أراء ومقالاتالموقع

اللواء نصر سالم يكتب في اليمن .. معارك وتفاهمات

التطورات العسكرية التي تشهدها اليمن التي تعاني من حرب أهلية منذ سبع سنوات. تطورات لايمكن تبريرها او حتى قراءتها بموازين التحليل العسكري قد لايصدق أحد أن الطرف المدعوم جويا والمتلقى لكل انواع المساندة والدعم العسكري من التحالف يخسر المعركة بعد سبع سنوات تلقت فيها المليشيات الحوثية ضربات مزلزلة. الغريب ان كل المناطق التي تسقط تباعا بيد الحوثيين بدون قتال هي المناطق التي يسيطر عليها حزب الاصلاح الذراع اليمني لتنظيم الاخوان، وهو الحزب المهيمن على المشهد السياسي منذ 2011 على الاقل فى مناطق شاسعة من مأرب محافظة شبوة الجنوبية المحررة من عام ٢٠١٦، تطورات غيرت من التوازنات وتشير لمآلات أكثر خطورة بما يتطلب قراءة سياسية موضوعية عميقة تستدعي التخادم بين قوى الاسلام السياسي من جماعة الإخوان المسلمين والحوثيين. تطورات لايمكن ان تفهم الا في سياق العلاقة بين الطرفين المتخذين من الاسلام الغطاء الحركي تأتي الوثائق الاستخباراتية التي نشرتها صحيفة نيويورك تايمز حول الاجتماع الذي ضم قيادات جماعة الإخوان مع قيادات من الحرس الثوري الإيراني في تركيا بعد ايام من ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ المصرية والتي اسقطت حكم جماعة الإخوان فكان الاجتماع السري رداً على موقف الراحل الملك السعودي عبدالله بن عبدالعزيزرحمه الله ودولة الإمارات بعد أن تم توفير كامل الدعم والاسناد السياسي لثورة مصر. التوافق بين قيادات جماعة الإخوان والحرس الثوري الإيراني اعتمد تحويل اليمن إلى حزام استنزاف سياسي وعسكري لدول المنطقة وهو ما تم عملياً بتناغم بين الحوثي وحزب الاصلاح ذراع جماعة الإخوان، تعمدت القوى الاسلاموية على تعطيل عملية الانتقال السياسي التي كانت تجري وفقاُ للمبادرة الخليجية غير أن الطرفين قادا عملية متعمدة انتهت بانقلاب عسكري حوثي على الشرعية المعتبرة. ساهم حزب الاصلاح عسكرياً في تسهيل اسقاط المحافظات الشمالية من اليمن وعمل على فتح الممرات لوصول مليشيات الحوثي إلى المحافظات الجنوبية حتى تمكنت من دخول عدن في محاولة لفرض السيطرة على باب المندب ما استدعى استجابة عاجلة من تحالف قادته السعودية والإمارات التي دعمت المقاومة الجنوبية حتى استطاعت تحرير عدن واطلاق أوسع عملية لمكافحة الإرهاب. دعم التحالف العربي لقوات الحكومة الشرعية مكنها من الاقتراب كثيراً من صنعاء لولا أن التخادم بين الحوثي وحزب الاصلاح أعطى المليشيات الانقلابية قوة اضافية بعد تخفيف الضغط العسكري ومحاولة جماعة الإخوان غزو عدن مما أسهم في خلق واقع سيء تطلب معه عقد اتفاق الرياض الذي ترفض الحكومة المختطفة من حزب الاصلاح تنفيذ بنوده ،ان التخادم بين القوى الاسلاموية عاد مجدداً عبر تمكين الحوثي من دخول مناطق محررة بدون مقاومة تذكر. وهنا يطرأ التساؤل عن المسببات فيما يحدث من إعادة تشكيل للواقع الميداني فهدف التخادم يصب في مصلحة القوى الاقليمية التي كانت قد دفعت بالاخوان والحوثي لاستنزاف السعودية والإمارات في اليمن، الاتراك تراجعوا سياسياً واستجابوا لمطالب محور الاعتدال العربي وتجري مباحثات استكشافية مع مصر وكذلك طهران تجري مباحثات استكشافية مع الرياض وتريد المساومة في ملف اليمن. القوى اليمنية داخلياً لها حساباتها فهي تتصارع على مغانمها من حرب صيف العام ١٩٩٤ عندما اجتاحت قوات اليمن الشمالية الجنوب وأعادت وحدة اليمن .وهوماحاولت قوى الانفصال الايحاء بأنه تقاسم نفوذ للقوى القبلية في شمال اليمن وهي القوى التقليدية الحاكمة لليمن الشمالي منذ القرن الثالث الهجري وأن لها مطامعها التاريخية في الجنوب الشافعي وهو الذي تفرض عليه قوتها عبر احكامها القبلية وسيطرتها على السلطة السياسية الحاكمة. هذا يعني أن اليمن سيظل محكوماً لقوى الاسلام السياسي وسيتكرر ما حدث في أفغانستان بتسليم السلطة السياسية لحركة طالبان وهو ما يوفر الفرصة لنشاطات التنظيمات الارهابية، اذا ما فرطت الحكومة الشرعية فى مكتسبات عاصفة الحزم فأن هذا سيؤدي حتماً لفرض سلطة موالية لجماعة الإخوان المسلمين بمشاركة مع الحوثيين لاخضاع المنطقة العربية لسياسة الأمر الواقع بقيام دولة محكومة من القوى الراديكالية ستعمل على ايواء الجماعات والأفكار المناهضة للدول الوطنية العربية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى