الموقعتحقيقات وتقارير

“الشاه الطريد”.. قصة أشهر لاجيء في العالم أنقذته مصر وعاش في قصر القبة ودفن في رحاب الرفاعي

كتبت – دعاء رسلان

لا تزال مصر تضرب أروع الأمثلة في العمل الإنساني، ولعل استقبال اللاجئين على أراضيها أحد أشكال الإنسانية، التي تتبعها مصر مع أبناء الدول الأخرى، الذين يستغيثون بها من أوضاعهم في بلادهم.

لم يقتصر اللجوء لمصر على المواطنين فقط، ولكن لجأ إلى مصر شخصيات عالمية، ومنهم الشاه محمد رضا بهلوى، امبراطور إيران الراحل، الذي بدأت حياته بالسلطة والمال وانتهت بطلب اللجوء من بلدان العالم حتى جاءته يد العون والمساعدة من مصر لاحتضانه بعدما رفضه العالم.

اندلعت الثورة الإسلامية في إيران، وانطلقت المظاهرات في العاصمة الإيرانية طهران، حتى تم إجبار الشاه محمد رضا بهلوى على النزول من العرش، وحينها حاول الشاه الذهاب إلى أوروبا، ولكنه تم مواجهته برفض استقبال طائرته.

لم يتوقف الأمر على الرفض الأوروبي للجوء شاه إيران ببلادهم، بل رفضته باقي السفارات واحدة تلو الأخرى، إلا أن مصر أبت أن تتبع سائر البلدان الأخرى في رفض الشاه، ووافقت على لجوءه بها في 16 يناير 1979، حيث حل بطائرته في مدينة أسوان واستضافه الرئيس الراحل أنور السادات، الذى كان على علاقة جيدة مع الشاه منذ نهاية الستينات.

بالرغم من رفض العالم للجوء الشاه إلا أنه حصل على استضافته في مصر كانت على حجم مكانته في قلب الرئيس الراحل “السادات”، الذي أمر بمراسم استقبال تليق برؤساء الدول، مع السجادة الحمراء عند باب الطائرة واستعراض حرس الشرف.

طرق الشاه أبواب العالم من أجل اللجوء والعلاج، ولكنه لم يلقى الترحيب من حيث توجه إلى جزر البهاما ثم إلى المكسيك التي أقام فيها عدة أيام، ونظراً لحالته الصحية الحرجة، وطلب من الولايات المتحدة السماح له بالعلاج لديها، وبعد الموافقة طلبوا منه المغادرة بزعم احتلال الطلاب الثوار في إيران السفارة الأمريكية في العاصمة طهران، وذلك في 4 نوفمبر 1979م مطالبين بتسليمه مقابل الإفراج عن الرهائن الأمريكيين.

في أعقاب مغادرة الشاه للولايات المتحدة، حاول العودة إلى المكسيك ولكنه واجه الرفض مرة أخرى، وحينها توجه إلى بنما، التي لم يستطع الإقامة فيها مدة طويلة إلى أن أرسل السادات طائرة خاصة للعودة به إلى مصر وتم تخصيص قصر القبة مقراً لإقامته.

بعد عام من المعاناة والمأساة التي عاشها شاه إيران من الرفض العالمي له، توفي في القاهرة 27 يوليو 1980 بمستشفى القوات المسلحة بالمعادي بعد صراع مع مرض سرطان الغدد الليمفاوية، وأقام الرئيس السادات جنازة عسكرية مهيبة من قصر عابدين وعزفوا السلام الإمبراطوري الإيراني، وحمل النعش ملفوف بالعلم الإيراني فوق عربة مدفع يجرها ثمانية من الخيول العربية وشارك فيها ولى عهده رضا بهلوى الثاني والرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون وملك اليونان السابق قسطنطين الثاني وسفراء عدة دول.

في مسجد الرفاعي، تم دفن شاه إيران محمد رضا بهلوى في الغرفة، التي دُفن بها والده رضا بهلوى عام 1944 قبل نقله إلى طهران بعد طلاق الشاه من الأميرة فوزية بنت فؤاد الأول.

وبرر الرئيس الراحل استشافة الشاه نظرا لموقفه البطولي في حرب أكتوبر حينما كانت مصر في أمس الحاجة للمواد البترولية فأمر الشاه بتوجيه سفن البترول الإيرانية في عرض البحر إلى الموانيء المصرية و”أنقذ الموقف” وفق تعبير الرئيس الراحل مؤكدا أن مصر لا تنسى الجميل، وعلى إثر استضافة القاهرة للشاه الهارب انقطعت العلاقات مع إيران كليا وناصبت طهران القاهرة العداء منذ يومها، ورفض مبارك إعادة العلاقات على خلفية تسمية أحد شوارع طهران باسم قاتل السادات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى