أراء ومقالاتالموقع

جورج أنسى يكتب لـ«الموقع»..”خطة كيوبيد” للمقبلين على الزواج!

مع تزايد حالات الانفصال فى مجتمعنا وصولًا الى الطلاق المبكر جدًا بين المتزوجين حديثًا، باتت معالجة ومواجهة هذه الظاهرة المتفشية بضراوة فى السنوات الأخيرة، ضرورة ملحة .

ولعل الصراعات الزوجية التي تنشب فى مرحلة “الخطوبة”وتستمر بعد الزواج، من أهم أسباب تفشى ظاهرة الطلاق المبكر، ويأتى غياب الصبر أو (طولة البال) -كما نقولها بالعامية المصرية- على تحمل الشريك سلبيات شريكه فى الحياة الزوجية ، على رأس هذه الأسباب؛ وهى الفكرة التى اعتمد عليها العرض المسرحي المتميز (خطة كيوبيد) والذى نحن بصدد الحديث عنه فى السطور المقبلة.

طرافة الفكرة وأسلوب المعالجة وإبداع جميع عناصر العرض وحتى اختيار القاعة التى تحتضن العمل، ساهم بشكل كبير فى تحقيق الهدف ووصول الفكرة للمتلقى بسهولة، فقد اختار المؤلف الشاب عبد الله الشاعر ، إله الحب (كيوبيد) الأسطوري ليكون البطل والذى يعلن الاعتزال بعد أن تزوج، لكنه بطبيعة الحال يسقط فى فخ ملل ورتابة الحياة الزوجية، ومع اقتراب موعد زواج ابنته الوحيدة من إبن أخيه -رغم الخلافات المستمرة بينهما طيلة فترة الخطوبة الممتدة لأربع سنوات- فكر فى خطة مختلفة بوضع الحبيبين تحت مجموعة من الاختبارات للإيحاء لهما بأن الزواج سيفشل فشلًا ذريعًا، وتنجح الفكره ليتمسكا ببعضهما البعض رغم كل المنغصات المتوقعة فى المستقبل.

هذه الخطة ربما نصحنا بها كثيرين ولم نكن نأخذها بمحمل الجد، فقد كانت النصيحة تتلخص فى ضرورة أن يظهر كل طرف غالبية سلبياته مع تجنب (التمثيل) وإظهار الجوانب الإيجابية فقط!؛ وهو مايحتاجه الكثير من المقبلين على الزواج هذه الأيام، ليتدربوا على نوعية المشكلات التي قد تعترضهم فى المستقبل وتعصف بحياتهم الزوجية .

خلال ٧٠ دقيقة، تعرض المسرحية الكثير من الأفكار والتأملات التى تأتى بين الضحكات والاستعراضات والأغاني المعبرة، ولا أبالغ إذا قلت أن اختيار المخرج المتميز أحمد فؤاد لقاعة يوسف إدريس -بمسرح السلام بشارع قصر العينى- والتى تتسع لثلاثين فردًا، من أهم عوامل نجاح العرض، فتلك الحميمية التى تنشأ بين جمهور المتلقين وأبطال العرض الأربعة وكأنهم جميعًا فى منزل واحد، ساهمت فى زيادة التفاعل خاصة مع تلقى الأبطال لردود أفعال الجمهور واستحسانهم لبراعة جميع عناصر العمل.

بطل العرض..رب أسرة “الكبايدة”، الفنان عبد المنعم رياض، هو المعبر الرئيس عن فكرة المسرحية وقد تحمل القدر الأكبر من إشاعة جو من البهجة والمرح والإضحاك، سواء بإستخدام لغة الجسد أو تعبيرات الوجه ونبرة الصوت الجياشة؛ كما أنه يتمتع بحضور طاغ يجعله مؤهلًا ليكون من نجوم المستقبل على الشاشة الفضية وفى الأعمال الدرامية التليفزيونية.

ويشارك فى بطولة العرض ثلاثة من الفنانين المبدعين، أولهم (كريم الحسيني) -الخطيب وابن أخو كيوبيد- والذى شارك عام ١٩٩٥-وهو طفل- فى فيلم “الجراج” للمخرج الراحل علاء كريم، وهناك (أمنية حسن)فى دور الابنة وهى تمتلك قدرات تمثيلية وغنائية تبشر بميلاد فنانة شاملة، وأخيرًا (نوال سمير) فى دور الأم القوية التى تتمتع بشخصية حازمة ولكنها لا تخلو من لمحات كوميدية قدمتها فى إطار جاد.

التعاون الواضح بين كل عناصر العمل ظهرت بوضوح فى تغيير الديكور خلال الفواصل والتى جعلت من الممثلين مساعدين للمخرج ومسؤول الديكور أحمد أمين، فى سرعة نقل وتغيير الديكورات، أما بساطة تصميم الملابس لـ(رباب البرنس) ساهمت فى توضيح فكرة المزج بين الأسطورة وهذا الزمن، أيضًا كان توزيع الإضاءة ل (أبوبكر الشريف) دور مهم فى عدم تشتيت انتباه جمهور الحاضرين، ثم تأتى الموسيقى لـ(محمد عبد الله) لتكون عنصرًا مؤثرًا فى العرض، فيما ظهر بجلاء العزف الحى للكمان والذى قدمه بشاعرية تامر عبد المجيد، وأخيرًا الشكر موصول لدينامو الإعلام الزميلة الصحفية (نيفين الزهيرى) والتى منحتنا فرصة حقيقية للاستمتاع والتفكير وشحن بطاريات الكتابة.

سيبقى المصريون أحد مصادر البهجة فى أى مكان وزمان مهما كانت الظروف، ولعل فنانونا -من جميع الأجيال- كان لهم السبق والريادة فى معالجة جميع القضايا بروح وخفة دم مصرية لتحقق الهدف منها ، ولذلك يأتى هذا العمل الراقى البسيط ليكون إضافة مهمة تحسب للبيت الفنى للمسرح ولقطاع الإنتاج الثقافى بوزارة الثقافة، وتبشر بجيل جديد موهوب فى جميع عناصر المسرح والسينما والتليفزيون ..وحقيقى ستبقى مصر ولادة بالمواهب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى