أراء ومقالاتالموقع

إيرينى سعيد تكتب لـ«الموقع» المجالس التشريعية كاحتياج ديمقراطى مُلح

وافق مجلس الشيوخ المصرى على مشروع قانون لائحته الداخلية ، على أن يتم إرساله اليوم إلى رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي للتصديق عليه، و من المقرر أيضا أن تجرى انتخابات الإعادة للمرحلة الثانية و الأخيرة من انتخابات مجلس النواب، و ذلك خلال الأسبوع الأول من ديسمبر الجارى ، و من ثم يكتمل المشهد التشريعى المصرى ، لتنطلق مصر وفق نظام سياسي مكتمل الأركان بسلطاته التنفيذية و التشريعة و القضائية، نحو ممارسة ديمقراطية حقيقية .

تتطلب النظم الديمقراطية بمختلف دول العالم ، وجود المجالس التشريعية أو البرلمانات، سواء بغرفة واحدة مجلس النواب ، أو بغرفتين مجلسى النواب و الشيوخ، كما نعاصر حاليا، على عكس الأنظمة الشمولية و التى ينعدم فيها دور المجالس التشريعية، و إن كان البعض يردد أن التجربة النيابية بدأت فى الغرب و تحديدا بريطانيا فى القرن الثانى عشر، إلا أن أثينا وحدها هى من عاصرت أول محاكاة ديمقراطية حقيقية، و فيها تجسد حكم الشعب لنفسه، لتتطور التجربة فيما بعد باختيار من ينوب عن هذا الشعب، و تظهر المجالس النيابية فى تشكيلها البدائى .

بيد أن هذه المجالس التشريعية تعد ركيزة أساسية و جوهر العملية السياسية لأى نظام سياسى، و ربما شكل العلاقة بينها كسلطة تشريعية و بين السلطة التنفيذية ، هو المحدد لنوع هذا النظام سواء كان برلمانيا ، و هنا يقتضى التوازن بين السلطتين التنفيذية و التشريعية، من خلال الدمج بينهما مثلما يحدث فى النظم الملكية، و فيها يحق للبرلمان سحب الثقة من الحكومة، كما أن للسلطة التنفيذية الحق فى تنفيذ القوانين و تطبيقها، و لها الحق أيضا فى حل البرلمان و إجراء انتخابات مبكرة ، أو كان نظاما رئاسيا ، و هو ما يتطلب الفصل بين السلطتين التنفيذية و التشريعية طبقا لمبدأ مونتسكيو، حيث يختص المجلس بالتشريع ، كما يختص رئيس الجمهورية و المنتخب من قبل المجلس باختيار وزراؤه، و من ثم يمارسون مهامهم، و لا يحق للرئيس حل البرلمان، كما لا يحق للبرلمان سحب الثقة من الرئيس أو حكومته .

و تكمن المهمة الأساسية للبرلمان أو المجالس التشريعية، كاحتياج ديمقراطى مطلوب و ملح، كونها تمثل حلقة الوصل بين الأفراد من جانب و بين صناع القرار و الأجهزة التنفيذية من جانب آخر، كما أنها المؤطرة لكافة القوانين و المنظمة لمعظم السياسات الاقتصادية، السياسية و الاجتماعية و غيرها ، و بجانب الدور التشريعى، يأتى الدور الرقابى على الأجهزة الحكومية و مدى التزامها ببرنامجها و الحائز على ثقة المجلس، و الأهم ماذا عن الموازنة و أوجه إنفاقها، أيضا للمجالس لتشريعية الحق فى التصديق على المعاهدات و الإتفاقيات الدولية، كما أنه منوط بها حفظ حالة التوازن بينها كسلطة تشريعية و بين السلطة التنفيذية، مع استقلال السلطة القضائية، و ذلك باختلاف نظام الحكم السائد .

و ثمة معايير عدة تبرز، كمؤشرات قوية على مدى فعالية هذه المجالس التشريعية أو حتى تراجع دورها، أهمها الاستقرار المجتمعى و المصاحب لرضا المواطن، مع درجة جودة الحياة و مقدار الارتفاع النسبى فى مستويات المعيشة، كما تدلل أيضا هذه المعايير على مدى اتساق قوانين تلك المجالس مع أهداف التنمية المستدامة، و أهمها القضاء علي الفقر و الجوع ، تحسين جودة التعليم و تحقيق المساواة، حسبما تم اعتمادها من قبل الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى