الموقعتحقيقات وتقارير

ترويض الوجع.. حينما يكون تحمل الألم أهون من شراء الدواء .. «الموقع» يحقق في سر ارتفاع أسعار الأدوية واختفاء جهات المراقبة

  مرضى يتركون الدواء لارتفاع أسعاره بشكل جنوني

  «عز العرب»: بعض شركات الأدوية تقوم بـ”لوي ذراع” الحكومة

 «عوف»: متوقع زيادة أسعار أكثر من 200 دواء بنسبة تقرب من 20%

  مصر تستورد 95% من المواد الخام المصنعة للدواء.. وتلك المشكلة

الحق في الدواء: زيادة 2250 صنف مرتين منذ شهر يناير وحتى يوليو

36 دولة مرجعية يعتمد عليها لتسعير الدواء

«فؤاد»: الصيادلة أنفسهم مندهشين من زيادة أدوية بعينها 3 مرات تباعا

تحقيق – سيف رجب ومنى هيبة

“منهم لله .. منهم لله” بهذه الكلمات تمتم مسن وهو يخرج من صيدلية بأحد شوارع المعادي، بعد أن وجد الدواء قد زاد سعره لأكثر من 20 جنيها في أقل من أسبوع.

بينما تشكو السيدة وداد على المعاش، من ارتفاع أسعار أدوية الكبد، إذ زاد سعر علبة دواء من 72 جنيها إلى 97 جنيها هذا الشهر، وزاد ثمن علبة دواء من 43 إلى 62 جنيها، وكيف أصبحت تقتصد جدا في تناول الدواء، ولا تلتزم بجرعاته حتى يبقى معاها أطول فترة ممكنة… بالإضافة لزيادة أدوية كثيرة تعالج القولون وأمراض المعدة والكبد والسكر والضغط وغيره الكثير…
وقفزت أسعار الأدوية بشكل كبير في الفترة الأخيرة بنسبة تتراوح بين 20% و 40%، وبعض الأدوية الأخرى زادت بنسبة 90% بل وحتى هناك بعض الأدوية تضاعف سعرها لأكثر من 100%.

«الموقع» في هذا التحقيق، يناقش أسباب ارتفاع أسعار الأدوية بهذه النسب الكبيرة، وحجم استيراد مصر للمواد الخام المصنعة للدواء، وما هي الجهات المنوط بها ضبط الأسعار أو حتى مراقبتها، والبحث عن الأضرار التي قد تلحق بالمرضى نتيجة عجزهم عن شراء بعض الأدوية.

• الحرب الروسية السبب
الدكتور علي عوف، رئيس شعبة الأدوية بالغرف التجارية يقول إن زيادة أسعار الأدوية في الفترة الأخيرة ترجع إلى أثر الحرب الروسية الأوكرانية واضطراب سلاسل الإمداد من الخارج.

وأضاف “عوف” أن أسعار الأدوية زادت بنسبة تتراوح من 15 إلى 20%، ولكن الأدوية التي زادت بنسبة تتعدى 90 % هي مكملات غذائية غير مسعرة جبريًا لذلك يضع أصحاب الصيدليات أسعارا مختلفة.

وتابع رئيس شعبة الأدوية: الأدوية المسعرة يكون عليها ضوابط قوية، ولو حاول أي شخص الإخلال بهذه التسعيرة، يتعرض للمحاسبة والمساءلة القانونية. وكشف عوف، أنه من المتوقع أن تشهد الأسواق في الفترة المقبلة زيادة في أسعار أكثر من 200 دواء بنسبة تقرب من 20%.

• مخاطر على المرضى
الدكتور محمد عز العرب، استشاري الباطنة والكبد بالمعهد القومي للكبد والأمراض المعدية، يقول إن ارتفاع أسعار الأدوية في مصر يأتي في إطار رسمي من خلال لجنة التسعيرة التابعة لهيئة الدواء، مشيرا إلى أن شركات الأدوية تقدم طلب للجان التسعيرة لتحديد جلسة لبحث أسعار الأدوية.

وأضاف “عز العرب” أن هناك طريقتين لتحديد سعر الأدوية، الطريقة الأولى تسمى “كوست بلس”، والتي من خلالها يتم دراسة تكلفة إنتاج الدواء الفعلية من حيث استيراد المادة الخام والتشغيل والطاقة وأجور العمالة حتى وصول المنتج لشركات التوزيع، مؤكداً أن ذلك النظام يطالب به المجتمع المدني والأطباء.

• نظام “كوست بلس”
ولفت إلى أن هناك طريقة أخرى وهي اعتماد سعر المنتج في الدول الأجنبية، موضحا أن هناك 36 دولة مرجعية يتم الاعتماد عليهم، مضيفاً أن نظام “كوست بلس” هو النظام الأفضل، والذي من خلاله يتم النظر للتكلفة السعرية للمنتج ومن ثم وضع قيمة ربحية معتدلة بعد حساب كل التكلفة.

وتابع أن ارتفاع أسعار الأدوية كان مردوداً لازدياد أسعار المواد الخام خاصة مع تناقص قيمة الجنية المصري، مشيراً إلى أن نسبة استيرادنا للمواد الخام من الخارج تبلغ أكثر من 95%، مما تعد مشكلة كبيرة.

وأكد «عز العرب» أن ارتفاع أسعار الأدوية يؤثر بالسلب علي المرضي، لافتاً إلى أن العام الماضي شهد زيادات غير مقبولة في منتجات الأدوية الأساسية لاسيما المتعلقة بالأمراض المزمنة، مما يعد أمر غير مقبول، خاصة أنه حتى الآن لم يُطبق نظام التأمين الصحي الاجتماعي الشامل بكل محافظات جمهورية مصر العربية.

نرشح لك :الولادة القيصرية في مصر «سبوبة» وشق بطون بلا داع.. «الموقع» يحقق ويكشف مخاطرها وأهم أسبابها

وأوضح استشاري الباطنة والكبد بالمعهد القومي للكبد والأمراض المعدية، أن توزيع التكلفة بالنسبة للمرضى في مصر تبلغ 68% من جيوب المواطنين و32% عن طريق الدولة، مؤكداً أن تلك النسبة ستنعكس إذا تم تطبيق نظام التأمين الصحي الاجتماعي الشامل.

وأشار إلى أن ارتفاع أسعار الأدوية نتج عنها عدم التزام المريض بالجرعات المطلوبة، مضيفاً أن بعدما كان على الشخص أن يأخذ قرص مرتين أو ثلاث مرات في اليوم أصبح يأخذ قرص واحد، مؤكداً أن عدم الانتظام في العلاج قد يكون له تأثير سلبي على خطورة المرض وتفاقمه خاصة الأمراض المزمنة.

• “لي” ذراع الحكومة
وتابع أن شركات الأدوية يمكننا القول إنها تقوم بـ”لي ذراع” الحكومة من خلال تناقص إنتاج الدواء، وذلك لأن تكلفة الدواء أكثر من سعر البيع، مطالبا الحكومة بتخفيض أسعار الطاقة بالنسبة للمصانع، بحيث عدم رفع سعر الأدوية وعدم الامتناع عن الإنتاج.

وأكمل، “نحن نريد اللجوء للوسائل الأخرى وليس رفع التسعيرة التي تؤثر تأثيراً سلبيًا على المريض”، مؤكدا أن ذلك الأمر يتطلب مائدة مستديرة للطرفين الموجودين حاليًا وهم شركات الأدوية ولجنة التسعيرة في هيئة الدواء.

وطالب، بتدخل عاجل من الدولة في هذا النظام وإعادة الأمور لصالح المريض المصري، ونحن كمجتمع مدني لدينا ملاحظات علي التسعيرة القائمة حاليا.

• أسعار الصرف
محمود فؤاد، المدير التنفيذي للمركز المصري للحق في الدواء، يقول إن الأزمة الاقتصادية لها بالفعل دور في ارتفاع أسعار الأدوية بشكل أو بآخر، مشيراً إلى أن صناعة الدواء في مصر وفي الوطن العربي بشكل عام صناعة تعتمد على الاستيراد بنسبة أكثر من 95% سواء من المواد الخام أو الشرائط أو المكونات التي تأتي من الخارج.

وأضاف “فؤاد” أننا مرتبطين بأسعار الصرف، وبالتالي كلما حدثت مشكلة في أسعار الصرف ستؤثر على أسعار الدواء.
وتابع، أن الدواء في مصر مُسعر تسعير جبري منذ الستينيات، بمعنى أنه لا يجوز رفع سعر صنف دواء، إلا بقرار رسمي من رئيس الوزراء وهذا القرار يُنشر في الجريدة الرسمية، مؤكداً أن من يخالف هذا يقع تحت دائرة القانون وتصل مدة الحبس إلى 3 سنوات

نرشح لك : السكرة الأخيرة.. أسباب الـ Heart attack.. ملف خاص عن «الموت المفاجيء»

ولفت إلى أن الفترة الماضية تم تأسيس هيئة دواء عليا والتي تختص بكل شيء له علاقة بالدواء كمراحل التصنيع ثم الإنتاج ثم التفتيش والرقابة والبيع، موضحاً أن في الماضي كان كل ذلك تابع لوزارة الصحة.

وأكد فؤاد، أن هناك رصد لزيادة حوالي 2250 صنف دواء مرتين منذ شهر يناير وحتى يوليو، والسبب وراء ذلك هي المواد الخام.
وأكمل قائلاً أن ارتفاع أسعار الأدوية يؤثر علي ظروف المستهلك، مما تؤثر علي فكرة الحق في الدواء والحق في الصحة، مؤكداً أننا نعتبر ذلك انتهاك حقيقي، خاصة لعدم وجود قانون تأمين صحي مطبق 100%.

وأشار إلى أن قانون التأمين الصحي المطبق حالياً جديد علي 5 محافظات فقط، بينما يشمل القانون القديم حوالي 60% من تعداد الشعب المصري.

• اندهاش الصيادلة!
وكشف فؤاد، أن هناك بعض الصيادلة أنفسهم متعجبين من زيادة بعض أصناف الأدوية ثلاث مرات، موضحا أنه كان هناك زيادة في شهر مارس ثم في شهر أبريل ثم في شهر مايو، مما يجعل هنالك أزمة لدي الصيدلي نفسه.

نرشح لك : كلاكيت كل مرة.. نقص فى «بنج الأسنان».. من يفتعل الأزمة؟ خبراء يتحدثون لـ «الموقع»

وأضاف المدير التنفيذي للمركز المصري للحق في الدواء، أنه لا يوجد رقابة على أسعار الأدوية في مصر، لأن الدواء في مصر مسعر جبريا، موضحاً أن سعر الدواء ثابت في كل الصيدليات.

وأشار، إلى أن هناك زيادة في أسعار الأدوية الشهور الماضية لأسباب غير منطقية وغير معروفة ولكنها زيادة رسمية لا يوجد بها أي تلاعب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى