أراء ومقالاتالموقع

القانوني عصام شيحة يكتب لـ«الموقع» عن “الوفد” بين الماضي والحاضر !

تحل غداً الإثنين 23 أغسطس ذكري وفاة الزعيم الوطني الوفدي سعد زغلول الذي رحل عام 1927، وتبعه في نفس يوم رحيله الزعيم مصطفي النحاس عام 1965، بينما رحل الزعيم فؤاد سراج الدين في التاسع من أغسطسط عام 2000؛ وبهذا تحمل هذه الأيام الكثير من الشجون الوفدية التي يُشارك فيها الكثير ممن يعرفون قدر الوفد في الحركة الوطنية المصرية.
جرت العادة أن تحرص قيادات الوفد علي الاحتفال غداً بذكري وفاة زعيم الحزب المؤسس سعد زغلول، بزيارة ضريحة بوسط القاهرة، حيث تُسجل العدسات ما يحمله الأبناء للآباء من انتماء ووفاء، وتُلقي الكلمات رنانة مُعبرة عن مكنون ثري بالعرفان والتقدير.

ثم ماذا بعد؟!… يعود الجمع أدراجهم، ويعلو الضجيج، وتُشهر الأسلحة، المشروعة وغير المشروعة، ويتفرج الناس علي الذين كانوا بالأمس يترحمون علي آبائهم المؤسسين للوفد؛ فإذا بهم فُرقاء لا تجمعهم مصلحة وطنية، اللهم إلا بعض الشعارات تحت أضواء الفضائيات، ثم لا حديث يُذكر عن دور فاعل للحزب يُثري الحياة السياسية، ولا ترسيخ لقواعد الحزب في الشارع بين الناس، ولا برنامج حزبي يُدركه حتى المتخصص، ما بالك برجل الشارع العادي، ثم لا هدوء يُغلف الحزب إلا من كل عمل مؤسسي يمكن أن يُضيف إلي رصيد الوفد بتاريخه الزاخر.

سنوات طويلة مضت، بُحت فيها الأصوات العاقلة المُخلصة وهي تُنادي الكل بتحكيم العقل، وتقديم المصلحة الوطنية علي كل مكاسب ذاتية، وإعمال الضمير الوفدي الذي طالما عبر بصدق عن ضمير الأمة المصرية، وخاض من أجلها معارك وطنية مُشرفة حتى باتت الخلافات مكوناً أصيلاً داخل حزب الوفد.

البعض حاول مراراً تبرير استمرار الخلافات وسرعة وسهولة اندلاعها داخل الحزب بأنها دليل ديناميكية الحزب وتفاعله ونشاطه الداخلي!، ولست أري في ذلك إلا هُراء وغش وزيف كبير لا تغيب مقاصده عن كل عاقل يقرأ المشهد الوفدي، بتجرد وانحياز خالص للحقائق.

وبعد…، هل أدعو زملائي في الوفد إلي مراجعات صريحة مع النفس وما تأمر به من سوء؟!، أم أبث فيهم روحاً كاذبة بأنهم علي الطريق السديد، وأنهم في الطريق إلي استعادة مكانة حزبهم العريق؟!. أم أدعوهم إلي تغطية الخلافات منعاً للفضائح؟!.

لو فعلت… لما كان بي ذرة وفاء لآبائنا الوفديين الذين نحتفل بذكري رحيلهم غداً دون أن نُقدم لهم الاعتذار الواجب عن أفعالنا الصغيرة نحن أبنائهم الذين طالما فاخرنا بحملنا مِشعل الآباء أصحاب التاريخ المُشرف الذي أصبح كثر منا للأسف تقتات عليه ليل نهار، غير عابئين بما تخصمه سلوكياتهم من رصيد حزبهم العريق.

زملائي أبناء الوفد في كافة ربوع الوطن، يامن لم تتحصلوا من الوفد علي مكاسب شخصية، الأمل معقود عليكم أنتم، ترفعون عن حزبكم البلاء الذي حط عليه وانتفع منه كثير ممَن يذهبون كل عام يترحمون علي قادته الراحلين. فلا تفقدوا أملكم في عودة حزبكم إلي سابق عهده، أميناً علي الإرادة الشعبية الحرة، حريصاً علي المصلحة الوطنية دون أي تردد.

أقول هذا، ولا أحب أن أفقد الرجاء في قيادات الوفد الحالية؛ فحساب التاريخ عسير، وضمير الوطن يقظ، والشعب علي وعي بكثير مما تظنونه يغيب عن إدراكه، فهل تكتفون بهذا القدر من التشويه للصورة الذهنية لحزبكم الذي منحكم الانتساب إليه وجاهة اجتماعية، ومكاسب رديئة لم يكن يصح أبداً أن تكون محل حرص ومكمن مزايدات ومساومات لطالما انطلقت غير عابئة إلا بفنون المُكايدة وسُبل القنص والصيد الرخيص.

لو فعلتم… لتراجعتم عن الإسفاف الحاصل في نشر خلافاتكم علي وسائل التواصل الاجتماعي، ولحرص قادة الوفد علي تفادي أسباب الانشقاقات الحاصلة في الحزب والتي أدت إلي حصول الحزب علي “صفر” في الانتخابات البرلمانية، أما مُن يتشدق بعدد المقاعد التي ناله الحزب بالتعيين في البرلمان، فليس الأمر إلا تقدير من الدولة لتاريخ الوفد، ودفعاً له ليتبوأ مكانه الطبيعي، ووخزاً لضمير كل وفدى عساه ينطلق بقوة وبصدق صوب مسؤولياته.

فجر جديد يسطع في سماء الوفد، أراه بات ضرورة مُلحة لا ينبغي أن يتأخر أبداً، عساه يبدد ظلاماً أخفي وتستر علي سلوكيات مُهينة لأصحابها ولم يتردد في المحاسبة عنها.

فجر جديد، أراه في الأفق ينجح بإذن الله، ودعم الدولة في استفاقة الغافل عن مهامه الوطنية، وحفز المتراجع عن المُشاركة لغياب ثقته في الغد الوفدي.

ليظل الأمل حياً في وفد وثيق الصلة بتاريخه المُشرف، صاحب رؤية مستقبلية كاشفة، أراه ولا شيء غيره، يمكن أن نقدمه لآبائنا المؤسسين، في ذكراهم وفي كل يوم، وليس إلا هو الاعتذار الواجب الذي ينبغي أن نبكيه علي أرواح قادة الوفد الراحلين… رحم الله الجميع، وأبقي الوطن يافعاً إلي يوم الدين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى