الموقعتحقيقات وتقارير

«التصوف».. ثورة روحية أم طريق لـ الضلال؟.. القصة ومافيها

كتب – سيف رجب

الصوفية مصطلح انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي خلال الفترة الماضية بعدما ناقشته دراما رمضان 2022، وهي سلوك تعبدي لطائفة من المسلمين، اتخذوا هذا النهج في عبادتهم وسلوكهم وعلاقتهم بالله، وتتعدد تعريفاتها عند علماء التصوف، وتدور حول الالتزام بالكتب والسنة وتزكية النفس ومكارم الأخلاق التي جاء بها الإسلام، والبعد عن محبة الحياة الدنيا وتعلق القلب بالأخرة، وبمحبة الله -تعالى- ونبيه محمد عليه الصلاة والسلام.

يقول الإمام الجُنيد الملقّب بسيد الطائفة: “التصوف استعمال كل خلق سني، وترك كل خلق دنِي”، وعلى نحو أشمل قال الإمام ابن عجيبة ” التصوف هو تصفية البواطن من الرذائل، وتحليتها بأنواع الفضائل، فهو علم يُعرف به كيفية السلوك إلى حضرة ملك الملوك، فأوله علم، ووسطه عمل، وآخره موهبة”.

وقال الشيخ زروق الفاسي، إن تعريفات التصوّف قد بلغت نحو ألفي تعريف، مردّها كلها صدق التوجه إلى الله تعالى، فيظهر أن عماد التصوف هو تصفية القلب مما بداخله من العلائق الدنيوية، وإقامة صلة بين الإنسان وخالقه سبحانة.

نرشح لك : بعد نجاح «الشيخ عرفات».. كيف بدأت «الدروشة» والتصوف في مصر؟

وتتعدد أسباب تسمية الصوفية بهذا الاسم، فمن حيث تعريفها لغويا، لها جذر اشتقاقات كثيرة منها كلمة الصوف وهو الغطاء الذي يكسو ظهور الأنعام، وأخرى قد تكون مشتقة من الصوف الذي كان لباس أكثر الصوفية إن لم يكن كلهم.

وعن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال “عليكم بلِباسِ الصُّوفِ، تَجِدوا حلاوةَ الإيمانِ في قلوبِكم”، ورأي أحد أئمة الصوفية أن المصطلح غير مشتق من شئ، وانما هي كلمة قد اصطلح الصوفية على تسمية أنفسهم بها، وهي لا تنتمي لأي اشتقاق أو غيره، ويري ابن خلدون أن الكلمة مشتقة من العربية على الأظهر، والله أعلم بالصواب.

لم يحدد على وجه الخصوص من متى بدأ التصوف في الإسلام، ويقال إن أول ظهور للتصوف كان في الكوفة بسبب قربها من بلاد فارس، والتأثر بالفلسفة اليونانية بعد عصر الترجمة، ويقول ابن تيمية “أن أول من عرف بالصوفي هو أبو هاشم الكوفي سنة 150هـ”، وقد بلغ التصوف ذروته في نهاية القرن الثالث، وواصلت الصوفية انتشارها في بلاد فارس ثم العراق ومصر والمغرب، وظهرت من خلالها الطرق الصوفية.

ويوجد عده اختلافات بين عقيدة الصوفية وعقيدة الكتاب والسنة، ومن بينها مصدر المعرفة الدينية، ففي الإسلام لا تثبت عقيدة إلا بالقرآن والسنة، لكن في التصوف تثبت العقيدة بالوحي والإلهام المزعوم للأولياء والاتصال بالجن الذين يسمونه بالروحانيات.

وأما القرآن والسنة فإن للصوفية فيهما تفسيرا باطنيا حيث يسمونه أحيانا تفسير الإشارة ومعانى الحروف فيزعمون أن لكل حرف فى القرآن معنى لا يطلع عليه إلا الصوفي المتبحر، المكشوف عن قلبه.

وتتعدد آراء أهل السنة والجماعة في موقفهم من الصوفية، فتري الجماعات السلفية أنهم فئة من الفئات الضالة عن الإسلام الصحيح، إذ يعتقدون أن التصوف وليد التشيع، وبداية أمر حركة التصوف الفرس؛ الذين يمثلون عصب التشيع، وكبار المتصوفة والمنظرين له فرس.

ولم يرفض الازهر الشريف الصوفية، ولم يقف دور الأزهر في الصوفية، عند حد التأييد والحب، والانتماء فقط، وإنما امتد إلى نشر الصوفية الصحيحة، عبر عده مدارس أنشئت لتعليم أصول الصوفية، ومنها التي أنشئت في عام 736 هجريا، وأخرها بناها الظاهر بيبرس، وسبقتهما المدرسة التي أسسها صلاح الدين الأيوبي.

وتتعدد طرق العبادة التي يلتزمها الصوفيين، والتي ترجع الي إمام قد أوجدها وسار عليها هو وتلاميذه واستمرت من بعده، ومن هذه الطرق الطريقة الرفاعية وتعود هذه الطريقة الى الإمام أحمد الرفاعي، وقد كان الرفاعي من المتبعين للكتاب والسنة وكانت دعوته تمتاز بالتواضع والدعوة إلى العمل والتواضع والتوكل على الله تعالى، واوضح الرفاعي نهج الطريقة الرفاعية التي يجب أن يسلكها المريدون، وهي اتباع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وموافقة السلف على حالهم، لباس ثوب التعرية من الدنيا والنفس، تحمل البلاء، لباس الوقار، اجتناب الجفاء.

والطريقة القادرية أو الجيلانية وتعود هذه الطريقة إلى الإمام عبد القادر الجيلاني، وكان الجيلاني معاصرًا للرفاعي الكبير فكانت طريقته الجيلانية والطريقة الرفاعية قد ظهرتا في نفس القرن والزمان. وتبني الطريقة الجيلانية على التمسك بالكتاب والسنة وموافقة السلف في النهج والاعتقاد، ويوجد شروط للانتساب إلي الطريقه الجيلانية وهي أن يمر الذي يريد بمرحلتين، الأولي وهي قصيرة لا تتجاوز مدتها أكثر من نصف ساعة، الثانية وهي مرحلة طويلة تمتد حتى بلوغ المريد رتبة المشيخة.

وتعود الطريقة الشاذلية إلى مؤسسها الإمام أبي الحسن الشاذلي، وقد ولد في المغرب، وتلقى تعليمه في تونس، فتعلم الفقه والشريعة وتفقه على مذهب الإمام مالك، وسافر أخيرًا إلى مصر وقضى فيها أربع عشرة سنة، أسس فيها طريقته ومات فيها وهو في طريقه إلى الحج، ويوجد شروط للانتساب الي المدرسة الشاذلية، وهي أخذ المصافحة وفيها يكون التلقين من الشيخ مع الذكر ولبس الخرقة، وأخذ رواية وهي قراءة الكتب من غير حل لمعانيها، والغالب أن الأخذ هنا للتبرك لا أكثر، وأخذ الدراية وهي قراءة كتبهم وحل معانيها من غير عمل بها، وأخذ التدريب والتهذيب والترق في الخدمة بالمجاهدة للوصول إلى رتبة المشاهدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى