أراء ومقالاتالموقع

حسن القباني يكتب لـ«الموقع» القلوب لا تغلق أبوابها فجأة

القلوب دول كالأيام، تتبدل من حال إلى حال، وتتقلب كتقلب الليل والنهار، من وفاق إلى شقاق، ومن براح واشتياق إلى ضيق وانغلاق، ولكنها لا تغلق أبوابها فجأة، ولا تتبدل أحوالها دون جرس انذار، ولا تتغير أيامها دون سابق آلام.

نرصد ذلك بوضوح، عندما تدخل العلاقات الإنسانية أو الأسرية المحطات المتتابعة، للخلافات والشقاق، فإن بعض القلوب، تغلق أبوابها بلا عودة ، بعد أن أنهكها التعب من تكرار الأذى ، وأتعبها كثرة مواطن الوجع ، وأوجعها تراكم الألم ، دون علاج ولا تصحيح ، بشكل لا يصلح معه إلا مرور الوقت ومغادرة أماكن الألم وفراق شركاء الوجع، وهو ما حذر منه الأديب الراحل جورج برنارد شو قائلا : (القلوب التي تسامح كثيراً وتصبر طويلاً وتتنازل دوماً ، هي القلوب التي إن قررت الرحيل فلن تعود يوماً).

إن معظم الأزمات العائلية والإجتماعية، من فعل خذل قلبا وأشعل نيران غضبه، ومن كلمة كسرت قلبا وأحرقت بيتا، وتناست حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فليقل خيرا أو ليصمت)، ومن محاولات لا تتوقف لتحطيم كل الجسور أو العيش الدائم في الماضي، أو نسيان الفضل، أو البخل، أو المبالغة في العشم أو رفع سقف التوقعات أو حب التملك والسيطرة.

إن إماطة الأذى عن القلوب، مفتاح الوفاق العائلي والإجتماعي ، وهو مسار لا يخضع لعمليات الحساب وجدول الضرب ، ولا يحكمه “كتالوج” واحد، ولكن هناك رب واحد مطلع على القلوب، يحب أصحاب القلوب البيضاء، الحكماء النبلاء ، الذين يجددون وعيهم كل حين تحت إشراف العلماء، ويحافظون بمسئولية ونفس طويل على حبهم وبيوتهم ، ويتمسكون بالنبل والرحمة مع قلوب من حولهم.

إننا نحتاج بشدة إلى الاعتناء بالقلوب منذ الصغر وبالتحديد من مدرسة الأسرة، من أجل تخريج قلوب بيضاء تقاوم السواد ، وطيبة تنشر الوداد ،ولطيفة دون التصاق ، وقوية دون قسوة، وكريمة دون إسراف ، وكبيرة دون كبر، وصافية تأبى الغش، ورحيمة لا تفجر في خصومة، وأمينة لا تغدر، وحكيمة لا تتجاوز عند نزاع أو خصام، صاحبة حب واعي ودعم مبصر دائم ، لا تنسى “الأصول” والعيش والملح عندما يعتريها تغيرا أو تختار الافتراق والابتعاد.

اقرأ ايضا للكاتب…

حسن القباني يكتب لـ«الموقع» للقلوب مواعيد لا تقبل التأخير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى