الموقعهلال وصليب

«العالم الإسلامي» تستضيف ملتقي”المرجعيات العراقية”.. والمشاركون يوصون بإنشاء هيئة للتواصل بين المذاهب

 

احتضنت مكة المكرمة ملتقًى تاريخياً جمع كافة المرجعيات الدينية العراقية ذات الثقل والتأثير في المشهد العراقي على طاولة واحدة للمرة الأولى، استجابة لدعوة الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي رئيس هيئة علماء المسلمين الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى، سعياً للتأكيد على وحدة الكلمة وموقف الجميع الرافض لخطاب الطائفية والكراهية والصدام.

وأصدر المشاركون في الملتقى بياناً ختامياً، رفعوا فيه الشكر والامتنان لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، و ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان عبدالعزيز آل سعود، حفظهما الله، على جهودهما المتميزة ورعايتهم لمبادرات تعزيز التعايش السلمي والحوار الحضاري ومواجهة التطرف والعنف عالمياً وفي العراق خاصة، كما قدم المشاركون شكرهم وامتنانهم لمعالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي على هذه المبادرة الكريمة والمقدرة لدى المرجعيات العراقية كافة.

وشدد البيان الختامي على ضرورة تفعيل وثيقة مكة المكرمة، وفتح قنوات الحوار البناء والتواصل الإيجابي بين العلماء لمعالجة القضايا المستجدة والأزمات المتجددة، وأن يكون هذا الملتقى نواة لتبني هذه القنوات.

كما دعا المشاركون إلى إشاعة القيم المشتركة التي جاءت بها الشريعة الإسلامية لبناء الوطن وتحقيق المواطنة من خلال بث روح التسامح والتعايش السلمي والاحترام المتبادل والاعتدال والوسطية ونبذ التطرف والغلو.

كما أكد المشاركون على أن الأولوية في الخطاب الديني والإعلامي تكون بالتأكيد على كلمة التوحيد ووحدة الكلمة وحفظ هوية الوطن والحرص على بنائه ورفض الإرهاب وإدانة العنف بكل صوره، إضافة إلى الاهتمام بفقه السلم ليسهم في بناء مجتمع صالح يقوم على التعايش والسلم المجتمعي.

وطالب المشاركون بترشيد الفتاوى الدينية بما يحقق مقاصد التشريع في حفظ الضرورات الخمس، سواء على مستوى الفرد أو المجتمع بما يحافظ على المشتركات الإسلامية والإنسانية.

وأوصى البيان بإنشاء هيئة للتواصل الحضاري بين المذاهب والأديان التي تتألف منها المجتمعات الإسلامية، وإنشاء لجنة تنسيقية مشتركة تجمع المرجعيات العراقية ورابطة العالم الإسلامي، لمتابعة المبادرات الناتجة عن هذا الملتقى وتفعيل أي مبادرات قادمة والتنسيق فيما بينها وما تتبعه من فعاليات ونشاطات تحقق أهدافه المرسومة.

وفي كلمته الافتتاحية للملتقى، جدد الدكتور العيسى التأكيد على أنه “ليسَ بَيْنَ السُّنةِ والشيعة إلا التفاهُمُ الأخوي والتعايُشُ الأمثل، والتعاوُن والتكامل في سياق المحبة الصادقة، مع استيعاب الخُصُوصيةِ المذهبيةِ لكلٍّ مِنْهُمْ في دائرة دينِهِمْ الواحد، وليس هناك من شيءٍ آخَرَ إلا ما دار ويدور في خيال الطائفية المقيتةِ المَرفُوضةِ “بحمد الله” من الجميع، والتي هي وبالٌ على نفسها قبل غيرها، مع أهمية تنبيهِ الآخرينَ بأنها لا تعدو أن تكونَ لفيفاً دخيلاً على قِيَم الدين والوطن، استنكفتْ عن سماع الحق فَصَدَّتْ عَنِ السَّبيل، وبخاصة من انْزَلَقَ مِنها في متاهة التكفير والصدام والصراع”.

 

وخاطب كبار العلماء والمرجعيات الدينية العراقية قائلاً: “نعم؛ كلُّ علمٍ وفكرٍ يَجمعُ ولا يُفَرِّقُ، ويؤلِّفُ ولا ينفِّرُ فهو عِلْمٌ نافعٌ يُحْفَل به، وأنتم أحق به وأهلُه، وما اجتمعت هذه الأرواحُ المتآلفةُ براسخ عِلمها وفهمها إلا تَيَمُّنَاً وأُنْسَاً بنَفَحَاتِ الرحاب الطاهرة التي تشرفت المملكةُ العربيةُ السعودية بخَدَمَاتِها المشهودةِ، كما تشرفت ببذل المساعي لما فيهِ خيرُ الإسلامِ والمسلمينَ والإِنسانيةِ جمعاء، فأجزل اللهُ المثوبةَ لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، و وَليِّ عَهْدِهِ الأَمِين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود على ما قدما، ويُقَدِّمَان من ذلكم الخيرِ وغيرِه، حفظهما الله وزادهما توفيقاً وتسديداً”.

ونوّه الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، بالخطوات الحثيثة للحكومة العراقية في ازدهار ورفعة صَرْحِ العِرَاقِ الكَبير، مُعَزِّزَةً المفهومَ الشاملَ للهُوية الوطنيَّة في الوِجْدان العراقي، مؤكداً أن الهُوية ثابِتٌّ راسخٌ لا يتغير، لكنَّ الخروجَ عن جادة اعتدالها وسماحتِها خطأٌ بيِّنٌ في المنهج، وهو كثيراً ما يتردَّى إلى ضلالٍ يتعدى دائرتَهُ الضيقةَ وخطرَهُ المحدودَ ليَتَخَطَّفَ كُلَّ عاطفةٍ مجردةٍ عن الوعي.

من جهته أكد الدكتور بشتوان صادق عبدالله وزير الأوقاف والشؤون الدينية في إقليم كردستان العراق، أن حكومة كردستان العراق لم تدخر جهداً في بناء العراق الجديد التقدمي الفيدرالي، وقد أسهمت في كتابة الدستور الذي ضمن حقوق جميع المكونات في العراق.

وأوضح أن كردستان كانت ولا تزال الملاذ الآمن للجميع لما تمتعت به من عيش كريم وتعايش سلمي واحترام كافة حقوق الأديان والمذاهب، مضيفاً “لا شك أن إقامة مثل هذه الفعاليات والملتقيات في المملكة العربية السعودية تسهم في عملية بناء السلام”، مشدداً على أن هذا الدور البارز له ثمرة إيجابية في توحيد الصف العراقي.

ومن جانبه أكد فضيلة الشيخ العلامة أحمد حسن الطه كبير علماء المجمع الفقهي العراقي، أن النصوص الشرعية تؤكد على أن السلم المجتمعي واجب شرعي، ومطلوب منا جميعاً الدخول فيه، وهو طريق النجاة في الدنيا والآخرة، مضيفاً “إن الله تعالى خلق الإنسان وجعله الخليفة في الأرض وحمّله مسؤولية إعمارها، ولا إعمار للأرض إلا بوجود بيئة آمنة، يأمن المرء فيها على دينه ونفسه وماله وعرضه، ومن هنا كان لزاماً على العقلاء والحكماء أن يبتعدوا عن كل ما يعكر صفو الأمن والأمان ويزعزع السلم والسلام، وأن يقفوا جميعا في وجه من يسعى إلى ترويع الناس وتخويفهم وتعريض أمنهم للخطر وتغذية العنف والتطرف”.

بدوره تمنى محمد علي محمد علي بحر العلوم، المشرف على معهد المعلمين للدراسات العليا المتحدث بالنيابة عن المرجعيات الشيعية أن يكون في هذا اللقاء تحقيق لبنة ولو صغيرة في بناء تاريخنا وامتنا ومجتمعنا. وقال: “نحمل هم العراقيين، هذا الهم الذي يسكن في قلوب الجميع، هذا هو الهم الذي يحملنا مسؤولية رفعه ومسؤولية معالجته.

وأكد أن من أجمل التعابير التي وصفت بها الأمة الإسلامية أنها أمة وسط كما في القرآن الكريم، مضيفاً “أن الوسطية تحتاج إلى جهد وسلوك وعمل وجرأة في اتخاذ المواقف المعتدلة، وإذا كان الاختلاف حقيقة فالطريق فيه يحدده القرآن الكريم للأمة الوسط الذي يعني التميز والتمدد والانفتاح على الآخرين”.

وشدد على أن مسؤولية علماء الدين السعي لتثبيت الحقوق والاحترام المتبادل، موضحاً أن التعددية المذهبية والعرقية في مجتمعنا تحتاج إلى معالجات اجتماعية سلوكية على قاعدة التعايش السلمي بين الأفراد لا على قاعدة التغلب.
وفي السياق ذاته نوه الدكتور حيدر حسن جليل الشمّري رئيس ديوان الوقف الشيعي، إلى أن علماء الإسلام تواقون لمبادراتكم المسؤولة وهم يؤكدون قدرتهم على تحقيق البرامج وتنفيذ الأهداف التي تعلنونها.
وأضاف: “أن أبناء السنة والجماعة هم أنفسنا كما قال السستاني وبذلك نستطيع إفشال كل محاولة تدق إسفين الشقة بين المسلمين”، مؤكدا أن المسلم –من السنة والشيعة- هو من شهد بأن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وبهذه الشهادة يعصم نفسه وله حقوق المسلم على المسلم”.
أما سعادة الدكتور سعد حميد كمبش رئيس ديوان الوقف السني، فقال: “إنه من دواعي سرورنا أن نجتمع بدعوة من رابطة العالم الإسلامي التي كانت حريصة على وحدة الصف ووحدة الكلمة لترسيخ الأخوة الإسلامية خاصة في العراق”.

وأضاف: “لا ننسى جهود المملكة العربية السعودية على رأسها خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين لخدمة العالم الإسلامي عامة والشعب العراقي خاصة.

من جهته أوضح فضيلة الشيخ الدكتور عبدالله سعيد ويسي رئيس اتحاد علماء إقليم كردستان العراق، أن العراق اشتهر بأنه بلد الحضارات والعلم والعلماء، البلد الذي علم البشرية القراءة والكتابة والزراعة والصناعة.

نرشح لك

مفتي أستراليا: أبناء الجالية الإسلامية يحرصون على تلقى العلوم الدينية والمنهج الأزهري

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى