أراء ومقالاتالموقع

جمال قرين يكتب لـ«الموقع» مواقف من حياة الشيخ الشعراوى

*فى سيرة العارفين بالله دروس وقصص وفى تراثهم أيضا عبر ‘ هؤلاء الأحبة إذا رحلوا عن عالمنا انقطع عملهم إلا من ثلاث أهمها العلم الذى تركوه لنا وإمام الدعاةالشيخ محمد متولى الشعراوى لم يترك لنا علمه وخواطره القرٱنية فقط ‘ وإنما ترك الكثير من الأعمال الخيرية أيضا التى ينتفع بها العباد خاصة أبناء دقادوس مسقط رأسه بمركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية ‘ لذلك ظل الشيخ المجدد رغم غيابه عنا بجسده حاضرا فى قلوب وعقول الملايين من الباحثين عن النور الإلهى حيث يحظى الشيخ بمكانة كبيرة وحضور كثيف الٱن على مواقع االتواصل الاجتماعى ‘ فهناك يوجد 14مليون زائر شهريا تقريبا لموقعه الرسمى على الإنترنت ‘ إلى جانب ملايين المتابعين على الفيسبوك وتحقق دروسه ومقتطفاته ملايين المشاهدات على موقع اليوتيوب ‘ أما قريته دقادوس فهى تعتبر نموذجا فريدا فى التدين والوسطية بما غرسه الإمام من سماحة فى قلوب وعقول أبنائها وهذا ما لمسته عن قرب أثناء زيارتى للقرية منذ عامين أنا وزميلى د. محمد شعبان الصحفى بالأهرام ونائب رئيس تحرير مجلة الشباب لإجراء تحقيق صحفى ردا على من تطاولوا على الشيخ متهمين فضيلته بأنه من ساعد بٱرائه وأفكاره فى نشر التطرف والإرهاب فى مصر وهذا محض افتراء واجتراء من هؤلاء الغوغاء ..

*يذكر أن الشعراوى مع حفظ الألقاب قام بتوزيع وصيته الشرعية على أبنائه عندما بلغ الستين وقال لهم مجتمعين : إن مايأتى من فضل الله بعد هذا السن فهو لله والناس ‘ رافضا إطلاق اسمه على المشاريع الخيرية التى قام بإنشائها سواء فى قريته او خارجها ‘ كما رفض أيضا أن يأخذ ثأر شقيقه إبراهيم الذى قتل بالخطأ وعفا عن قاتله وصارت بين عائلة الشعراوى وقاتل أخيه صلة نسب ومصاهرة ..

* كان الشعراوى إنسانا متواضعا جدا ‘ يقول السعيد زغلول المشرف على أعماله الخيرية بمسقط رأسه :

عندما كنا نجلس مع الشيخ كان الوزير مثل “الغفير” أمام حضرته وكان يقول لنا : من رد لقمة من يحبه أحوجه الله إلى لقمة من يكرهه وكنت أطلب منه الدعاء فيقول لى : ربنا يكفيك شر الناس ويكفيك شر نفسك ويكفى الناس شرك ..
والمعروف أن مولانا أنفق ثلثى ثروته التى بلغت 14مليون جنيه على المشاريع الخيرية التى حظيت قريته دقادوس بنصيب الأسد منها و هى عبارة عن مجمع إسلامى كبير يشمل كل الخدمات التى يحتاجها أهل دقادوس بالإضافة إلى إنشائه مستشفى ومدرسة ومعهدا دينيا ومسجدين بخلاف مئات الأسر التى تحصل على مساعدات مادية شهريا ..
*عينه السادات وزيرا للأوقاف وفى أثناء حلف اليمين الدستورية قرأ الشعراوى القسم أمام السادات بصيغته المعروفة لكنه أضاف من عنده فى نهاية القسم عبارة إن شاء الله ليغرق السادات فى الضحك ‘ طبعا تم حذف العبارة بعد ذلك ..

*ومن حكاياته أيضا مع السادات أنه بعد توليه وزارة الأوقاف قام بتغيير كرسى الوزارة الذى من المفروض أنه سيجلس عليه لمقابلة ضيوفه والتوقيع على “البوستة” واستبدله بكرسى خيزران ‘ولما علم السادات بذلك وفى أول مقابلة معه قال له :
هل صحيح ياشيخ شعراوى إنك لاتجلس على مكتبك بالوزارة وتركت الكرسى الوثير وجلست على كرسى خيزران بجوار الباب ؟!
ليرد الشعراوى على السادات قائلا : نعم صحيح فقال له السادات : ولماذا فعلت هذا ؟! وهنا رد الشعراوى بطريقة طريفة وقال : حتى أكون قريبا من الباب وعندما ترفدنى أجرى سريعا وأقول يافكيك وأحمد الله وأنفد بجلدى .

حينها ضحك السادات طويلا وفى أثناء الاحتفال الذى أقامه السادات على شرف ضيفه الكبيرشاوشيسكو رئيس وزراء رومانيا وكانت الحفلة فيها غناء ورقص ‘ فوجئ السادات والحضور أن الشيخ الشعراوى أعطى ظهره للحفل والمغنيات ‘ فقال السادات لممدوح سالم رئيس الوزراء : خلى الشيخ يتعدل ‘ فرد الشعراوى على السادات أنا اللى أتعدل اتعدل أنت ياريس وخرج مسرعا تاركا الحفل .

*ثمة اختلافات كثيرة حدثت بين الشعراوى وعبد الناصر .. وفى حوار للتليفزيون المصرى قال الشيخ للمذيع : إنه سجد لله شكرا بعد سماعه خبر الهزيمة فى 1967 ولما استغرب المذيع من رده وقال له لماذا يامولانا تفرح للهزيمة ؟! رد الشعراوى قائلا : فرحت لأننا لم ننتصر ونحن فى أحضان الشيوعية متهما عبد الناصر نفسه بأنه كان شيوعيا ..

* وبعد مرور عدة سنوات على رحيل ناصر فاجأ الشعراوى المصريين بزيارة قبر الرئيس جمال عبد الناصر بمنشية البكرى بالقاهرة’ وحينما سئل لماذا فعلت هذا وأنت كنت من أشد المعارضين لسياسته ؟!
قال فى تصريح لإحدى الصحف : لقد أتانى عبد الناصر فى المنام ومعه صبى صغير ممسك بمسطرة هندسية كبيرة وفتاة صغيرة ممسكة بسماعة طبيب ويقول لى : ألم يكن عندى حق ياشيخ شعراوى فى إدخال الطب والهندسة ضمن علوم جامعة الأزهر ‘ لأن الشيخ كان قد عارض هذه الفكرة بشدة وطالب عبد الناصر أن يقتصر الأزهر على العلوم الدينية فقط ..
*كما ارتبط الشعراوى بعلاقة قوية مع مبارك وحين تعرض للاغتيال فى العاصمة الاثيوبيةاديس أبابا ذهب إليه بصحبة شيخ الازهر د. جاد الحق على جاد الحق وكوكبة من العلماء لتهنئته بسلامته ‘ وقال لمبارك كلمات مؤثرة لايزال المصريون يتذكرونها ويرددونها تؤكد إخلاص الشيخ وشجاعته ‘ ياسيادة الرئيس إننى أقف الٱن على عتبة دنياى مستقبلا ٱخرتى ومنتظرا قضاء الله ولن أختم حياتى بنفاق ولن أبرز عنتريتى باجتراء ‘ فإذا كنت قدرنا فليوفقك الله وإذا كنا قدرك فليعنك الله على أن تتحمل .
*ومن كرامات مولانا – رضى الله عنه- وأرضاه حينما حضرته الوفاة كما يذكر ابنه الشيخ عبد الرحيم طلب منه تقليم أظافره وأن يستحم ويلبس ملابس جديدة بيضاء ‘ يذكر الابن الصالح أن والده كان فى هذا التوقيت ينظر لفوق ويقول :
أهلا سيدى أحمد ‘ أهلا سيدى إبراهيم ‘ أهلا السيدة زينب ‘ أهلا والله أنا جايلكم أنا أستاهل كل ده ؟! وبعد هذه الكلمات الطيبة والمباركة وهذا الترحيب بهؤلاء الصفوة من الأولياء والصالحين نطق الشيخ التقى النقى المجدد للإسلام وشريعته السمحاء بالشهادتين قائلا :

أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله وعندها طلع السر الإلهى بعد أن أدى الإمام الورع صلاة الفجر 17 يونيو 1998 رحم الله إمام الدعاة الشيخ الشعراوى ونفعنا بعلمه .

اقرأ ايضا للكاتب

جمال قرين يكتب لـ«الموقع» عن «السادات» و«النقشبندى»

جمال قرين يكتب لـ«الموقع» فى رحاب الشيخ محمد رفعت

جمال قرين يكتب لـ«الموقع» عاشت مصر ويسقط الإرهاب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى