الموقعتحقيقات وتقارير

«الفاتورة الإلكترونية» أزمة بين «المالية» والنقابات المهنية.. كيف يتم الخروج منها؟

«المحامين»: قرار مخالف وأعباء إضافية لا يمكن تحملها

«سعد الدين»: المحامون لا يقدمون سلعة أو تجارة لتقديم فاتورة عن الخدمات

«الأطباء» ترفع دعوى قضائية في مجلس الدولة بالطعن على قرار «المالية»

«الصيادلة»: عبء مالي ضخم على الصيدليات قد يدفعها للإغلاق

«تجارالمحمول»: العمل بالفاتورة الإلكترونية يؤدى إلى مزيد من الضغوط والتكاليف على التجار ومقدمي الخدمات

«الحداد»: معظم التجار غير مؤهلين للتعامل مع المنظومة الجديدة فى الفترة الحالية

كتب- أسامة محمود

حالة من الجدل والغضب أثارها قرار وزارة المالية، خلال الفترة الماضية والخاص بإلزام أصحاب المهن الحرة بتسجيل بياناتهم على منظومة الفاتورة الإلكترونية، وسط اعتراض عدد من النقابات المهنية من بينها نقابة المحامين ونقابة الأطباء على القرار بسبب تكلفتها المرتفعة.

وألزمت مصلحة الضرائب المصرية كل الممولين سواء الشركات أو أصحاب المهن الحرة، بتسجيل البيانات بمنظومة الفاتورة الإلكترونية قبل منتصف الشهر الجاري، وحذّرت غير الملتزمين بتطبيق العقوبات الواردة بقانون الإجراءات الضريبية باعتبارها حالة تهرب ضريبي، وأشارت إلى أنه لن يتم إجراء أي تعاقدات مع الوحدات التابعة للدولة إلا للشركات المسجلة بالمنظومة.

ونظمت نقابة المحامين وقفات احتجاجية أمام مقرها وسط القاهرة، اعتراضًا على التسجيل بمنظومة الفاتورة الإلكترونية، وأصدرت بيانًا طالبت فيه بعدم التسجيل بنظام الفاتورة الإلكترونية، حيث يتم استمرار تطبيق المرحلة الثامنة للمنظومة وتسجيل بيانات كل الممولين قبل يوم 15 ديسمبر الجاري.

ويقول يحيى سعد الدين المحامى والخبير القانوني، إن المحامين ترفض قرار وزير المالية رقم 327 لسنة 2022، والخاص بإخضاع المحامين بالتسجيل في الفاتورة الإلكترونية، وهو قرار يخالف القرار رقم 531 لسنة 2005 بتحديد المهن غير التجارية في تطبيق حكم المادة (70) من قانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 2005.

وأضاف سعد الدين فى تصريحات لـ«الموقع» أن نقابة المحامين لا يمكن أن تخالف المادة 198 من قانون المحاماة، والتي نصّت على أن المحاماة مهنة حرة، تشارك السلطة القضائية في تحقيق العدالة وسيادة القانون وكفالة حق الدفاع ويمارسها المحامي مستقلًا.

وتابع أن الفترة الماضية تم إصدار عدة قرارات تجعل من مهنة المحاماه تجارة بدلًا من كونها رسالة، وقرار وزير الماليه قرار باطل تم الطعن عليه أمام مجلس الدولة بعدة طعون، موضحا أن المحامين لا يقدمون سلعة أو تجارة لتقديم فاتورة عن الخدمات التي يقدموها.

نرشح لك : منتصر الزيات لـ«الموقع»: مطالب المحامين عادلة.. وليس لديهم أجندة سياسية

وأشار الخبير القانونى إلى رفض المحامين جميعهم تلك القرارات، وأن الوقفة الاحتجاجية أمام النقابة جاءت تعبيرًا عن رفضهم التام، والاعتراض بشكل حضاري ومنظّم، موضحا أن التزام المحامين بالمنظومة سيتطلب منهم تعيين موظفين إداريين لإصدار الإيصالات الإلكترونية وحصر النفقات وهذه أعباء إضافية على المحامين لا يمكنهم تحملها كما أنه مخالف دستوريًا، مشيرًا إلى أن هناك العديد من قوانين الضرائب قضي بعدم دستوريتها مثل قانون ضريبة المبيعات، لأنه حمل من يقوم بأداء الضريبة بإمساك السجلات والدفاتر وتحصيل المبالغ لمصلحة الضرائب، في حين تنص المادة 12 من الدستور المصري بعدم جواز إجبار الدولة للمواطن على أداء أي عمل إلا بمقابل عادل.

وشهدت الأيام الماضية لقاءات بين مسؤولي نقابات المحامين والأطباء ووزارة المالية، لمتابعة أزمة التسجيل بمنظومة الفاتورة الإلكترونية، وتم الاتفاق على تشكيل لجان مشتركة لدراسة مشكلاتهم الضريبية بصفة عامة، وتسجيلهم في منظومة الفاتورة الإلكترونية بصفة خاصة، ووضع تصور لحلها، حسب بيانات رسمية من وزارة المالية.

من ناحيته يقول الصيدلى أحمد عبيد أمين صندوق نقابة الصيادلة السابق، إن النقابة تعترض على التسجيل بمنظومة الفاتورة الإلكترونية بسبب الأعباء الإضافية التي سيتحملها أصحاب الصيدليات نتيجة التسجيل بالمنظومة، وهي تعيين موظفين مختصين لإصدار الإيصالات والفواتير الإلكترونية، وشراء نظام إلكتروني معتمد للتسجيل على منصة المنظومة، ومصاريف للاشتراك بها مما يمثل عبئًا ماليًا ضخمًا على الصيدليات قد يدفعها للإغلاق.

وتابع عبيد فى تصريحات لـ«الموقع» أن هذه الفاتورة الإلكترونية ستثقل كاهل الصيدليات بأعباء إضافية يستحيل تطبيقها والالتزام التام باتفاقية 2005 المحصنة بحكم قضائي والذي لا تملك إلا الالتزام به حتى تستطيع مواصلة العمل وخدمة المواطنين خاصة أنها تسدد المستحقات الضريبية على المشتريات سواء تم صرفها أو انتهت صلاحيتها، على حد قوله.

والفاتورة الإلكترونية عبارة عن مستند قياسي له مكونات وشكل وتصميم موحد ومحتوى تنظمه القوانين واللوائح الخاصة بعمل الفاتورة الإلكترونية، كما أنها تتطلب وجود توقيع إلكتروني سار وفعال لمصدر الفاتورة، وتتيح المنظومة تأمين كامل لبيانات الفواتير المتبادلة بين الشركات.

من ناحيتها أعلنت نقابة الأطباء، إقامة دعوى قضائية في مجلس الدولة بالطعن على قرار وزارة المالية، بإلزام الأطباء بالتسجيل لدى مصلحة الضرائب بمنظومة الفاتورة الإلكترونية، وطلبت نقابة الأطباء في الدعوى التي حملت رقم 16759 لسنة 77 قضائية شق مستعجل، وقف تنفيذ القرار الصادر بإلزام الأطباء بالتسجيل لدى مصلحة الضرائب، بمنظومة التسجيل الالكتروني والتوقيع والفاتورة الإلكترونية والإيصال الالكتروني، لحين الفصل في دعاوى قضائية دستورية، وإلغاء القرارات الصادرة المشار إليها.

وأوضحت النقابة تفاصيل الاجتماع الذي استمر لأكثر من ثلاث ساعات بين ممثلي نقابة الأطباء، برئاسة الدكتور حسين خيري نقيب الأطباء، والدكتور جمال عميرة وكيل النقابة، والدكتور محمد فريد حمدي أمين عام النقابة والدكتور أبوبكر القاضي أمين صندوق النقابة، بالإضافة لوفد نقابة الأطباء البيطريين برئاسة الدكتور خالد سليم نقيب البيطريين، مع مسؤولي وزارة المالية، برئاسة الدكتور إيهاب أبوعيش، نائب وزير المالية لشؤون الخزانة العامة، ورضا عبدالعال مساعد وزير المالية لشؤون مصلحة الضرائب ومختار توفيق رئيس مصلحة الضرائب، وعدد من مسؤولي وزارة المالية.

نرشح لك : بعد رسالة موسي.. حقيقة تراجع الحكومة عن ضم المحامين بمنظومة الفاتورة الإلكترونية

وأكدت النقابة في بيان لها، أن الوزارة لم تمنح أي استثناء لأي فئة مهنية، وأنها غير مسؤولة سوى عن البيانات الرسمية الصادرة عنها، وأن نظام الميكنة أو التسجيل الالكتروني هو آلية لتحقيق محاسبة ضريبية عادلة، ولا ترتبط بنوع النشاط أيا كان وإنما يلتزم بها الممول الضريبي أيا كان نشاطه، كما أكد مسؤولو وزارة المالية عدم خضوع الفاتورة الإلكترونية أو الإيصال الالكتروني لضريبة القيمة المضافة ولا تحمل أية تبعات ضريبية أخرى.

وأضاف البيان: “أن الوزارة شددت على أن التسجيل مجانًا بمصلحة الضرائب حتى يوم 15 ديسمبر الجاري بعدها سيتم التسجيل عن طريق التوقيع الالكتروني، وأضافوا أن إصدار الفاتورة الالكترونية للمول الضريبي الذي يتعامل مع ممول ضريبي آخر، بينما الإيصال الالكتروني هو للممول الضريبي الذي يقدم خدمة أو منتج للجمهور ما ينطبق على الأطباء في العيادات الخاصة، والذين بموجب القانون يقوموا بالتسجيل في المنظومة الإلكترونية ثم يتقدموا بطلب إرجاء للتعامل بالإيصال الالكتروني الذي سيتم تطبيقه في عام 2025″.

وأوضح أنه تم الاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة بين نقابة الأطباء ووزارة المالية، لبحث المشكلات المتعلقة بالمنظومة وحلها، على ألا يتم تطبيق أية إجراءات ضد الأطباء إلا بعد الانتهاء من عمل اللجنة، من ناحيته طلب نقيب الأطباء مد فترة التسجيل مجاناً عن طريق مصلحة الضرائب إلى ما بعد منتصف ديسمبر، وسيتم عرض الطلب على وزير المالية”.

من جهته قال أمين عام نقابة الأطباء، الدكتور محمد فريد حمدي، إن النقابة تتخذ كافة المسارات القانونية والتفاوضية لعدم الإضرار بالأطباء ونحو العمل لصالحهم ولا تلتفت في سبيل ذلك للمزايدات ولا تصرح إلا بالحقائق.

ولم يقف الاعتراض عند نقابة المحامين والأطباء والصيادلة فقط بل انضم لقائمة الاعتراض على القرار قطاع تجار المحمول وطالبوا بتأجيل العمل بنظام الفاتورة الإلكترونية، إذ يؤكد العاملون بالقطاع عدم استطاعتهم التطبيق في الوقت الحالي مع ضرورة التأجيل لمدة عام على الأقل حتي يتمكن التجار من كيفية التعامل عليها.

وقال محمد هدايه الحداد، عضو مجلس إدارة غرفة الجيزة التجارية نائب رئيس شعبة تجار المحمول، إن معظم التجار غير مؤهلين خلال الفترة الحالية للتعامل مع منظومة الفاتورة الإلكترونية، مما يعرقل سير العمل في هذا القطاع الحيوي والمهم، مؤكدًا في الوقت ذاته أنه لا يوجد اعتراض من المجتمع التجاري علي تطبيق الفاتورة الإلكترونية لكن نحتاج إلي مزيدًا من الوقت وعقد الورش التدريبية الخاصة بالتعامل علي المنظومة الجديدة.

وأشار “الحداد” فى بيان للغرفة إلى أن الشارع المصري يعانى كثيرًا من حالة عدم استقرار بالأسعار، موضحًا أن فرض العمل بالفاتورة الإلكترونية خلال الفترة الحالية سيتسبب في مزيدًا من الضغوط والتكاليف على التجار ومقدمي الخدمات، خاصة في ظل حالة الركود وانخفاض الطلب المسيطر على السوق المصري منذ فترة طويلة ونتمنى أن تنتهي سريعًا، مناشدًا الرئيس عبد الفتاح السيسي بالتدخل السريع وإرجاء تطبيق الفاتورة الإلكترونية حتى يتم شرح تفاصيلها للمجتمع التجاري.

ولم يحظ قرار وزارة المالية بتطبيق الفاتورة الإلكترونية بقبول كثير من فئات المجتمع ومنها (الأطباء والفنانين والمحامين وكذلك تجار المواد الغذائية) وذهب البعض للمطالبة بإلغائها أو استثنائهم من الخضوع إليها، كما طالب نواب في البرلمان الحكومة بالتراجع عن تطبيق نظام الفاتورة الإلكترونية على عدد من المهن الحرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى