الموقعخارجي

الدكتور هاني رسلان لـ”الموقع”: السودان يعيش حالة “تشظي” وعلى “القوى الأكبر” الانتباه

كتب – أحمد إسماعيل علي

ينقسم الشارع السوداني حاليا ما بين تيارين أحدهما يوالي ما يسمى بالمكون العسكري، والذي يتمثل في مجلس السيادة برئاسة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، والشق الآخر المدني والذي يمثله رئيس الحكومة الانتقالية عبد الله حمدوك، خصوصا مع التراشق الإعلامي المتبادل بينهما، بعد إجهاض محاولة الانقلاب الفاشلة في سبتمبر الماضي.

وفي سياق ذلك، خرجت اليوم الخميس، بذكرى ثورة 21 أكتوبر، تظاهرات حاشدة بالعاصمة الخرطوم والمدن الأخرى في مسيرات وصفت بـ”الأكبر في تاريخ البلاد”، وفقا لـ”سكاي نيوز عربية”، للمطالبة بالتحول المدني ورفض أي محاولة لقطع الطريق أمام إكمال الفترة الانتقالية الحالية.

بينما تعتصم حشود آخرى، منذ عدة أيام، للمطالبة بإقالة الحكومة، ولتأييد الجيش والمجلس السيادي.

وشهدت، اليوم، العديد من المدن في غرب وشمال ووسط وشرق البلاد تدفق المواطنين وطلاب الجامعات والمدارس إلى الشوارع، منددين بالمحاولات الجارية لما يصفونه بمحاولة إجهاض الفترة الانتقالية، ومطالين الشق العسكري في مجلس السيادة بـ “تسليم السلطة للمدنيين دون إبطاء وتكوين المجلس التشريعي “البرلمان”؛ ومحاسبة مرتكبي جريمة فض اعتصام القيادة العامة للجيش في الخرطوم في الثالث من يونيو 2019 ودعم اللجنة الوطنية المكلفة بتفكيك بنية نظام الإخوان”.

“حالة تشظي”

من جانبه، وصف الدكتور هاني رسلان، رئيس وحدة دراسات السودان وحوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، في تصريحات خاصة لموقع “الموقع”، ما يحدث في السودان بحالة من “التشظي”، تشمل الجميع بما فيهم المكون “المدني”، والمكون “العسكري” في الجيش وقوات الدعم السريع والقوات التابعة للحركات المسلحة التي كانت في “دارفور”.

وأضاف الدكتور “رسلان”: على المستوى المجتمعي توجد أزمات متلاحقة، كأزمة شرق السودان ممتدة الآن وقطع الطريق الواصل مع ميناء بورتسودان، وكوجود اعتداءات في دارفور.

وتابع: “القيادات والنخب السودانية، سواء الحزبية أو العسكرية أو الحركات المسلحة أو القيادات الأهلية مثل المجلس الأعلى للبجا في مقابل المجلس الأعلى للإدارة الأهلية في شرق السودان، الكل في حالة انقسام وتشظي”.

مشكلة التعدد

وأرجع السبب الرئيسي لذلك إلى وجود تعدد واسع في السودان، ورغم أنه يفترض أن يكون مصدر ثراء وغنى، لكن لم يتم اتباع الاستراتيجية التي تمكن السودان من النهوض وصياغة هذا التعدد لمصلحة الوطن.

وقال: “تاريخيا لم توجد كتلة أو قوة سياسية أو تحالف سياسي قادر على أن يقود السودان للأمام خروجا من هذه الدائرة المغلقة، موضحا أن الأحزاب الكبيرة التاريخية في السودان كحزب الأمة كان لديه وجود في وسط وغرب السودان وفي بعض مناطق الشمال، والحزب الثاني التاريخي والكبير أيضا الحزب الاتحادي، ولديه وجود في الشمال والوسط والشرق، لكن لا نجد قوى سياسية لها وجود في مختلف مناطق السودان وقادرة على أن ترسم أو تضع برنامجا للتنمية واستكمال بناء الدولة الوطنية”.

وقال الدكتور هاني رسلان: “سنجد في كل الأحوال أن مراحل الديمقراطية كانت تشهد شراكات في الحكم، وكانت الحكومات دائما ائتلافية، ولا يوجد حزب ينال الأغلبية التي تمكنه من تشكيل حكومة منفردا، وكان الشركاء دائما يغرقون في خلافات تفصيلية على كل القضايا المطروحة، وهذا كان يؤدي إلى عدم حدوث أي إنجاز ومن ثم عودة الحكم العسكري عبر انقلاب عسكري جديد”.

قوى التفكك في السودان

وأضاف الدكتور هاني رسلان، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية: “الآن.. هذه الحالة من “التشظي” تهدد السودان نفسه، وتظهر أن قوى التفكك أقوى من قوى التمسك والوحدة، والفرقاء أو المختلفون كلهم منغمسون في تراشق سياسي وأحيانا مصحوبا بقضايا أو خلافات شخصية أو تنافس شخصي، ودائما عندما تصل مجموعة ما إلى توافق ما يأتي آخرون لكي يقذفوا ذلك بالحجارة وانتقاده والتقليل من شأنه ووصفه بالفشل، وتظل الدائرة تدور بهذا الشكل”.

الخروج من المأزق السوداني

وقال الدكتور هاني رسلان:”هؤلاء الفرقاء إذا لم ينتبهوا لما يفعلوه على المستوى الجمعي والوطني، ستكون هناك مشكلة كببيرة”، متمنيا التوفيق في محاولات لم الشمل والخروج من هذا المأزق.

وعن دعوات تسليم المجلس السيادي السوداني الذي يترأسه الفريق أول عبد الفتاح البرهان إلى المدنيين، ومن جهة أخرى مطالبة المؤيدين للجيش بحل حكومة عبد الله حمدوك، قال الدكتور هاني رسلان:”هذا جوهر الأزمة، لأنه في نهاية المطاف لا هذه أو تلك ستنتج استقرارا”.

وقال: كل ما سيتم الوصول إليه ستجد من يعارضه ويقاومه بالقوة، ومن يحشد ضده ومن يطالب بعصيان مدني أو بقطع الطرق، والواقع السوداني صعب جدا يعاني من ضائقة اقتصادية تزداد يوما بعد يوم”.

ونصح الدكتور هاني رسلان، رئيس وحدة دراسات السودان وحوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، قائلا: “لا بد أن تنتبه القوى الأكبر حجما ووزنا مجتمعيا وسياسيا وتضع صيغة تحالف يقود السودان نحو الأمام وليس الانغماس في هذه الدائرة المفرغة التي ثبت أنها منتجة للأزمات”.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى