت بشائر الحوار الوطني مع ظهور شخصيات كانت ممنوعة من الظهور في الإعلام مثل عمرو حمزاوي وحسام مؤنس، وهذا أمر جيد يجب أن نبني عليه ويجب أن نعيد للإعلام بريقه ودوره الوطني، وأنا أحيي بشدة قرار إنشاء قناة إخبارية عالمية وهذه خطوة ممتازة ولكن لكي تنجح لابد أن تعطي العيش لخبازه، والله الصحافة مهنة محترمة وليست مهنة من لا مهنة له، يجب إذا فكرت في إنشاء قناة عالمية أن يعمل بها صحفيين مهنيين، ويجب أن يكون هناك سقف أعلى للحرية الإعلامية وإلا ستكرر نفس التجارب السابقة وستخسر الملايين التي ستنفقها على تلك القناة لأنها ستكون بلا جدوى وحينما يأتي المنسق العام للحوار ضياء رشوان ويقول أن أساس الحوار هو دستور 2014 فهذا أمر جيد، فكل من يجتمع تحت دستور 2014 وتحت لافتة الدولة المدنية ويرفض العنف والتحريض عليه سواء كان مواليا أو معارضا له نفس الحقوق وعليه نفس الواجبات ومن حقه أن يشارك في صياغة السياسات العامة لبلده، وبالتالي نحن لدينا قاعدة وطنية يمكن البدء منها، ومفادها من يريد دولة مدنية ومتفق على دستور 2014 ويتعامل مع النظام السياسي الحالي بأنه نظام شرعي يستطيع أن يشارك في الحوار”.

يكمل قائلا” في 2011 نزل كل من هو ضد الفساد والاستبداد لكن لم ينزل كل الناس، ولكن في 30 يونيو نزل كل الناس لأنه كان هناك خطر على هوية مصر، فالإخوان كانوا يريدون العودة بنا للعصور الوسطى، شكلوا لجنة دينية تعرض عليها القرارات السياسية،َكانوا يريدون أن يصبح الأقباط والمرأة مواطنين من الدرجة الثانية، وحينما خرجوا من السلطة كانت هناك لحظة توافق وطني عظيمة أدت لدستور 2014″..

وبالتالي أنا أرى أن الحوار الوطني بداية لمرحلة جديدة، وأن من بين مهامه الرئيسية هو إنهاء كل ما حدث خلال ال 8 سنوات الماضية من أخطاء وإنهاء كل ما يتعارض مع دستور 2014 وإعادة الحياة الي ذلك الدستور واعادة الحياة الي تحالف ٢٥ يناير و٣٠ يونيو”.

ويضيف “ومهمة الحوار الوطني أن يوحد مصر ضد الظلاميين ومن يريدوا إقامة الخلافة وهي فكرة يوتوبيا ليست حقيقية، هم اختطفوا الإسلام والإسلام منهم براء، ونحن نعرف في الدين ونعرف جوهر الإسلام الصحيح أكثر منهم لأنهم طلاب سلطة، أما نحن فكل ما نأمله أن يتقبلنا الله في الآخرة بين عباده الصالحين .

ويتابع “مصر تريد أن تسترد روحها فهي لا تريد حكم ديني كما يفهمه ويريده الإخوان، لأن الدين موجود في كل نواحي الحياة، ومثلما قال النبي صلى الله عليه وسلم انتم أعلم بشئون دنياكم، فهذه البلد لن تقبل حكم ديني، ولكن لن تقبل حكم استبدادي أيضا، فنحن اول دولة بدأت نهضة في المنطقة، بدأنا مع اليابان انظر لليابان وكوريا الجنوبية ودول شرق آسيا أين هم واين نحن “.

وتتمثل المشكلة الرئيسية في أننا لدينا اتجاهان، اتجاه يحقر من تجربة الحوار واتجاه يرى أنه ليس في الإمكان أبدع مما كان وكل الاتجاهين لا يكاشف القيادة السياسية ولا الدولة المصرية ولا الشعب المصري الحقيقة، وأضاف” نريد من الناس أن تتحمس للحوار وفي نفس الوقت يكون لديها أمانه وشجاعة لتقول إن الحوار إذا تم بهذه الطريقة فهو في الاتجاه الصحيح ولو تم بتلك الطريقة فهو في الاتجاه الخاطئ”

وماذا عن آليات نجاح الحوار الوطني لكي يصل إلى الصورة التي تحلم بها وهي تطبيق دستور 2014؟؟

قال “عبد الغني” من وجهة نظري لكي يتحقق ذلك هناك عدة أمور يجب أن تتوفر، فمثلا يجب على مجلس أمناء الحوار الوطني ألا يستبعد السياسة الخارجية أو الإعلام من الحوار، وعدم التقليل من أهميتهم، بالإضافة إلى تسريع الوتيرة لكي يبدأ الحوار فعليا، ويجب عدم وضع هندسة مسبقة للحوار الوطني، بحيث يتوفر التوازن الحقيقي في اللجان التي سيتم تشكيلها بين الحكومة والمعارضة، لكي يكون حوار متكامل، وأوجه التحية للمعارضة المصرية، وأحييها على شرفها واتسامها بمسئولية عالية وروح وطنية وقابلية للحوار بالرغم ما تعرضت له بسبب قوانين الحبس الاحتياطي وغيره من الصعوبات وأثبتت أنها أشرف من الإخوان المسلمين الذين يتاجرون بالمظلومية.

وأناشد المعارضة بضرورة التحضير الجيد لمشاركتهم في الحوار الوطني، بحيث يكون هناك بدائل لكل المقترحات لأنه في حالة رفض مقتراحاتهم يكون ذلك بسبب الإرادة السياسية وليست لعدم وجود حلول بديلة، ولابد من اختيار الممثلين عن كل فئة بدقة، فبعض هذه الاختيارات لم تكن موفقة، لذلك الاختيار بدقة في الممثلين مهم لكي يكون الحوار على قدر قيمة مصر.

وماذا عن المعوقات التي تعترض طريق الحوار الوطني؟

معوقات الحوار الوطني أولها البطء، فالرئيس أعلن عن الحوار في 26 ابريل، وأول كلام عن مجلس الأمناء كان بعدها بشهرين، فلماذا أضعنا هذين الشهرين، وأنا قلق جدا من بطء الحوار بين الدولة والمعارضة، والاثنان متفقين على رفض الإسلام السياسي والدولة الدينية ولكن مختلفين حول السياسات الاقتصادية، السياسات الاجتماعية والخارجية، وواجب على الدولة أن توفر مناخ عام يشجع على الحوار الوطني، صحيح حدث انفراجة بقدر ما ، لكن ليست بالقدر المطلوب، وأكبر ملف مصر ممسوكة فيه من رقبتها أمام العالم هو ملف الحريات وحقوق الإنسان، والبلد الذي يسير في الاتجاه الصحيح لا يعطي الفرصة لأي قوى خارجية إنها تمسكه من رقبته، كان يجب أن يكون ملف الإفراجات أسرع وأعداد أكبر، فلو تم الإفراج عن برلماني سابق مثل زياد العليمي هذا سيكون له تأثير جيد عن صورتك في الخارج، ولماذا لا يتم الإفراج عن أحمد دومة فهو أول من هتف بسقوط مرسي رغم أنه من أسرة اخوانية، والصحفيين الذين تم الإفراج عنهم في الفترة الفائتة كان لهذا الأمر تأثير إيجابي.

يكمل عبد الغني رؤيته قائلا “هناك جهات لا تعرف حتى الآن أن السياسة هي التي يجب أن تقود، فرجل الأمن يرى الموضوع من منطلق مهنته ونحن نقدر ذلك ولكن لا يمكن للأمن أن يتحكم في السياسة ولا توجد دولة في العالم يقود فيه الأمن السياسة وتقدمت ، السياسة هي التي تقود، والأمن مثله مثل باقي الجهات، وزير الداخلية مثله مثل وزير الاقتصاد ووزير الخارجية مهمته تقديم رؤى ومعلومات وبدائل لصانع القرار ولكن صانع القرار وهو من يده في النار وهو من يتحمل المسؤلية أمام الشعب، لذلك لا يجوز أن يقود الأمن، يجب أن تكون القيادة للسياسة مع وضع مقترحات الأمن وتوصياته عين الاعتبار..

ويضيف “عبد الغني”مصر كانت تحتاج لتحركات أسرع لتبديد الصورة الذهنية في الخارج، فلكي تتحرك أمورك في الخارج ومع صندوق النقد بشكل أسرع تحتاج إلى تحرك داخلي أسرع. ولولا قرارت العفو التي أصدرها الرئيس لكنا في مأزق كبير، فلجنة العفو الرئاسي حتى بعد إعادة تشكيلها وضمها لشخصيات لا غبار عليها ومع ذلك اجتمعت مرة واحدة فقط فهل يعقل ذلك، لماذا لا يتم تقديم مشروع قانون للرئيس بالعفو الشامل على كل من لم يتورط في عنف أو يحرض عليه.

هناك من طالب بمشاركة الإخوان في الحوار الوطني فكيف ترى ذلك؟

الإخوان منذ نشأتهم عام 1928 عقبة في طريقة النهضة والحداثة في طريق مصر، فمصر كانت تسير بشكل جيد لولا اعتراض هذا التيار طريقها، ودفعها للوراء مئات السنين، وأتمنى أن يكونوا تعلموا من الظروف التي مروا بها، وأن يكون حديثهم عن الابتعاد عن العمل السياسي صحيح، وأن يتركوا السياسة لأهلها، ويتركوا الدعوة لأهل الأزهر الشريف رمز الوسطية والسماحة، وأن ينضموا للأحزاب كغيرهم من المواطنين العاديين.

ويتساءل لماذا لا نهتم بالتيارات الإسلامية الأخرى ونركز على الإخوان “مالها الطريقة الصوفية”؟ ثم يجيب ” هل الإخوان يعرفوا ربنا أكتر من الصوفيين؟.. أنا شخصيا أعتبر أن الصوفية هي الأقرب لي وروح الصوفية السمحة بعيدا عن البدع والخرافات تمثل جوهر الإسلام الصحيح.

يكمل “الإخوان ليس لهم ميزة على أي شخص.. وليسوا هم أهل الله وإحنا أهل الشر أو الشيطان ولكن العكس هم من حولوا الدين الإسلامي العظيم إلى مطية من أجل السلطة وإذا كان كلام وقيادات الجماعة صحيحا انهم سيتوقفوا عن ممارسة السياسة وسيتوقفوا عن السعي للسلطة، سيكون ذلك أفضل شيء يمكن أن يفعلوه.

هل تؤيد مشاركة الدكتور محمد البرادعي في الحوار الوطني؟؟

الدكتور محمد البرادعي لم يحرض على العنف ولم يمارسه، ولا أعرف إذا كان معترف بشرعية نظام دستور 2014 أم لا، ولكنه لم يحرض على العنف، وكان موجودا حتى 3 يوليو، وكان نائب لرئيس الجمهورية.

ما رأيك فيمن يرون أن الحوار الوطني لن يؤدي إلى شيء يذكر؟؟

أستطيع أن اتفهم وجهة نظرهم ولكن لا أوافق عليه إطلاقا، صحيح لدينا خبرات سلبية من الحوارات التي جرت قبل ذلك في عهد مبارك وعهد السادات ولكن الظرف الوطني الآن مختلف، وبديل الحوار هو المواجهة وهي أمر لن يستفيد منه سوى الإرهابيين والجماعات المتطرفة، فالإخوان لم ينتهوا ولم يتبخروا وهم سينتهزون أي فرصة للانقضاض على الحكم، لذلك أدعو المعارضة والسلطة معا إلى عدم إضاعة هذه الفرصة التاريخية، لأن البديل مخيف، ومن أجل مصلحة السلطة والمعارضة معا نجاح هذا الحوار

من وجهة نظرك ما هي أهم أسباب الأزمة الاقتصادية التي تمر بها مصر وكيف سيكون المخرج؟؟

الأزمة الاقتصادية أسبابها معروفة للجميع وأتمنى أن تتوقف مصر عن الاقتراض من الخارج أو تقترض على قدر الحاجة، وأن يتم استخدام القروض في أنشطة إنتاجية، وتكون فوائد وأرباح المشروعات الإنتاجية أعلى من فوائد القروض، فالقروض التي تم الحصول عليها الفترة الأخيرة إذا تم استخدام جزء منها في الهيكل الإنتاجي فستكون ذات فائدة ، ولكن ما حدث أن كل القروض تم استخدامها في بنية تحتية ، وهناك مقولة مشهورة لرجال الاقتصاد مفادها “لا تقترض دين تكون عوائده أقل من فوائد القرض”، لذلك بناء الطرق والكباري بالرغم من أهميتها ولكنها لا تجلب عائد يوازي فوائد وأقساط الديون.

في ظل الأزمة الراهنة وتجاوز الدين الخارجي لـ150 مليار دولار ووجود فوائد وأقساط ديون بمليارات الدولارات مستحقة الدفع خلال الفترة المقبلة هناك من يرى أن إعلان الإفلاس قد يكون حل للخروج من الأزمة الراهنة حتى توفر مصر أقساط وفوائد الديون وتوجهها للداخل فكيف تري ذلك ؟

أولا مصر ليست سريلانكا ولن يسمح أحد لمصر أن تسقط إطلاقا، كما أن وزن مصر السياسي والإقليمي والعالمي يمنعها من هذا الأمر، كما أن مصر ربطت نفسها بالاقتصاد العالمي، وأنهت فكرة التنمية المستقلة واعتمدت على الاقتصاد التابع، لذلك، تأثر الاقتصاد بالأزمات العالمية التي يمر بها العالم مثل أزمة كورونا وأزمة الحرب الروسية الأوكرانية، وهذا ليس حلا على الإطلاق.

وما الحلول الواقعية من وجهة نظرك للأزمة الاقتصادية؟

تقليل الواردات والاعتماد على التصنيع، مثلما صنعت مصر بعض بعض مستلزمات الإنتاج وقت أزمة كورونا.. وهو ما كشف أن الصنايعي المصري والمهندس المصري يستطيع أن يفعل أي شيء”

كما أن هناك أكثر من تريليون جنيه متأخرات ضريبية عند كبار رجال الأعمال من عينة هولاء الذين اشتروا فيلات في الساحل ب120 مليون جنيه، أي أكثر من 50 مليار دولار في حين أن قرض صندوق النقد الذي تسعي اليه مصر بكل الطرق لن يزيد باي حال من الأحوال عن 10 مليار دولار.

وما هو السبب الذي يجعل الدولة تتقاعس عن تحصيل كل هذه المبالغ الكبيرة في ظل هذه الأزمة الاقتصادية الطاحنة؟

المدرسة التي تقود الاقتصاد المصري هي الليبرالية الجديدة وهذه المدرسة تحذر من الاقتراب من رجال الأعمال وهذه سياسة أثبتت فشلها فرجل الأعمال من حقه أن يشتري فيلا ب100 مليون أو أكثر لكن في نفس الوقت عليه حقوق للدولة يجب أن يؤديها، وهذه الضرائب المستحقة عليهم يجب أن يدفعها وهي قادرة على إنقاذ مصر من أزمتها، فأقوى إدارة  في أمريكا هي إدارة الضرائب “مفيش رجل أعمال يقدر يتجازوها حتى لو كان إيلون ماسك على السجن فورا، مفيش هزار مع الضرائب ولكن في مصر.. رجال الأعمال عاوزين يأخذوا كالوطنية، وهذا لا يعني ان كل رجال الأعمال أشرار، فهناك رأس ماليين وطنيين، ومنهم رجل أعمال صاحب مصنع سجاد، وكان له 75% من صادرات السجاد العالمي وهذا الرجل وغيره رموز للرأسمالية الوطنية.

وتابع أنه كان في الماضي الحذاء المصري كان يشبه القطن المصري، ولكن هذه الصناعة تأثرت الآن وأصبح كل شخص يرتدي ماركات مختلفة، قائلا: “إحنا كنا الأساس في صناعة الأحذية دلوقتي شوفوا تركيا”.

واستطرد أن الحكومة يسيطر عليها خلال هذه الفترة صوت واحد، مناشدا جميع القطاعات باستغلال الحوار الوطني للاستماع لجميع الأصوات.

واستكمل: “رئيس شعبة المواد الغذائية في الإسكندرية بيقول أن التجار وليست الحكومة ولا التموين.. أن التجار رفعوا سعر المنتجات 40% لما سمعوا ارتفاع سعر المواد البترولية قبل القرار ما يتم تطبيقه وهو ما يدل على أن السوق ليست عليه سيطرة أو ضبط والتجار يفعلون ما يشاءون في المواطنين”.

وأكد أنه في حال استغلال بعض التجار المنتجات وانخفاضها في الأسواق لبيعها بأسعار مرتفعة عليها فإن على الحكومة أن تتدخل، منوها إلى أن الدولة تقدم الكثير للمواطنين وهو الظاهر في منافذ البيع للمنتجات الغذائية المتواجدة في جميع أنحاء الجمهورية، ولكن التجار تشتري السلع من المنافذ بأسعار منحفضة ويبيعونها للمواطنين بأسعار مرتفعة.

وأضاف إن هناك فجوة تمويل تصل إلى 60 مليار دولار بين أموال للاستيراد وأقساط وفوائد، موضحا أن قيمة العجز ستصل من 18- 26 مليار دولار في العام المالي الحالي.

وأوضح “عبد الغني” أنه في العام المالي الجديد ستحتاج الدولة لأكثر من 59 مليار دولار، إلى جانب التمنيات بنجاح برنامج الخصخصة المطروح، منوها أن كل المؤشرات العالمية تشير إلى أنه لا يمكن البيع بأكثر من 2-3 مليار دولار في ظل ظروف الاقتصاد العالمي.

وتابع “عبد الغني” أنه مع الافتراض البيع ب10 مليار دولار سيكون هناك 40 مليار دولار، سيكون هناك حاجة لـ4 سنوات، مشيرا إلى أن الرئيس السادات حصل على قدر من المال بعد معاهدة السلام، والرئيس الراحل مبارك رفع جزء من الديون بعد حرب الخليج، ومع حكومة رئيس الوزراء أحمد نظيف ارتفع معدل النمو ل7%، ولكن لعدم توزيعه على عائد الشعب ولم يغير من الهيكل الإنتاجي، لذلك ظل الهيكل الانتاجي منتهي.

واستطرد إذا تم استخدام القروض في التصنيع كان سيتم تحقيق عائد بما يساوي الاقتراض، مشيرا إلى أن الاقتراض ذاته ليس مشكلة ولكن الاقتراض المبالغ فيه هو المشكلة، نتيجة لعدم التوجيه لهذا المال.

واستكمل: “إذا استمرت السياسات الاقتصادية الحالية نحن نعمل مسكنات وليست حلول وستعود الأزمات بعد 5 سنوات مرة أخرى ويدفعنا ذلك لطلب الأموال والمساعدات من دول الخليج والدول الغربية”.

وكشف الكاتب الصحفي حسين عبد الغني أنه تم اكتشاف رجال أعمال متورطين في تهريب أثار ليس فقط يتهربوا من الضرائب، إلا أنهم يسرقوا الحضارة المصرية.

وأنه في ظل الأزمة الاقتصادية لابد من فتح الأبواب لسماع جميع الآراء والمدارس لإيجاد حل للأزمة، موضحا أن مدرسة وحيدة، هي المسموعة وهي “النيو ليبرالية” والتي بدأت منذ أواخر عهد الرئيس السادات وحتى ظهور فكرة التوريث مرة أخرى، والاستيلاء على الحزب الوطني.

وتابع أنه لابد من الاستماع للمدرسة الديقراطية الاجتماعية لحل الأزمات الاقتصادية، مشيرا أن الحلول تتركز على تقليل الواردات من الخارج، والاعتماد على التصنيع المحلي، لكي يتم تحقيق إنجازات الحصول على نتائج جيدة كما حدث في مشروع المليون فدان وغيرها من المشروعات الزراعية.

والدولة تحتاج إلى صناعات كثيفة العمالة وكثيفة التكنولوجيا لأن حجم الدولة كبير، لذلك يمكن النظر إلى صناعة المركبات وصناعة المنسوجات، ويمكن للقطاع الخاص المشاركة في هذه الصناعات، ولكن لابد من العودة لسياسة التصنيع، وهو ما سيحقق إحلال الواردات من خلال توفير منتج محلي بديل عن المنتج المستورد.

وأوضح أن تقليل الواردات يقلل إهدار العملات الصعبة وزيادة الصادرات يزيد من جلب العملات الصعبة، مؤكدا أخه بدون توطين الصناعة كثيفة العمالة وكثيفة التكنولوجيا لن يحدث أي تقدم.

وضرب الكاتب الصحفي المثال بدولة فيتنام والتي أصبحت من كبار الدول بعد خروجها من الحرب، وتركيا التي تصدر ب300رمليار دولار، قائلا: “توطين الصناعة هي من تنقذ مصر وليست قروض صندوق النقد الدولي وقروض البنك الدولي.. “دول بيخلوا مصر لا تغرق ولا تطفو وتظل في وضعها فقط”.

وأضاف أنه لابد أن القوانين التي تم وضعها وتتناقض مع روح الدستور في عام 2018، فيما يتعلق بأمور النشر، لابد من عودتها لأصولها، مضيفا أن الرقابة تقتل المهن، منوها أنه لم يقتنع بكلام رئيس الوزراء عن الأزمة الاقتصادية وأن مصر كانت تسير بشكل جيد لولا الأزمة الأوكرانية، مؤكدا أن هذا الأمر غير صحيح وأن الأزمة الاقتصادية تكررت أكثر من مرة من عهد رئيس السادات ومبارك وحتى الآن.

وأوضح  أن ما يتم تصديره أصبح أكبر مما يتم استيراده، وهو ما تسبب في الاستدانة من 2-3 مليار جنيه في عام 1970، حتى أصبح الدين 157 مليار دولار الآن، متابعا أن السبب في استمرار الدين وتراكمه هو حدوث تراخي في الإنتاج الصناعي والزراعي، وإهمال الصناعة المصرية، لذلك أصبح قطاع الخدمات هو القطاع المسيطر، وهو قطاع غير منتج، لذلك كان الاستيراد أكبر من التصدير، ما أدى لزيادة الحاجة للعملات الصعبة للاستيراد بها

وتابع أن مصادر العملة الحرة، تتركز على تحويلات المصريين في الخارج، قناة السويس والنفط والغاز الطبيعي والسياحة”، منوها أن هذه المصادر الأربعة لا تتحكم فيهم الدولة، ولكن يتحكم فيهم الوضع العالمي، كما أن أسعار النفط تتحكم في تحويلات المصريين في الخارج.

وأشاد بالمصريين في الخارج، لأنهم استطاعوا أن يحولوا لمصر 30 مليار دولار، وهو ما يكفي قدر المحاولات المصرية في الحصول على قرض من البنك الدولي ومن الخارج، مبينا أن هذا ما حدث في التعليم المجاني لهذه الأشخاص، وهو ما دفع الدول الأخرى تطلب المصريين للعمل لديهم.

فيما يخص أزمة سد النهضة، ما الحلول التي قد تراها ممكنة ؟

الخيارات كلها متوفرة، وعمل سياسة نشطة تجاه إفريقيا وتجاه الدول الكبرى، التي لها تأثير على حل أزمة سد النهضة.

وأوضح أن الدول الكبرى لا تتلخص في الولايات المتحدة الأمريكية فقط، ولكن هناك دول أخرى يمكن من خلالها تقوية أوراق الضغط بها للوصول للحلول، كاشفا أن أكبر دائن لمصر، هي الصين، وليست دول الغرب، موضحا أن هناك مدن صناعية أمريكية وروسية.

ونوه إلى أن الانطباع الذي أخذته الصين عن مصر، هو ما شكل موقفها من أزمة سد النهضة، وذلك نتيجة لعدم وجود سياسة نشطة من الجانب المصري في علاقاتها مع الصين والدول الكبرى، وهو ما جعل الدعاية الإثيوبية ترسخ إنطباع عن أن مصر مرتبطة بالإرادة الأمريكية.

واستكمل: “مصر كانت لازم تقول أن أمريكا صديق عزيز ولكن كمان الصين وروسيا هم أصدقاء.. والفترة اللي العالم ضيق أنظمة السلاح على مصر.. روسيا قدمت السلاح لمصر بدون شروط سياسية”، مشيرا إلى أن الغرب يحاول إقناع مصر بتقديم الأسلحة الروسية المتقدمة التي حصلت عليها من روسيا لأوكرانيا، ولكن مصر ترفض لأنها ترفض بيع ثقة روسيا.

واستطرد أن مصر لديها فرصة في بناء إجماع دولي في أزمتها مع إثيوبيا حول سد النهضة، لأن القانون الدولي يقف مع مصر بنسبة 100%، كما أن الحق التاريخي والأمر الواقع والممارسة على الأرض، لذلك لابد من التأكيد على أن هناك سياسة قوية لمصر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى