الموقعتحقيقات وتقارير

المحتكرون.. الآثمة قلوبهم

«سالم»: المتاجرة في أقوات الناس وضرورياتهم أمر حذر منه الإسلام

«الإفتاء»: المحتكر منعدم الضمير وآثم إذا قصد حجب السلع عن أيدي الناس

«البحوث الإسلامية» يطلق حملة توعية في المحافظات: “الاحتكار يدمّر الأوطان”

الحكومة تحدد ثمن معلوم للسلع وبذلك يتم القضاء على الاحتكار

«جابر»: يجوز لولي الأمر مصادرة السلع وبيعها على المحتكر لإزالة الضيق عن المواطن

كتب- أسامة محمود

معاناة يعيشها المواطن المصري خلال الفترة الحالية نتيجة لموجة الغلاء التى ضربت البلاد وارتفاع أسعار كافة السلع الاستهلاكية والمواد الغذائية، “اللحوم، السكر، الزيت، الأرز، الدواجن، البيض” بسبب تداعيات الأزمة العالمية بداية من جائحة كورونا مرورا بزيادة نسبة التضخم والحرب الروسية الأوكرانية انتهاء بتعويم الجنيه .

وما زاد مم معاناة المواطن خلال الفترة الأخيرة ممارسة الاحتكار وتخزين السلع من قبل بعض التجار، وهى ظاهرة ليست بجديدة على المجتمع المصرى، لكنها عادت الآن وبقوة خاصة مع تجدد أزمة بعض السلع الاستراتيجة “الأرز، والسكر” بعد ارتفاع أسعارها بشكل كبير إذا وصل سعر كيلو الأرز لـ18 جنيها، وسعر كيلو السكر 16،17 جنيها ،على الرغم من توفير السلع فى السوق ولا يوجد نقص فيها حسب تصريحات مسؤولى التموين والتجارة الداخلية.

المثير فى الأمر أن تصريحات المسئولين فى الحكومة سواء “وزارة التموين، أو شعب المواد الغذائية” مغايرة لأرض الواقع وغير موجودة بالأساس والتى تخرج علينا يوميا وتقول إن هناك استقرار بالأسعار والسلع متوافرة فى السوق، وأصبح المواطن حيران بين تصريحات وزير التموين على مصيلحي ومساعديه وبين جشع التجار ومعدومى الضمير وهم كثر لعدم وجود الرقابة اللازمة .

وفى التقرير التالى يرصد “الموقع ” رأى الدين ودور المؤسسات الدينية وعلماء الأزهر فى أزمة واحتكار السلع بصفة عامة فى ظل الظروف الاقتصادية التى تمر بها البلاد.

واستنكر بعض علماء الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف جشع التجار واحتكارهم للسوق وارتفاع الأسعار والتي ظهرت فى الأيام الاخيرة وهو ما يمثل عبئًا على المواطن في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها ومعاناة الحياة المعيشية.

من ناحيته قال الشيح محمد سالم من علماء الأزهر الشريف، إن الإسلام حث المسلم على أن يكون كسبه من الحلال الطيب، وحذر من المكسب الحرام أو الكسب الحرام والذي فيه شبهة قال الله تعالى: “يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون”، سورة البقرة، مشيرًا إلى أن هناك عدة أحاديث شريفة نهت عن احتكار السلع والمواد الغذائية، وذلك لما فيه من التضييق على الناس، فقد روى ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “الجالب مرزوق والمحتكر ملعون”، صحيح مسلم.

ويضيف الشيخ سالم فى تصريحات لـ”الموقع ” أن ممارسة الاحتكار ورفع الأسعار من قبل بعض التجار أو التاجر الجشع يزيد من معاناة المواطن والتضييق عليه وهو ما نهى عنه الشرع يقول النبي صلَّى الله عليهِ وسلَّم: “أَطيَبُ الكَسبِ عَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ وَكُلُّ بَيعٍ مَبرُورٍ”رواه أحمد.

وتابع: البيع المبرور ينبغي أن يكون خاليًا عن الغش والبيع المبرور ليس في نوع من أنواعه احتكار لأن النبي صلَّى الله عليهِ وسلَّم يقول: “لا يَحتَكِرُ إِلاَّ خَاطِئٌ” أي آثم يأثم الرجل التاجر الذي يحتكر البضائع ويدّخرها أو يشتريها ويجمعها من الأسواق ومن التجار لتكون عنده، ثم تُباع بطريقة ليس فيها رحمة للمشتري وخاصة الفقراء، وكذلك البيع المبرور ليس فيه جشع أو طمع، وليس فيه تشدد أو قسوة أو استغلال لحال الناس.

وأشار “سالم” إلى أن المتاجرة في أقوات الناس وضرورياتهم، أمر حذرنا منه الإسلام ونهت عنه الأحاديث الشريفة قال: (من احتكر حكرة يريد أن يغلي بها على المسلمين، فهو خاطئ)، وقال: (من دخل في شيء من أسعار المسلمين ليغليه عليهم كان حقًا على الله أن يعقده بِعُظْم من النار يوم القيامة)، ومن العوامل التي تؤدي إلى ظاهرة الاحتكار: شراء أو إنتاج سلعة أو خدمة من غير حاجة تدفع إلى الشراء- يحتاج إليها الأفراد لمنعهم من شرائها أو إنتاجها، وتخزين السلعة بشرط أن يكون التخزين بقدر يزيد عن حاجة الفرد وأهله سنة كاملة، وانتظار الغلاء وتحقيق الأرباح الكبيرة لشدة حاجة الناس إلى السلعة وندرتها في السوق، وأن يكون في التخزين ضرر على الأفراد وسبيل إلى العديد من المفاسد كالسوق السوداء.

وعن كيفية معالجة ظاهرة الاحتكار التى تمارس من بعض التجار، يقول الشيخ أحمد جابر إمام وخطيب بوزارة الأوقاف، فى تصريحات لـ”الموقع” أن هناك وسائل عدة لمنع والحد من هذه الظاهرة منها، قيام ولي الأمر أو الحاكم بإنذار المحتكرين لبيع السلع التي يحتجزونها بأثمان معتدلة، فإذا رفضوا تنفيذ الأمر يجوز لولي الأمر مصادرة هذه السلع وبيعها على المحتكر، وذلك لإزالة الضيق ورفع الظلم عن الأفراد الذين هم أمانة في عنق الحاكم. وكذلك قيام الدولة بتوفير السلع الضرورية التي أصبحت نادرة في السوق نتيجة احتكار بعض الناس لها، فترفع الدولة الإنتاج ليزيد المعروض من هذه السلع فينخفض الثمن، فيخسر المحتكرون، ويفشلون فيما كانوا يسعون إليه.

وتابع “جابر” أن من الوسائل أيضا المعالجة التسعيرية، فتقوم الدولة أو الحكومة بتحديد ثمن معلوم للسلع، بحيث لا يظلم البائع أو المشتري مع أخذ مشورة أهل الخبرة والعدل، مشيرا إلى انه لا يجب ألا تلجأ الحكومة إلى التسعير إلا بعد استخدامها كل الطرق السابقة.

وبدوره شدد مفتي الجمهورية الدكتور شوقى علام فى بيان لدار الإفتاء على أنه لا خلاف بين الفقهاء في أن الاحتكار حرامٌ في الأقوات، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “لا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطِئٌ” وغيره من الأدلة، فالمحتكر منعدم الضمير وآثم إذا قصد حجب السلع عن أيدي الناس إضرارًا بهم حتى يصعب الحصول عليها وترتفع قيمتها؛ وبهذا يحصل المحتكرون على الأرباح الباهظة دون منافسة تجارية عادلة، وهو من أشدِّ أبواب التضييق والضرر، والسلع التي يجري فيها الاحتكار هي كل ما يقع على الناس الضرر بحبسها، ولا مانع من اتِّخاذ الدولة لإجراءات تمنع الاحتكار.

نرشح لك : بعد رفع أسعار الدواء.. شركات تواجه أزمة في المبيعات وتراجع بالبورصة

وعن حكم التسعير وتعارض أدلة التسعير وعدم التسعير قال “علام” : كل دليل تكلم عن موطن مختلف، ولكن إذا لم تتم مصلحة الناس إلا بالتسعير: سعَّر عليهم ولي الأمر تسعيرًا لا ظلم فيه كما فعل عمر بن الخطاب في زمانه، أمَّا إذا اندفعت حاجتهم وقامت مصلحتهم بدونه فإنه حينئذٍ لا يفعله؛ لأنه خلاف الأصل.

أما امتناعه صلى الله عليه وسلم من التسعير فهو من تصرفاته بمقتضى الإمامة والسياسة الشرعية؛ حيث راعى النبي عليه الصلاة والسلام المصلحةَ التي كانت تدعو إليها تلك الظروف حينئذٍ، حيث كانت المنافسة وقتها منافسة شريفة.

من ناحيته أعلن مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف عن إطلاق حملة توعية جماهيرية موسعة في جميع محافظات الجمهورية بعنوان: “الاحتكار يدمّر الأوطان”، لمواجهة السلوكيات السلبية التي يعاني منها المجتمع والمتعلقة باحتكار السلع لتحقيق مكاسب شخصية على حساب أقوات الناس، وذلك في إطار توجيهات فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب – شيخ الأزهر بضرورة التعامل المباشر مع القضايا الملحة التي تؤرق أفراد المجتمع وتمثل تحديًا لجهود الدولة التنموية خاصة في ظل هذه الظروف الاقتصادية التي يعاني منها العالم أجمع.

وقال الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية الدكتور نظير عيّاد، فى بيان لمجمع البحوث الإسلامية، إن هذه الحملة تأتي استجابة للواجب الديني والوطني تجاه المجتمع الذي نعيش فيه والذي يحتاج منّا جميعًا أن نكون على يقظة تامة لكل ما يُحاك له أو ينال من استقراره، فاستشعار المسئولية المجتمعية فريضة على كل إنسان يعيش في هذا الكون، ولا يدرك قيمة وأهمية هذه المسئولية إلا أصحاب الضمائر الحية.

وأضاف أن هذه الحملة التي يشارك فيها وعاظ وواعظات الأزهر الشريف تستهدف تنفيذ مجموعة من المحاور المهمة، أولها: عقد 185 ندوة جماهيرية بواقع ندوة في كل مركز من مراكز الجمهورية، وثانيها: بث نحو 200 فيديو يوجه رسائل مباشرة تتعلق بهذه الحملة، وثالثها: نشر فتاوى كبار العلماء والمفتين بالأزهر التي تحرم الاحتكار والجشع، ورابعها: استكتاب علماء الأزهر لمقالات صحفية تنشر في مجموعة من الصحف المصرية لتحذير التجار من جريمة الاحتكار وما يترتب عليها من أزمات أخلاقية وإنسانية.

ومن المقرر أن توجّه الحملة -أيضًا- مجموعة من الرسائل الإلكترونية عبر وسائل التواصل الاجتماعية لتوعية الجمهور بأضرار هذه السلوكيات السلبية وكيفية التعامل مع من يقومون بمثل هذه الأفعال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى