الموقعتحقيقات وتقارير

السكرة الأخيرة.. أسباب الـ Heart attack.. ملف خاص عن «الموت المفاجيء»

الصحة العالمية: إمكانية تلافي 80% من الأزمات القلبية التي تحدث في سن مبكرة

شفيق: المخ لا يتحمل توقف الدم إليه أكثر من دقيقة ونصف

الصداع لايجب أن يستهان به مطلقا خاصة الذي يصيب منطقة واحدة

سمير: نطالب بقانون لمعرفة سبب الوفاة دون تفسير واضح خاصة الشباب

الأتربي: المخدرات سبب وفاة الكثير من الشباب فجأة

لا أحد يبحث عن السبب الرئيسي في توقف القلب أو المخ الفجائي

تحقيق – أسماء مدحت 

في الصباح الباكر وكعادتها، تذهب الزوجة لإيقاظ زوجها الذي يبلغ من العمر ثلاثين عاما ولديه طفلة حديثة الولادة وتفتح الشرفة، إيذانا ببدء يوم جديد…

دقائق مرت كالدهر، وهي تحاول إيقاظه بكافة الطرق ولكن دون جدوى.. تنادي كثيرا محمد محمد، لكنه لا يستجيب!
تحكي الزوجة أنه لم يكن يعاني من أي مشاكل صحية أو تاريخ مرضي، وكان يتمتع بصحة جيدة.

بعيون تملؤها الدموع، يحكي حمزة عن وفاة أمه المفاجئ.. كان يوما عاديا جدا بالنسبة لأمي، “غسيل وطبيخ” قم جلسنا فى المساء نضحك ونتبادل أحاديثا طبيعية.. فجأة أمسكت أمي صدرها تشكو ألم شديد.. دقيقة أو دقيقتين فقط.. وسقطت أمي راحلة عن الحياة وعنا…

قالت طبيبة القرية بعدها إنها أزمة قلبية حادة!.. عشرات الحالات بل والمئات منها، رحلت عن عالمنا في أعمار سنية قصيرة، وبدون أسباب معروفة.. “الموقع” يبحث في هذا التحقيق، عن أسباب انتشار الموت المفاجىء وخصوصا بين صغار السن والشباب، ومعظمهم مات بدون أسباب مرضية سابقة، فلم يسبق لهم الشكوى أو الوجع، بل وبعضهم كان رياضيا متميزا، كما نسلط الضوء على أحدث الدراسات والأرقام التي ترصد هذه الظاهرة الخطيرة.

كما نتساءل مع كبار أساتذة الطب في مصر، وخاصة القلب والمخ والأعصاب، عن سبب انتشار الموت المفاجىء، وهل هناك من سبل للوقاية منه، وهل يمكن إسعاف هؤلاء الشباب بأي طريقة تنجيهم من هذا الموت السارق لأعمارهم..

بحسب منظمة الصحة العالمية فإن أكثر من 17.3 مليون شخص قضوا نحبهم في عام 2012 جراء التعرض لأحد الأمراض القلبية الوعائية، مثل الأزمة القلبية أو السكتة، وحدثت أكثر من 80% من تلك الوفيات، على عكس المعتقدات الشائعة، في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل، غير أن ما يبعث على التفاؤل هو إمكانية تلافي 80% من الأزمات القلبية والسكتات التي تحدث في سن مبكرة.

ويمكن تحقيق ذلك عن طريق اتباع نظام غذائي صحي وممارسة النشاط البدني بانتظام والامتناع عن التدخين، حيث أن النظام الغذائي المتوازن ضروري لصحة القلب والجهاز الوعائي، وهو يشمل الإكثار من الخضروات والفواكه والحبوب غير منزوعة النخالة، واللحوم الخالية من الدهون، والأسماك والبقول، والإقلال من تناول الملح والسكر.

وأيضا ممارسة النشاط البدني بانتظام، حيث تساعد ممارسة النشاط البدني بانتظام ولمدة لا تقل عن ثلاثين دقيقة على صون الجهاز القلبي، أما ممارسة ذلك النشاط في معظم أيام الأسبوع ولمدة لا تقل عن 60 دقيقة فهو يسهم في الحفاظ على وزن صحي.

ونصحت منظمة الصحة العالمية، من التأكد من ضغطك الدموي، حيث أن فرط ضغط الدم لا يؤدي عادة إلى ظهور أعراض على المصاب به، غير أنه قادر على إحداث سكتة دماغية أو أزمة قلبية مفاجئة، وأيضا تأكد من نسبة السكر في دمك، حيث أن زيادة ارتفاع نسبة الجلوكوز في الدم (السكري) من مخاطر الأزمات القلبية والسكتات الدماغية.

أيضا تأكد من نسبة الشحوم في دمك، حيث يزيد ارتفاع الكولسترول في الدم من مخاطر الأزمات القلبية والسكتات الدماغية، ويجب التحكم في كولسترول الدم باتباع نظام غذائي صحي أو بتناول الأدوية المناسبة عند الحاجة.

• بداية.. كيف يحدث الموت المفاجئ؟

الدكتور محمد شفيق، استشاري جراحة القلب والأوعية الدموية والصدر، يقول إن الموت المفاجئ يحدث نتيجة ظهور حدث مفاجئ وعرضي لشخص يبدو أنه سليم صحيًا، وهذا الحدث يؤدي إلى تدهور في الأجهزة الحيوية مثل: القلب أو الجهاز التنفسي ما يستدعي عدم القدرة على إعادة العمل والحياة الطبيعية لهذه الأعضاء أو الأجهزة الحيوية؛ لأنه لا يوجد شخص متدرب على الإنعاش الطبي أو التنفس الاصطناعي بجانب الشخص الذي ظهر عليه الحدث المفاجئ.

ويضيف شفيق، أنه لا توجد أعراض تظهر على الشخص وهو على قيد الحياة تدل على الموت المفاجئ، ولكنها تظهر بعد الوفاة، كما تعتمد أسباب الموت المفاجئ على السن، وغالبا ما يحدث في الأطفال والبالغين، أما في حالة كبار السن يكون الموت المفاجئ متوقع في أجهزة معينة.

• عدم انتظام ضربات القلب
وأوضح استشاري جراحة القلب أن للموت المفاجئ عدة أسباب، الأول منها هو عدم انتظام ضربات القلب الذي يؤثر على عمل عضلة القلب كمضخة للدم إلى أنحاء الجسم، وهذه الضربات المتتالية تجعل المريض يشعر بوجع مستمر في القلب لدقائق ثم الوفاة مباشرة.

أما السبب الثاني هو حدوث جلطة (تجمد الدم بدل من أن يكون سائلا نتيجة تصلب الشرايين) تؤثر على كمية الدم الواصل إلى عضلة القلب مما يؤدي إلى توقفه، أو حدوث نزيف حاد في المخ يستغرق من ثانيتين إلى خمسه دقائق ويؤدي إلى توقفه عن العمل وعند حدوث هذا النزيف يشعر المريض بالدوار ثم يسقط على الأرض ويموت فورا قبل الذهاب إلى المستشفى.

• جلطة في المخ

أيضا حدوث جلطة في الشريان الرئيسي المغذي للمخ أحد أسباب الموت المفاجئ التي تؤدي إلى توقف المخ عن العمل، لأن المخ لا يتحمل توقف الدم إليه أكثر من دقيقة ونصف، ولا يمكن أن يعود إلى العمل مرة أخري، أو حدوث جلطة في الشريان الرئوي الذي يحمل الدم من القلب إلى الرئتين مما يؤثر على كمية الدم الواصلة إلى الرئة وبالتالي لا تقوم بوظيفتها، وعند حدوثها يتغير لون المريض إلى اللون الأزرق ويعاني من صعوبة في التنفس نتيجة نقص الأكسجين.

وتابع شفيق أن حدوث انشطار في جدار الشريان الأورطي الذي يحمل الدم من القلب إلى جميع أجزاء الجسم يمكن أن يؤدي إلى الوفاة، وبدل من أن يكون هناك تجويف واحد في الشريان يصبح هناك تجويفين الأصلي والكاذب وممكن أن ينفجر الشريان الأورطي أو تجويف يسد الآخر ويقل الدم ويؤدي إلى الوفاة.

• الشائع في مصر

كما أن أحد أسباب الموت المفاجئ الشائعة في مصر هي حدوث هبوط حاد في الدورة الدموية بمعني أن ضغط المريض يقل عند المعدل الطبيعي 100/80 ويصبح 50/20 أو أقرب إلى ذلك ويحدث في حالة الصدمة العاطفية أي عندما يسمع الشخص بخبر وفاة شخص قريب له أو حالات الفرحة الشديدة.

ونسبة الموت المفاجئ في مصر الناتجة عن الحوادث أعلى من نسبة وفاة الشباب فجأة نتيجة أزمات صحية، وفي الدول المتقدمة تزداد نسبة وفاة الأطفال في سن الـ 16 أثناء النوم، وعندما يستريح الطفل ويخلد للنوم تنام معه جميع أجهزته من مراكز القلب والمخ، وهذا الأمر أسبابة غير معلومة حتي الآن.

• ساعات النوم

ونصح استشاري أمراض القلب والأوعية الدموية، بممارسة الرياضة وعدم التعرض لضغوط نفسية وعاطفية، وعدم الإرهاق، وتخصيص عدد ساعات نوم معين لراحة الجسد، واتباع نظام غذائي صحي ومنتظم، ففي البلاد المتقدمة لديهم إحصائيات بنسب الطعام المستهلكة أما في مصر لا توجد إحصائية بمعدل نوع الغذاء المُستهلك.

• العوامل الوراثية

الدكتور خالد سمير، أستاذ جراحة القلب والصدر بجامعة عين شمس، يقول إن كلا من السكتة الدماغية والسكتة القلبية من أهم أسباب الموت المفاجئ ويحدثان فجأة بدون سابق انذار، وهناك حالات يمكن أن نتوقع لها حدوث السكتة القلبية أو الدماغية نتيجة حدوث خلل وظيفي أو عيوب خلقية صغيرة في القلب أو الأوعية الدموية في المخ ويمكن أن نكتشفها إذا تم البحث عنها.

وأحيانا يكون هناك تضخما في عضلة القلب أو ضيق صغير في أحد الصمامات لا ينتج عنه أي أعراض تؤدي إلى التعب أو الذهاب إلى الطبيب ولكن بالفعل المشكلة موجودة، كذلك وجود تمددات في بعض الشرايين في المخ أو عيوب خلقية، وفي حالة توقف القلب أو حدوث سكتة دماغية أو قلبية يتبقى حوالى ثلاث دقائق فقط قبل أن تموت خلايا المخ نتيجة توقف الأوكسجين، وعلينا إجراء إنعاش للمريض والتنفس الصناعي قبل انتهاء الثلاث دقائق وإلا سيموت الشخص.
ويضيف الاستشاري أن بعض الدول تتبع روتين خاص بها وهو إجراء رسم قلب أو موجات صوتية على القلب “إيكو” لكل الأطفال ابتداءًا من سن دخول المدراس، أما مصر تفتقر إلى هذا القرار.

• لا يوجد أحد يبحث عن الموت

هناك مشكلة كبيرة في مصر، وهي أنه لا يوجد شخص فيها يبحث عن أسباب الوفاة وخاصة عندما يموت الشخص بالسكتة الدماغية أو القلبية فيقولون إن هذا هو سبب الوفاة ولا يبحثون عن السبب الرئيسي في توقف القلب أو المخ، أما في الدول الأجنبية، يحرصوا على معرفة سبب وفاة الأشخاص وتشريح جثثهم وإثبات سبب الموت الرئيسي.
ونصح سمير، أنه ينبغي أن يكون لدينا سياسة صحية تتضمن الكشف المبكر عن هذه المشاكل ونشر أجهزة الصدمات الكهربائية في الأماكن العامة مثل التجمعات والمدارس والجامعات والمولات ووجود شخص متدرب على الانعاش القلبي والرئوي قادر على استخدامات الصدمات الكهربائية لانعاش المريض حتي وصول الإسعاف.

• لاعبو الكرة أكثر عرضة

واستكمل أن بعض اللاعبين في المباريات الهامة متوقع أن يحدث لهم توقف في عضلة القلب أثناء الجري مثلما حدث مع لاعب كرة القدم الدنماركي كريستيان ايركسن، وسقط مغشياً عليه في أرض الملعب مع اقتراب نهاية الشوط الأول خلال المباراة الافتتاحية لبطولة أوروبا يورو 2020 بين الدنمارك وفنلندا، وتلقي علاجاً طبياً طارئاً على أرض الملعب قبل نقله إلى المستشفى.

ويجب أن تتخذ الدولة قرار بسن قانون لمعرفة سبب وفاة الأشخاص بدون سبب واضح وخصوصا الشباب الصغار في السن لأن هذا سوف يساعدنا على معرفة السبب الرئيسي على مستوي العالم وأن تتبع الدولة نظام صحي لفحص الأطفال قبل دخول المدراس وعمل رسم القلب لهم خاصة العائلات التي حدث بها حالات وفاة لأشخاص صغيرة في السن ومعرفة إذا كانت هناك أسباب وراثية أم لا.

• تعاطي المخدرات

أما الدكتور أنور الأتربي، أستاذ الأمراض العصبية والنفسية بطب عين شمس، فيقول إن الموت المفاجئ ليس له سند ولا إحصائية وفي بعض الحالات يصعب تحديد سبب الوفاة، ومن أهم أسباب الموت الرئيسية هي نزيف المخ.
ويضيف الأتربي، أن المخدرات هي سبب وفاة الكثير من الشباب فجأة دون تاريخ مرضي، لأن نسبة الشباب التي تتعاطى المخدرات في مصر والعالم العربي في تزايد كبير جدا، وتؤثر على المخ بشكل سيئ وممكن أن يتعرض الشخص المتعاطي إلى فقدان وعي وتوقف مخه.

• مقدمات الموت المفاجئ

الدكتور محمد عزيز، أخصائي القلب والأوعية الدموية، قال إن حدوث اختلال في نبضات القلب بشكل حاد لا يوجد له أي مقدمات ولا أعراض، ومن الممكن أن يحدث اختلال في القلب لأي شخص يبذل مجهود زائد وخاصة لاعبين الكرة فهم أكثر عرضة لهذا الاختلال.

ويضيف عزيز، أن كبار السن أكثر عرضة لحدوث جلطة في الشريان التاجي وتؤدي هذه الجلطة إلى الوفاة مباشرة نتيجة اختلال نبضات القلب، ومن الممكن أن نلحق الجلطة إذا كان امتدادها داخل الشريان أقل وكلما كان امتدادها داخل الشريان أكبر كلما كانت الخطورة أكبر على المريض.

أيضا من أسباب الموت المفاجئ هو التشريح في الشريان الأورطي، وهو نوعان، الأول حاد ويأتي في أي لحظة ولا نستطيع أن نلحق المريض وممكن أن يموت الشخص بة على سريرة دون أن يشعر به أحد، والثاني يحدث نتيجة إجهاد زائد نتيجة خلل في النبضات وممكن أن نلحق المريض.

• الصداع لا يستهان به

تشير الدراسات الطبية، أن الصداع لا يجب أن يستهان به مطلقا، وخصوصا الذي يأتي في منطقة واحدة وهو شيء جديد على الشخص، أو الذي يأتي بشكل عنيف جدا فهذا يجب فحصه، وفي كل الأحوال يجب التعامل مع الصداع بشكل إيجابي، وللأسف الشديد فإن هناك سلوكيات سيئة ظهرت مؤخرا بين الناس بسبب التكنولوجيا والهواتف المحمولة والإنترنت والتي تسببت في قلة الحركة وعدم ممارسة الرياضة، وارتفاع نسبة السمنة وأيضا التدخين والمخدرات وكلها أسباب رئيسية لمشكلات قد تحدث في المخ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى