أراء ومقالاتالموقع

إيريني سعيد تكتب لـ«الموقع»: الفلسفة الدعائية بالتزامن مع العملية الانتخابية

انتهينا من تشكيل مجلس الشيوخ و بداية انعقاد جلساته، لتنطلق الاستعدادات من أجل إتمام مجلس النواب، ففى الوقت الذى بدأ الصمت الانتخابى لمرشحى المرحلة الأولى، بدأت أيضا فعاليات الدعاية الانتخابية لمرشحى المرحة الثانية، و جميعها تحركات جادة تتلاحق سريعا، رغبة في صياغة الاستحقاق التشريعي فى صورته الكاملة و النهائية “البرلمان بغرفتيه”.

و إذا كانت العملية الانتخابية تتفاعل و تنجذب بفعل مجموعة من المؤثرات، فإن الدعاية تأتى فى مقدمة هذه المؤثرات ، و ربما تختلف صور الدعاية من عصر لآخر ، و من دولة لأخرى ، فقد تغيرت أساليب و مناهج الدعاية بمرور الوقت ، و لم تعد على الصورة التقليدية ، و التى طالما عرفناها من خلالها ، و كانت منحصرة فى مجرد خطبة أو كلمة يلقيها المرشح على جمع من الحضور ، فمع تطور الحراك المجتمعى و السياسي و بالتوازى معهما التقدم الهائل و الذى شهدته التكنولوجيا مؤخرا.

استخدمت الشبكة العنكوبتية و وُظفت مواقعها المختلفة فى التواصل ، بل و سُخرت من أجل الدعاية و تعريف الناخبين بالمرشحين ، بل و إدارة العملية الانتخابية منذ بدايتها و حتى إعلان النتائج ، و لا شك فى أن عملية الدعاية ، هى حلقة الوصل بين الناخب و المرشح ، و من خلالها يتم الترويج لرؤية المرشح و ما يستهدفه من وعود انتخابية جراء ترشحه ، و الأهم برنامجه الانتخابى و الذى يشتمل على كل هذه المحاور ، و جميعها تسعى من أجل حث الناخب و إقناعه بالمرشح و من ثم التصويت له .

و عليه نجزم بأن فلسفة الدعاية تكمن فى كونها نوعا من أنواع الإتصال السياسي بين المرشح و الناخب ، بموجبه يتاح للناخب المشاركة بل و الممارسة السياسية ، في حين يتطلب من المرشح الدقة و المعرفة العالية بخلفيات الناخب و قناعاته ، و من ثم البدء فى التخطيط لمخاطبته، و هو ما يستدعى وجود مستشاريين معنيين بالقيام بهذه النوعية من الأدوار، بل و يتطلب أيضا حنكة سياسية فى صياغة البرامج الانتخابية، التى لا بد و أن تحوى القضايا و التحديات المجتمعية، مع وضع الحلول و آليات التناول و المعالجة.

بالإضافة إلى كيفية الحديث عن الوعود، و الأهم مراعاة الخيط الرفيع بين ملاحقة الناخب و الوصول إليه من أجل التأثير فيه سلوكيا و معرفيا حيثما وجد، و بين الظهور الرصين على الساحة الانتخابية و الذى يستدعى مخاطبة العقل و القناعات، و لعل الإتصال السياسي كعلم لم يكن يدرس على نحو متسع، من قبل دارسى العلوم السياسية، إلا بعد أن شهدنا الطفرة التكنولوجية القوية، و ما أضفته من الاهتمام بالعديد من العلوم المستحدثة .

و ثمة عدة ضوابط تحكم العملية الدعائية و بالتزامن مع العملية الانتخابية ،أهمها على الأرجح، هو الحق فى الدعاية، أى أن من حق كل مرشح الترويج لبرنامجه و خطط الانتخابية، حيث جاء فى قرار الهيئة الوطنية للانتخابات و الخاص بضوابط الدعاية الانتخابية” لكل مترشح الحق فى إعداد و ممارسة الدعاية الانتخابية و مخاطبة الناخبين ” ، و من ضمن الضوابط، هى مدة الدعاية و الصمت الأنتخابى، أيضا تحديد حجم الإنفاق على الدعاية، من الضوابط التى تقتضى فى تنفيذها إطارا من الرقابة القانونية، و ذلك منعا للفجوة الإنفاقية بين المرشحين، و التى قد تمكن أصحاب النفوذ و المال السياسي من تصدر المشهد الانتخابى .

فجاء فى قرار الوطنية للانتخابات: «يكون الحد الأقصى للإنفاق في الجولة الأولى للمرشحين (نظام الفردي) 500 ألف جنيه، وفي حالة الإعادة يكون حجم الإنفاق مائتي ألف جنيه، ويكون الحد الأقصى للمرشحين بـ(نظام القائمة) المخصص لها 42 مقعداً 7 ملايين جنيه، وفي مرحلة الإعادة يكون الحد الأقصى مليونين و800 ألف جنيه.. ويكون سقف الدعاية الانتخابية بـ(نظام القائمة) المخصص لها 100 مقعد، 10 ملايين و600 ألف جنيه، وفي مرحلة الإعادة يكون الحد الأقصى 6 ملايين و600 ألف جنيه».

و بالرغم من أن الفيروس المستجد ” كورونا” ، ألقى بظلاله على الأساليب التقليدية للدعاية، حتى كادت المؤتمرات و التجمعات الجماهيرية أن تختفى، و من ثم استبدالها بالخطب والجولات الإلكترونية، غير أن اختلاف الآليات و الأساليب، لم يغير في فلسفة و منهجية الدعاية، التى ظلت ثابتة حينما تمثلت في كيفية الإتصال بالناخب و الوصول لقناعاته، بغض النظر عن الوسيلة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى