الموقعتحقيقات وتقارير

المغتربون خارج جنة العيد.. جشع السائقين يحرمهم من لقاء العائلة

كتب: إسلام أبوخطوة

في ثاني أيام عيد الفطر، وقف عدد من المغتربين في موقف المرج الجديدة للأقاليم، ينظرون إلى المسافرين إلى ذويهم بحسرة شديدة، بعدما عجزوا عن السفر بسبب عدم تحصلهم على مقابل مادي مجزي في رمضان، وجشع السائقين الذين رفعوا قيمة الأجرة بشكل مبالغ فيه بعيدًا عن أعين الحكومة بعد رفع سعر البنزين.

عذاب يعيش فيه المغتربين داخل ماسكنهم، حيرة كبيرة يسافرون لرؤية الأسرة ويفقدون ما تحصلوا عليه من أموال لأيام قليلة كانت من نصيبهم في العمل، أم يقضون العيد بمفردهم لمواصلة العمل؟، البعض منهم كان لشهور طويلة بعيد عن ذويهم، وقعوا تحت جشع السائقين الذين رفعوا قيمة الأجرة بقيمة فوق قيمتها الحقيقية.
في موقف المنيب للأقاليم، وموقف المرج الجديدة، ورصدنا حكايات المسافرين، وغيرهم مما ينظرون إليهم بالحسرة لعجزهم عن السفر.
انزوى عم جلال في إحدى أركان موقف المنيب، منتظر اكتمال السيارة المكيروباص بالمسافرين إلى محافظة أسيوط، اقتربنا منه لنجد الحزن يرسم ملامح وجهه، وبسؤاله عن سبب الضيق رد قائلاً: «اللي اشتغلت بيه الشهرين اللي فاتوا السواقين كنا خدوه وخدوا تعبي وشقايا».

يشير صاحب الأربعين عامًا والذي يعمل في السراميك، إلى أنّ مع ارتفاع سعر البنزين وارتفاع أجرة السفر أصبح التوفير من النفقات أمر شبه مستحيل، فكان العمل في شهر رمضان قليل جدًا، بسبب ظروف الصيام وساعات العمل في الكومبوندات وغيرها من القرى السياحية.

«اليوم اللي بنشتغله في الأيام العادية يفوق ساعات عمل أسبوع كامل في رمضان».. قالها «جلال» بضيق شديد، ويقول إنه مجبر على السفر كغيره من المغتربين لرؤية الأسرة في العيد خاصة وإنه تركهم منذ 3 أشهر، ويتابع: «اشتريت ليهم على قد ما أقدر لبس العيد ولازم أشوفه على عيالي».

«هو إحنا بنشقى ليه مش علشان نكون وسط عيالنا ونفرحهم بيوم زي ده».. التقط أطراف الحديث غدير السيد، شاب ثلاثيني، يعمل باليومية في الخرسانة، ويقول إن جميع أيام عمله يقضيها في الشيخ زايد أو أكتوبر أو الشروق، يظل بالأشهر بعيدًا عن أسرته للعمل من أجل سد احتياجاتهم.

بصوت غاضب يقول «غدير» إنّ الحياة ومتطلباتها أصبحت عبءً كبيرًا على الجميع، والعاملون يتنافسون على الأجرة خلال أيام العمل وقد يتصارعون على اليومية، وأسبقية الذهاب للمقاول، ويشير إلى أنّ السفر للمحافظات أمر ضروري للكثير من المغتربين حتى وإن رفعت الأجرة أضعاف الأضعاف.

الحال يختلف كثيرًا للعاملين الذين لم يحالفهم الحظ في العمل خلال شهر رمضان، وظلوا يبحثون عن اليومية لأيام طويلة، فلم يكن معهم المال الكافي للسفر إلى بلدانهم مرة أخرى.

خلال جولتها في موقف المرج الجديدة، رصدنا بعض العاملين باليومية ينظرون إلى المسافرين بحسرة شديدة، عيون غائرة حبيسة دموع اللهفة والاشتياق للأسرة وعجزهم عن السفر ورؤيتهم بسبب ظروفهم المالية الصعبة.

«كان نفسي أبقى وسط عيالي في العيد لكن مينفعش أنزل وأنا مفلس».. قالها بحسرة شديدة عبدالعال حمدي، عامل بنا، من محافظة سوهاج، جاء للقاهرة للعمل في مدينة 6 أكتوبر مع مقاول من نفس بلدته، ويشير إلى أنّ شهر رمضان لم يعمل به سوى 4 أيام والأجرة لم تكفي مصاريفه الشخصية وعجز عن شراء ملابس العيد أو إرسال مال لأسرته.

يشير حمدي إلى أن زيادة أجرة البنزين كان سببًا كبيرًا في حرمانه من السفر وعجزة عن دفع فارق الأجرة خاصة وإن ما تحصل عليه من العمل لا يكفي احتياجاته الخاصة.

الحال لايختلف كثيرًا عن كمال شكري، الذي يعمل مساعد صنايعي سيراميك، والذي قال إن المنافسة على العمل في رمضان كانت كبيرة عدد العمالة كبيرة وفرص العمل المتوفرة قليلة جدًا، ويتابع: «الشغل فيه شللية.. يعني لما يكون قليل أوي كل صنايعي بياخد حبايبه فقط مش أي حد تاني».

5 أيام هي إجمالي حصيلة «شكري» من العمل خلال شهر رمضان، بقيمة لا تتجاوز الـ1000 جنيه، فكيف تكفي احتياجاته الخاصة من إيجار وأكل وشرب وغيرها من التزاماته الشخصية فضلاً عن التزامات الأسرة من مأكل وملبس والتزامات العيد.
التقط أطراف الحديث عوض موافي، الذي لم يحالفه الحظ في العمل خلال شهر رمضان سوى 10 أيام فقط، بإجمالي مالي لا يتجاوز 2000 جنيه، وقال: «أنا أب لـ 3 عيال كبار في الإعدادية.. 200 جنيه يعملوا إيه ولا إيه ولا إيه؟».

وبشأن نظام «الشللية» في العمل بين الصنايعية، رد موافي قائلاً إن ذلك صحيح وكثيرًا من الصنايعية ما يعتمدون على أناس بعينهم دائما دون غيرهم حينما يقل المعروض من العمل.

وتابع: «بصراحة بيكون عنده حق برضو.. مهو الصنايعي بيكون معاه قريبه.. وده بيكون الأولى للعمل معه من الغريب»، يشير العامل إلى أنّ كثير ما تحدث مشاجرات بين العمال والمقاولين الذين يختارون صنايعية بعينهم ويكون لهم العمالة الخاصة بهم.
وجدنا عثمان شاكر، شاب ثلاثيني، جالس في سكون، ينظر بحسرة شديدة للمسافرين، شارد الذهن يتصور في أحلام اليقظة تواجده وسط زوجته وأطفاله الثلاثة يقدم لهم ملابس العيد، والعيدية، يستعيد قوته من ابتسامتهم ونظراتهم له بالفرحة.

مشاهد الفرحة تحولت لكابوس حينما اسيتقظ الشاب من غفلته ليجد نفسه ممنوع من السفر بسبب عجزه المادي وعدم قدرته على توفير متطلبات أسرته وقال بحزن شديد: «وجودي هنا بمفردي أهون عليا من وجودي وسطهم وأنا مش مفرحهم».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى