الموقعتحقيقات وتقارير

تماثيل الـ Birth Defect.. لماذا ظهرت «العفاريت الضاحكة» في شوارعنا؟

“ألوان باهتة ورسومات غريبة”.. من المسئول عن “تشويه ” تماثيل الميادين بالمحافظات”؟.. “الموقع” يجيب

“المحليات” تستعين بأشخاص غير متخصصة فى تصميم التماثيل والقطع الأثرية

متابعون: “لابد من تدخل وزارة الآثار والسياحة لوقف هذا العبث”

أستاذ إرشاد سياحى: ما يحدث من تشويه للتماثيل والقطع الأثرية غير مقبول

“ذكرى”: هناك فجوة بين “المحليات” المنوطة بالتنفيذ والوزرات المعنية بالآثار والثقافة

تقرير- أسامة محمود

ظاهرة غريبة انشرت فى الآونة الأخيرة فى عدد من المحافظات تتمثل فى قيام “الوحدات المحلية” التابعة للمحافظات بتصميم قطع آثرية وفرعونية على شكل تماثيل “مشوهة” أو العيب الخلقي (Birth Defect) كما يسميه الأطباء في حالة الجنين المشوه.

فى بعض الميادين الخاصة بالمحافظة من أجل تزين الميدان وتطويره دون معرفة تاريخ القطعة الأثرية أو التمثال المراد وضعه فى الميادين أو مدخل المحافظة دون الاستعانة بالخبراء من وزارة الآثار، والأكاديميين المتخصصين والأثريين وكليات الفنون الجميلة والتطبيقية، وهو الأمر الذى أثار غضب الكثير من الخبراء فى قطاع الآثار والسياحة والمتابعين أيضا رافضين ما يحدث من قبل المحافظات والمحليات تجاه الآثار والقطع الحضارية والتاريخية.

وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الفترة الأخيرة جدلًا واسعًا، جراء تداول صور لتمثال فرعوني وُضع حديثًا داخل محافظة أسيوط، وقوبلت صور التمثال، المتداولة على نطاق واسع بمواقع التواصل الاجتماعي، بسخرية وهجوم لاذع من جانب المستخدمين، منتقدين الشكل النهائي المشوه الذي ظهر عليه، وعلق عدد من النشطاء على هذه الصور : المحافظة جاءت تكحلها عمتها”، مطالبين بتدخل وزارة الآثار والسياحة لوقف هذا العبث الذى يضر بالتاريخ والسياحة على حد قولهم”.

وانتقد عدد من المتابعين على منصات التواصل الاجتماعى أعمال المحليات التى وصفوها بأنها “تشوه” الآثار والقطع الآثرية التى لها تاريخ حضارى منذ آلاف السنين، إذ تعددت وقائع التماثيل والقطع الآثرية المشوهة فى عدد من المحافظات ، فى الآونة الأخيرة، بداية من تمثال محافظة المنيا المشوه مرورا بمحافظة الشرقية، انتهاء بمحافظة قنا فى مدينة أبوتيج ،وطرح عدد من المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعى تساؤلات منها من المسئول عن هذه الأعمال وهل تستعين المحليات والمحافظات بخبراء ومتخصصين فى المجال عند القيام بهذه الأعمال؟.

بدوره يقول الدكتور نادر ألفي ذكري، أستاذ مساعد بقسم الإرشاد السياحي، بكلية السياحة والفنادق جامعة السادات، إن الدولة تهتم بكل الأماكن السياحية، وبتطويرها، مشيرًا إلى أن القيادة السياسية تهتم أكثر بالآثار الموجودة في محافظة الأقصر، ولكن ما ظهر فى الآونة الأخيرة أمر غير مقبول خاصة بعد المشاهد التى ظهرت فى بعض المحافظات من قطع آثرية “مشوهة” توضع فى ميادين هامة ومداخل المحافظات.

وأضاف “ذكرى” فى تصريحات لـ”الموقع” أنه من الواضح أن من يقوم بهذه الأعمال وهى “المحليات”سواء بتصميم تماثيل أو قطع آثرية لوضعها فى الميادين أو على مدخل المحافظة لا تستعين بالخبراء أو الجهات المنوطة بالآثار وكليات الفنون الجميلة والتطبيقية، ويبدو أنها تستعين بشخص لديه موهبة وغير محترف فى المجال، مطالبا بضرورة الاستعانة والربط بين المحافظة والمحليات وكليات الفنون الجميلة، التربية الفنية والفنون التطبيقية.

وأكد “ذكرى” أن هناك أقسام داخل هذه الكليات خاصة بالتصميمات “رسم، نحت” وليس مجرد شخص لديه موهبة فقط يقوم بتنفيذ التمثال، مشيرًا إلى أنه لابد أن يعبر التمثال عن الميدان أو المحافظة الموجود بها والبعد التاريخى والخلفية التاريخية لهذا التمثال والمحافظة ويجب أن يعبر التمثال عن الهوية الخاصة بالمحافظة، والتمثال يختلف من محافظة إلى اخرى وخاصة عندما يتم تنفيذ تمثال فى محافظات ذات تاريخ حضارى وآثرى مثل الأقصر

وتابع أنه يجب عند تنفيذ تمثال فى أحد الميادين بمحافظة ما يجب الاستعانة بخبراء فى مجال الفنون الجميلة والتطبيقية، بالإضافة إلى خبراء من كليات الآثار والأكاديمين “مؤرخ، آثرى” لأن لهم دور فى هذا الأمر من الناحية التاريخية للتمثال أو القطع الآثرية وربط القطع الجديدة المنتجة بالقطع الآثرية القديمة وإعادة إحيائها مرة أخرى، لافتا إلى أن وزارة الآثار لديها إدارة خاصة بـ”المستنسخات الآثرية ” وظيفتها عمل نسخ آثرية لأغراض عدة منها تعليمية توضع فى متاحف كليات الآثار والسياحة والفنادق،تزيين واجهات المطارات والفنادق والمنتجعات السياحية بقطع آثرية “شبه الأصل” وجهة مصرية قديمة.

وعن سبب حدوث مثل هذه الأعمال التى تشوه الثماثيل والقطع الأثرية والتى ظهرت مؤخرا فى عدد من المحافظات أكد أن هناك فجوة وتباعد بين المحافظات وتحديدا المحليات، وبين وزارة الآثار والكليات المتخصصة وكل جهة تعزف منفردة عن الجهة الأخرى واجتهادات من المحافظة ولكن ينتهى الأمر لما نشاهده من تشوهات لبعض التماثيل أو القطع الآثرية.

وتابع أن مشكلة التماثيل المشوهة لها أسباب أخرى أيضا منها وضع هذه التماثيل المشوهة في الساحات العامة وليس فقط في المستوى الفنى المتدني لها، فمن الجائز أن نرى أعمالا مشوهة عند أحد الأشخاص الذين يدعون الفن، ولكن أن توضع فى مكان عام، فهنا يجب التريث وحسن الاختيار للعمل الفنى والفنان المناسب فمصر مليئة بالنحاتين المهرة والفنانين المبدعين الذين ورثوا الفن عن أجدادهم العظماء الذين تركوا لنا إرثًا غنيًا بالأعمال النحتية والتماثيل العملاقة والقوية والجميلة والمتنوعة فى أصل الأحجار.

وعن الخطوات التى يجب اتخاذها لمنع حدوث هذه الأعمال المشوه للقطع الأثرية والتماثيل الفرعونية، أكد يجب ربط المحليات بالخبراء والمتخصصين والجامعات ممثلة فى كليات الفنون الجميلة والفنون التطبيقية ووزارة السياحة والآثار ووزارة الثقافة أيضا فى عمليات التنفيذ خاصة إذا كانت القطع الأثرية ستوضع فى مناطق ومدن جديدة .

وأوضح “ذكرى” أنه لابد من الاستفادة من التاريخ، ففى عصر الملك فؤاد الأول تم وضع ميزانية لتجميل وتطوير الأقصر، بالاتفاق مع الفنانين العظام، مؤكدًا أنه لابد من ميزانية فى المحليات للاستعانة بالمتخصصين، مضيفًا أنه فى عصر عبدالناصر تم الاستعانة بالفنان أحمد عثمان فى نقل تمثال رمسيس الثاني لمحطة باب الحديد ،لافتا إلى أن اسناد الأمر لغير أهله فى كافة التخصصات هو الذي أنتج هذا التشويه، كذلك غياب الثقافة التاريخية، ففى تمثال حورس الأخير المشوه فى قنا، عدم معرفة بتاريخ حورس ذلك الإله المصري الذي جعله توفيق الحكيم فى كتاب عودة الروح والذي تأثر به الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، مؤكدًا أن الثقافة بجانب اتقان التخصص سيمنع ظاهرة التماثيل المشوهة، والتى صارت صفحات السوشيال ميديا تتلقفها، وتلقى طريقها فى الصحف والمواقع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى