أراء ومقالاتالموقع

إيريني سعيد تكتب لـ«الموقع».. تحولات سياسية في المشهد العربي

تحولات حقيقية يشهدها الوضع العربى، تجلت فى التقارب الواضح، لاسيما عقب اللقاءات المكثفة والتى قادتها مصر مؤخرا، وأثمرت عن مواقف مشتركة ووجهات نظر متقاربة حيال العديد من القضايا الإقليمية والدولية، والأهم تخطى واضح لعقبات وتحديات طالما مثلت العائق المباشر فى تشكيل وحدة عربية ملموسة.

اللقاءات جاءت مكثفة ومتتالية، أبرزها ما بين مصر_العراق والأردن، ايضا مصر والسعودية، مصر والإمارات، وجميعها تحركت فى إتجاه تعزيز العلاقات، وبحث أطر التعاون المشترك على كافة الأصعدة ولا سيما السياسية والاقتصادية، والملفت أيضا اللقاء والذى جمع مصر وقطر، بعد سنوات من الخلاف، ليخرج لنا لقاء اتسم بالود والإتفاق التام تجاه كافة القضايا والأزمات، ولعل القناعة المصرية لا زالت تملك التوجه الدائم ناحية العرب ووحدتهم، وبغض النظر عن انحيازاتهم أو حتى توجهاتهم..

فالتحديات والأهداف أيضا المصالح مشتركة، وإن عدنا إلى الأصل والتاريخ، أضف أيضا القيم والتقاليد، جميعها متفق عليها.

الإدراك العربي بضرورة التقارب، أصبح واضحا فى هذه المرحلة أكثر من أى وقت مضى، وبغض النظر عما أثير من أزمات مرحلية اقتضت الوحدة، أو لقاءات قادمة مع الغرب وقادته، تستدعى الاتفاق على الأولويات وترتيب الأمور، أو حتى احتمالية إنشاء حلف عسكرى على غرار الناتو، فالأنظمة العربية ترتئى بالفعل أنه لا محالة من الاتحاد فى ظل المتغيرات الجارية.

ومنذ العشرينيات وأجمع العرب على ضرورة الوحدة بين أقطارهم، حتى أن بعض القوميين اقترحوا صيغا بعينها، من أجل تجسيد هذه الوحدة والإلمام بمقتضياتها، أبرزها الصيغة التعاهدية، وجسدتها الجامعة العربية ولم تفلح بعد فى توحيد العرب، ولا زالت تتلقى الانتقادات، أيضا الصيغة الاتحادية أو اللامركزية واعتبرت نموذجا يشبه الاتحادات الغربية الفيدرالية، ولم يقبل بها العرب أيضا، وجاءت الصيغة الأخيرة وهى الصيغة الاندماجية ومثال عليها الاتحاد الأوروبى.

وإن كان الاتحاد الأوروبى نفسه اقترب من انفراط العقد، وهو الكيان الذى طالما تم اعتباره، النموذج الحى للوحدة والاتحاد بين أكبر بلدان العالم الاقتصادية، وضُرب بها أروع الأمثلة فى كيفية التخلى عن الهوية الوطنية، والالتصاق بل الذوبان فى الهوية القومية، ومن ثم خرج اتحاد كونفدرالى قوى، تمكن لعقود من معالجة أقسى المعضلات، والتحرك بأعضائه متجاوزا الأزمات، حتى هذا الاتحاد نفسه تراخت وحدته، ورغم النجاج لعقود، إلا أن الوحدة المطلقة بين أعضائه لم تستمر على النحو المطلوب، وربما تعارضت ومصالح معظمها، ولعل حالة الخروج البريطانى_ البريكست_ قبل نحو أكثر من 4 أعوام، اعتبرت الدليل القاطع، على أن الوحدة المطلقة ليست الحل دائما!!

ولا يجب الجهل بأن الوحدة المبتغاة بين العرب، فى حد ذاتها تعد إطارا من أطر العلاقات فيما بين الدول، يحكمها بالنهاية الأهداف والمصالح، والتى قد تتعارض مع هذه الوحدة بشكل أو بآخر، بالتالى الأحاديث حول وحدة تامة وبأطر كاملة، لم يعد مجديا، نظرا لجملة من الاختلافات بين الدول وبعضها، أبرزها طبيعة النظم الحاكمة لهذه الدول إلى جانب سياساتها الداخلية أضف أيضا آلياتها الدبلوماسية والمتنوعة بتنوع أهدافها، والأهم إمكاناتها هذه الدول وقدراتها، والدليل فشل العديد من الاندماجات بين الأقطار العربية_ وإن نجحت بعضها_ “مصر وسوريا”، ” مصر وسوريا والعراق”، بالتالى الأفضل هو التقارب بما يخدم المصالح ويحقق الأهداف، وبما لا يتجاوز أو يتغاضى عن أى منها.

فى المقابل فإن التقارب فيما بين الأقطار العربية لا بد وأن يراعى .. أولا: أهداف ومصالح الدول، ثانيا: عدم التدخل فى شؤون الدول وسياساتها الداخلية، ثالثا: مراعاة الأمن القومى لهذه الدول، رابعا: المساندة فيما بينها وعلى كافة المستويات سياسيا.. عسكريا.. اقتصاديا وثقافيا، والأهم مراعاة ألا تتعارض هذه الوحدة مع اتجاهات الأوضاع الدولية والإقليمية.

اقرأ ايضا للكاتب :

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى