الموقعتحقيقات وتقارير

الهاربون من «عصمة الطيب».. لماذا يتجنب أبناء «الكبار» التعليم الأزهري؟

علماء: أبناء الصفوة يذهبون للتعليم “الإنترناشيونال” من قبيل الوجاهة والأزهر يحارب إعلاميا

حصن الأمة وعصمة الدين ويقدم صحيح الإسلام ومنتشر في الأرياف

تقرير – أسامة محمود

التعليم الأزهري يمثل قيمة ومكانة لدى الكثير من أولياء الأمور وتحديدا فى الأقاليم والمحافظات والمناطق الأكثر إلتزامًا بالدين وبالعادات والتقاليد والأخلاق، وهو ما يجدونه فى المعاهد الأزهرية مناسبًا لأبنائهم وتعليمهم تعاليم وصحيح الدين الإسلامى وحفظ القرآن الكريم والأحاديث الشريفة مع المواد العلمية الأخرى منذ الصغر بداية من المرحلة الإبتدائية مرورا بالمرحلة الإعدادية والثانوية وصولا إلى جامعة الأزهر الشريف، وهو الحلم الذى يراود العديد من أولياء الأمور والطلاب .

العديد من الطلاب الذين يلتحقون بالمعاهد الأزهرية في المحافظات والأقاليم يحلمون دائما بــ الـزى الأزهرى ” أو “العمامة والقفطان” كما يسميها البعض، والذى نشأ عليه الطفل أو التلميذ منذ صغر سنه عندما يذهب مع والده إلى المسجد لصلاة الجمعة من كل أسبوع يرتدى الجلباب الأبيض أو الزى الجديد “الملابس الجديدة” للذهاب إلى الصلاة كأنه يوم عيد وهو بالفعل كذلك وتعد هذه السلوكيات عادات وتقاليد الكثير من أولياء الأمور بالقرى والنجوع فى الريف المصرى.

وتزداد أعداد الطلاب الذين يلتحقون بالمعاهد الأزهرية “التعليم الأزهرى” فى المحافظات، بشكل ملحوظ فى الفترة الأخيرة خاصة بين الطبقات أو الفئات الفقيرة أو المتوسطة من الناحية المادية فى الريف لبعض العوامل الرئيسية منها تعليم الطالب أمور دينه وتعاليم الإسلام الصحيح وأركانه “الصلاة، الصوم، الزكاة، الحج” وأن يتخرج بعد هذه الدراسة إنسانًا سويًا يفهم أمور دينه الصحيح ،يعود بالنفع على أسرته والمجتمع من حوله بالإضافة إلى التكلفة المنخفضة فى المعاهد الأزهرية “المصروفات الدراسية” والتى تقل عن مصروفات مدارس التربية والتعليم “أو التعليم العام”.

كما أن هذه المعاهد وما تقدمه وتعلمه لهؤلاء الطلاب من حفظ القرآن الكريم والأحاديث الشريفة فى الصغر يكون سهلا ويسيرًا فى الحفظ بهذه المرحلة وهى مميزات يريدها ولى الأمر فى نجله، الأمر الذى جعل الكثير من أولياء الأمور يقدم طلبات تحويل لأبنائهم من التعليم العام إلى الأزهري والذى ظهر مؤخرا، لأفضلية التعليم الأزهري من جوانب عديدة بينها استقرار نظامه وانخفاض تكلفته على أولياء الأمور، من ناحية وتدريس مناهج شرعية وفقهية للطالب من ناحية أخرى.

وعلى الرغم من زيادة نسبة الإقبال فى الفترة الأخيرة على التعليم الأزهرى، إلا أن الكثير من المتابعين لاحظ أن هناك ظاهرة ليست بجديدة ولكنها موجودة منذ فترة فى المجتمع المصرى وهى عزوف أبناء الأغنياء أو ما يطلق عليهم “النخبة ، أو الكبار أو الباشوات، والوزراء” والفئات الأكثر ثراء عن الالتحاق بالتعليم الأزهرى، ولم نرى نجل وزير أو مسئول كبير فى الحكومة أو الدولة يدرس في الأزهر الشريف إلا حالة نادرة أن وجدت فى الأساس.

وتساءل البعض هل هناك أسباب وراء عزوف هؤلاء عن التعليم الأزهرى؟ واتجه البعض الأخر إلى أن هؤلاء يريدون “الوجاهة الاجتماعية، والشهادات العالمية لأبنائهم لتحقيق مستقبل أكثر ثراء وشهرة والاختلاط والعلاقات ومواكبة التطور والتكنولوجيا من وجهة نظرهم بعيد عن الإلتزام بقواعد وشروط التعليم الأزهرى.

ويطرح “الموقع” فى التقرير التالى عدة أسئلة بهذا الشأن والتى رددها الكثير من المتابعين لماذا يرفض “الكبار” إلحاق أبنائهم بالتعليم الأزهرى؟ وهل يهرب هؤلاء من هذا التعليم بغرض عدم التقيد في “الزى الأزهرى”؟ وفى النهاية يستقر الوضع بالطالب أو خريج الأزهر إلى إمام أو خطيب يلقى خطبة فى مسجد أو موظف فى إحدى الإدارات التابعة لوزارة الأوقاف وهو ما يرفضه بعض أولياء الأمور الذى يريد لنجله أن يلتحق بمدارس أجنبية ودولية والحصول على شهادات ودرجات علمية تؤهله لأعلى المناصب من أجل “الوجاهة الاجتماعية”.

من ناحيته يقول الدكتور عبد العزيز النجار عبدالعزيز النجار رئيس الإدارة المركزية لمعاهد دمياط الأزهرية السابق وأحد علماء الأزهر الشريف، إن الدعوى الإسلامية عندما بدأت “بدأت بالضعفاء والفقراء وليس بالأغنياء وكبار قريش وأصحاب الثروات الكبيرة والمناصب، وبالتالى هى نفس المعنى الذى ظهر فى الفترات الأخيرة وعزوف مايسمى “الكبار” أو أصحاب الثروات ويتقلدون المناصب العليا عن إلحاق أبنائهم بالمعاهد الأزهرية أو المدارس الأزهرية.

وأشار “النجار” فى تصريحات لـ”الموقع ” أن هؤلاء يلجأون إلى المدارس الخاصة والدولية من أجل حصول أبنائهم أو أولادهم على شهادات عالمية ووجاهة اجتماعية يتباهون بها أمام المجتمع، لافتا إلى أن كل من يسمون انفسهم “النخبة، الكبار” يرون أن دخول أولادهم وإلحاقهم بالمدارس الأجنبية “انترنشونال”، “وجاهة موضحا أنهم يرون من وجهة نظرهم أن التعليم الأزهرى ليس “بريستيج” بالنسبة لهم .

وردا على سؤال أن البعض من أولياء الأمور خاصة من الطبقات الأكثر ثراء فى المجتمع يعزفون عن إلحاق أبنائهم المعاهد الأزهرية نتيجة لصعوبة المناهج الدراسية بالأزهر وكثرة المواد الدراسية بالإضافة إلى المواد الفقهية، أكد “النجار ” أن هذا المفهوم فُسر بشكل خاطىء، موضحًا أن الطالب يدرس أمور دينه وأحكام الشريعة الإسلامية” الصلاة، الصوم، الزكاة الحج، تعاليم الإسلام الصحيح الوسطى وهى “حياة يومية وعملية”.

نرشح لك : موت مدفوع مقدما.. انتحار الشباب والمراهقين في مصر كارثة على قدر الوجع.. (ملف كل سنة)

وتابع ” النجار” أن كل محبى الأزهر الشريف والتعليم الأزهرى تظهر بشكل واضح فى الطبقات العادية “الفقيرة ،والمتوسطة” والدليل على ذلك مانشاهده فى الأقاليم والمحافظات على مستوى الجمهورية، وردا على من يقول إن الأزهر الشريف أو المناهج الدراسية فى المعاهد والمدارس الأزهرية تبعث على أفكار متطرفة وتحث الطالب على التشدد والتطرف ، أكد أن هذه الأمور الأزهر الشريف برىء منها لأن الأزهر مثله مثل أى طائفة يدرس الرأى والرأى الأخر، وهذا طبيعة الأزهر وعندما يكون هناك رأى متطرف يُرد عليه بالرأى الأخر الوسطى والمعتدل، وعندما يدرس الطالب فى الأزهر مذهب بعينه ويشرح ويناقش أراء المذهب وليس رأى الأزهر، قائلا” أن الطالب فى الأزهر يدرس اليهودية، والنصرانية، ومقارنة الأديان ” بمعنى أن يطلع ويدرس كافة الأراء ويرد وينتقد مشيرا إلى أن هذا منهج تربوى.، متسائلا: هل يعنى هذا أن الطالب يخرج يهوديًا أو نصرانيا” من الأزهر؟

وتابع “النجار” أن كل هذه الحملات والأحاديث والفتاوى والتعليقات على مواقع السوشيال ميديا والتى ظهرت فى الفترة الأخيرة الهدف منها النيل من الأزهر الشريف فقط ولن يستطيعوا لأن الأزهر الشريف هو الحصن الحصين والعصمة الباقية لما بقى من الكتب الإسلامية والأفكار الإسلامية وبالتالى المولى سبحانه وتعالى حبا مصر والعالم بالأزهر الشريف لكى يحافظ على الفكر المعتدل فى ظل الفكر المتشدد الذى يشهده العالم حتى فى الدولة التى نزل فيها الإسلام تأخذ منهجًا واحدا ومتشددًا ولا نجد تعدد أو وسطية ولا فهم ولا تجديد إلا فى الأزهر الشريف.

وأكد أن هناك صحوة خلال الفترة الأخيرة وخاصة فى الأقاليم والمحافظات بالتعليم الأزهرى وإقبال غير مسبوق من أولياء الأمور على إلحاق أبنائهم بالمعاهد الأزهرية وتحويلات لعدد كبير من اولياء الأمور لأبنائهم من التعليم العام إلى التعليم الأزهرى لما له من مكانة دينية وعلمية لدى الكثير، ونرى انتشار المعاهد فى هذه الأقاليم بشكل ملحوظ.

وفى سياق متصل يقول الشيخ محمد سالم من علماء الأزهر الشريف، إن الفترة الماضية شهدت تهميش لدور الأزهر الشريف والمعاهد الأزهرية والتعليم الأزهرى وحقه فى المجتمع وتحديدا إعلاميًا نتيجة لتحمل الطالب أعباء كثيرة فى المواد الدراسية “علمية، أدبية ،شرعية ” بالإضافة إلى من يقوم بتدريس هذه المواد الدراسية بالأزهرغير متخصص وبالتالى ينتج عنه خريج نابغة فى المواد الأدبية والثقافية وضعيف فى المواد الفقهية وهو ما أدى إلى عزوف الكثير عن التعليم الأزهرى.
وأضاف “سالم” فى تصريحات لـ”الموقع” أنه فى الفترة الأخيرة بدأ الإقبال على التعليم الأزهري وخاصة فى الأقاليم والمحافظات والكل أصبح يتجه إلى الأزهر الشريف مع تولى فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف مشيخة الأزهر، وذلك بعد التطوير والتقدم الكبير فى المناهج الدراسية والمواد العلمية، بحيث أن الطالب يستوعب ويحصل على درجته العلمية من الجامعة.

وأوضح أن المقررات والمناهج الدراسية شهدت تطويرًا شاملًا في مختلف المراحل الدراسية بدءًا من رياض الأطفال حتى الشهادة الثانوية خاصة في المواد الشرعية والعربية والثقافية التى تم تطوير شكلها ومضمونها بالكامل، وأصبحت أكثر ارتباطا بالواقع المعاصر.

وتابع “سالم” أن بعض الناس أو مايسمى بـ”النخبة، أو الكبار” يعزفون عن التعليم الأزهري لأنهم لا يعرفون قيمة ومكانة الأزهر الشريف، مشيرًا إلى أن هؤلاء يكون لهم اتجاه معين فى التعليم وهو تعليم أبنائهم فى المدارس الأجنبية والمدارس الدولية لحصول أبنائهم على شهادات دولية من دول أجنبية ولا ينظرون إلى التعليم الأزهري بمعنى “وجاهة اجتماعية” يريد أن يحل أبنائهم على درجات علمية من “ألمانيا، أمريكا، فرنسا” وهكذا ولا ينظر إلى التعليم الأزهري إطلاقا على حد قوله.

وأوضح “سالم” أن الأزهر الشريف هو من يحمل راية الإسلام الوسطى والعلم الوسطى المطلوب منا جميعا، موضحا أن الانتساب للأزهر الشريف الجامع والجامعة لشرف كبير لأى إنسان مسلم ، مشيرًا إلى أن الخير قادم والأزهر فى تطور وتقدم باستمرار، وهذا يظهر خلال الفترة الحالية مع الإقبال غير مسبوق على التعليم الأزهرى وتحديدا فى الأقاليم والمحافظات ، والكل يبحث عن التعليم الأزهرى لينهل منه ويتعلم أمور دينه، وهذا الأمر ليس على المستوى المحلى فقط ولكن أيضا على المستوى الخارجى والعالمى ويظهر من خلال الطلاب الوافدين الذين يأتون من كل دول العالم ليدرسوا ويتعلموا فى الأزهر الشريف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى