الموقعتحقيقات وتقارير

«حرية صحافة أم لأهداف سياسية».. لماذا كشف الإعلام الصهيوني عن مقبرة القدس فى هذا التوقيت؟.. «ملف الموقع»

كتب- أسامة محمود

أثار الكشف عن مقبرة جماعية لجنود مصريين تعود إلى حرب 1967، قد أحرقوا أحياء ثم دفنوا بشكل سري في منطقة اللطرون بشمال غربي القدس، حالة من الجدل والغضب بين المصريين ومطالبات بفتح تحقيق كبير لكشف الحقيقة ومحاسبة جنود الاحتلال الصهيوني الذين نفذوا هذه الجريمة، والتى كشف عنها الصحفي الإسرائيلي يوسي ميلمان، الجمعة الماضية، وراح ضحيتها ما لا يقل عن 20 جنديًا مصريًا في الحرب 1967.

وأثار مغردون ومدونون تساؤلات حول مسؤلية الحكومات المصرية المتعاقبة عن هؤلاء الجنود وكيفية استرجاع حقوقهم الشرعية طبقا للقانون الدولي لحماية الأسرى.

وذكر ميلمان في سلسلة تغريدات على حسابه بموقع التدوينات القصيرة “تويتر”، أن الجنود المصريين أُحرقوا أحياء ودفنهم الجيش الإسرائيلي في مقبرة جماعية بدون علامات قرب القدس.

نرشح لك: هل تقاضى مصر إسرائيل أمام المحكمة الجنائية بعد الكشف عن مقبرة القدس؟.. «الموقع» يجيب

ونشر الموقع الإلكتروني لصحيفتي “يديعوت أحرونوت” و”جيروزاليم بوست” الإسرائيليتين تفاصيل مشابهة لما ذكره ميلمان.
وكتب ميلمان: “بعد 55 عاما من الرقابة الشديدة، يمكنني أن أكشف أن ما لا يقل عن 20 جنديا مصريا قد أحرقوا أحياء ودفنهم الجيش الإسرائيلي في مقبرة جماعية، لم يتم وضع علامات عليها، ودون تحديد هويتها، مخالفا لقوانين أسرى الحرب، في اللطرون (قرب القدس)”، مضيفا: “حدث ذلك خلال حرب 1967”.

وحول أسباب تواجد الجنود المصريين في تلك المنطقة، أشار ميلمان إلى أن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، كان قد وقع قبل أيام من نشوب الحرب، اتفاقية دفاع مشترك مع العاهل الأردني الملك الحسين بن طلال، الذي كان يسيطر على الضفة الغربية.

وقال ميلمان: “نشرت مصر كتيبتين من الكوماندوز في الضفة الغربية بالقرب من اللطرون.. كانت مهمتهم هي الهجوم داخل إسرائيل والاستيلاء على اللد والمطارات العسكرية القريبة.

وأضاف ميلمان: “وقع تبادل إطلاق النار مع جنود الجيش الإسرائيلي وأعضاء كيبوتس نحشون (تجمع زراعي تعاوني) وتم أسر بعضهم”.

وتابع: “عند نقطة معينة، أطلق الجيش الإسرائيلي قذائف هاون وأضرمت النيران في آلاف الدونمات غير المزروعة من الأحراش البرية في الصيف الجاف، موضحا “مات ما لا يقل عن 20 جنديا مصريا في حريق الأحراش”.

وطرح الكثير تساؤلات أهمها لماذا كشف الإعلام الصهيونى هذه الموضوعات فى هذا التوقيت من جهة وهل هذا الأمر حرية للصحافة ووسائل الإعلام فى دولة الكيان الصهيوني أم له أهداف سياسية من جهة أخرى .

وطرح “الموقع” هذا السؤال على أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور مصطفى كامل، الذى قال، إن إسرائيل على الرغم من انها كيان محتل ومغتصب لحقوق وأراضى الفلسطينين ولا تحترم القوانين الدولية، إلا أنها لديها حرية إعلام وصحافة، ولديهم أحزاب وانتخابات حرة ديمقراطية.

وأشار “كامل” فى تصريحات لـ”الموقع” إنها ليست المرة الأولى التى يخرج علينا الإعلام الإسرائيلي بالكشف لمثل هذه الجرائم ولكن فى السابق خرج هذا المسئول أو الجنرال الإسرائيلى وتحدث عن هذا الأمر، من ناحية أخرى يوجد فى إسرائيل محاسبة لرئيس الوزراء عن قضايا فساد أو اخفاقات، موضحا أن خروج هذا الجنرال فى هذا التوقيت ليس له أهداف سياسية كما يدعى البعض ولكن هى طبيعة الدول التى يوجد بها حرية للإعلام والصحافة باستثناء القضايا الخاصة بالأمن القومى .

وأضاف “كامل” أن هذه القضية ليست بالامر الهين أو السهل لأن أي إجراء إسرائيلي في هذه الاتجاه سيأخذ وقتا وطابعا سريا لبعض الوقت لأن الأمر يمس “سمعة الجيش الإسرائيلي”، لافتا إلى أن “الكشف عن الأمر بعد 55 عاما على الواقعة ورفع السرية عنه من قبل الرقابة العسكرية الإسرائيلية يثير علامات استفهام. وربما تكون هناك تجاذبات بين القوى السياسية الإسرائيلية مع وجود رئيس وزراء جديد في مرحلة انتقالية، والتوجه لانتخابات جديدة على حد قوله.

ونقل الصحفي الإسرائيلي عن زين بلوخ (90 عاما) القائد العسكري لكيبوتس نحشون قوله: “لقد انتشر الحريق سريعًا في الأدغال الحارة والجافة، ولم يكن لديهم فرصة للنجاة”.

وأضاف بلوخ: “في اليوم التالي جاء جنود من الجيش الإسرائيلي مجهزين بجرافة إلى مكان الحادث وحفروا حفرة وقاموا بدفن جثث الجنود المصريين وغطوها بالتربة”.

وأوضح الصحفي الإسرائيلي: “بلوخ وبعض أعضاء (كيبوتس) نحشون شاهدوا برعب الجنود الإسرائيليين ينهبون الممتلكات الشخصية للجنود المصريين ويتركون المقبرة الجماعية بدون علامات”، مشيرا إلى أن الوثائق العسكرية الرسمية غير السرية، تحذف “مأساة اللطرون من سجلاتها”.

يشار إلى أن منطقة اللطرون تقع على الطريق الواصل بين القدس المحتلة ويافا، وتبعد نحو 25 كيلومترًا غرب القدس، وعقب حرب عام 1948، تم الاتفاق بين إسرائيل والأردن على جعلها منطقة محرمة.
وفي حرب 1967، احتلت إسرائيل اللطرون، وضمتها، وهي اليوم من ضواحي مدينة القدس الغربية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى