لا أفهم حتى الآن ما الحكمة من وراء عدم الإعلان رسميًا عن تعداد المسيحيين فى مصر، خاصة مع التقدم التكنولوجى الذى نشهده، بل وترك الامر برمته للخيال والتقديرات التى تصدر عن قيادات ليس من اختصاصها اصدار ارقام أو احصاءات حول تعداد الطائفة التى ترأسها !.
فعلى مدى سنوات طويلة، ظل تعداد المسيحيين فى مصر غير معلوم على وجه الدقة، ربما لاعتبارات أمنية أو حرصًا على التوازن المجتمعى الذى تتسع عباءته للكثير والكثير من المواءمات فى شتى مجالات الحياة!.
وإذا كان قداسة البابا تواضروس -بطريرك الأقباط الأرثوذكس- قد أعلن أخيرًا عن تعداد المسيحيين فى داخل مصر وخارجها من واقع سجلات الكنيسة القبطية، فإن السؤال الذى يثور دائمًا: كيف يتسنى لبابا الأقباط الارثوذكس أن يعلن تعداد المواطنين المسيحيين ككل، فى الوقت الذى توجد فيه أكثر من طائفة مسيحية تتفرع عن الطوائف الأربعة الرئيسة فى مصر ؛الأرثوذكس، الكاثوليك ، البروتستانت والكنيسة الأسقفية، هذا غير الطوائف المسيحية ذات الأعداد المحدودة، ناهيك عن المصريين المسيحيين المنتشرين فى عدة بقاع من العالم وبخاصة فى الدول المستقبلة للهجرات!
كل ذلك يجعل إعلان بابا الأقباط الأرثوذكس يفتقد الى الدقة والموضوعية -ونحن نلتمس له كل العذر فى ذلك لأسباب كثيرة-بالاضافة الى أن إعلان تعداد سكان مصر – على تنوعه- يدخل ضمن صلاحيات الدولة المصرية ممثلة فى مصلحة الأحوال المدنية التابعة لوزارة الداخلية والجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، وهما الجهتان المنوط بهما إعلان هذا الأمر، ولابد من تعظيم دورهما فى إطار الدولة القوية الموحدة.
وفإن هذه القضية “الهامشية” التى تظهر على السطح بين الحين والآخر، تحتاج لحسم دون النظر لأية اعتبارات أخرى، فحولنا توجد دول لديها من التنوع الطائفى والعرقى والاثنى ما يفوق التنوع فى مصر -الآن- بمراحل، ولكن تعداد كل طائفة ونسبتها من المجموع الكلى للسكان واضح ومحدد، ولا أتصور هذا الأمر معضلة لدولة بحجم مصر وريادتها الإدارية والتنظيمية منذ فجر التاريخ.
اقرأ ايضا للكاتب
جورج أنسى يكتب لـ«الموقع»..لغز العريش بعد التهميش!
جورج أنسى يكتب لـ«الموقع».. اللاجئون و الأم الحنون!
جورج أنسى يكتب لـ«الموقع».. أين الأفلام التليفزيونية فى الوجبة الرمضانية؟!