أراء ومقالاتالموقع

إيرينى سعيد تكتب لـ«الموقع»: الرياض_طهران .. ملاحظات حول عودة العلاقات

نجحت الصين فى عودة العلاقات بين الرياض وطهران على المستويين السياسي والدبلوماسي، عقب قطيعة استمرت 7 سنوات، عاصرت خلالها المنطقة عددا من المشاهد والتغيرات الإقليمية برزت واضحة فى الصراعات الأخيرة، وعلى عكس الشائع فإن ثمة من الخلافات بين البلدين ما تخطى بكثير الخلاف العقيدى والفروق بين المذهبين إن كان السنى أو الشيعى، ولعل أزمة اليمن جسدت تصورا واضحا أو على الأقل انعكاسا حقيقيا لطبيعة الصراع بين الخليجيتين، أضف أيضا تعارض وجهات النظر تجاه ملفات إقليمية بعينها أبرزها الأزمتين السورية واللبنانية.

تبنى الصين للمبادرة تماشى وإستراتيجيتها الاقتصادية مع المنطقة والخليج تحديدا، وليس كما يشاع كونه تحركا سياسيا بحتا لتثبيت أقدامها بالمنطقة وكبديل عن الولايات المتحدة، وإن اعتبر التوجه الأخير عاملا مساعدا، لكن ما زالت بكين منكفئة بكامل إمكاناتها على الاقتصاد وتوسعاته، حتى البعد العسكرى لم تحرص عليه بكين، بالرغم من حجم الصفقات التسليحية والتى عقدت بالمنطقة، سيما مابين الرياض وواشطن، فما يزال البعد الاقتصادى وكيفية تنميته فى أولويات إستراتيجية المارد الآسيوى.

ولا شك فى أن معظم المتغيرات، والتى تحيط بأطراف المبادرة الثلاثة ساهمت فى إتمامها، ومع سياسة الصين وتوسعاتها الاقتصادية، يطل الانفتاح السعودى والاتجاه الحقيقي نحو التنمية وبعيدا عن الصراعات، لينتوى الجانب الإيرانى أيضا القبول بالمفاوضات وعودة العلاقات، خصوصا مع تزايد العقوبات المفروضة عليه من جانب الغرب، وارتفاع حدة الانتقادات من قبل المؤسسات الأممية على خلفية انتهاكاتها المتكررة لحقوق الإنسان وقمع المتظاهرين.

غير أن بروز البعد الجيوسياسي وانعكاساته بدا ملحا فيما تعلق بملف السعودية_إيران، سيما أن الدولتين تملكان النفوذ الجغرافى، وتسعيان من أجل توظيفه سواء عبر العلاقات الدبلوماسية أو حتى الأذرع المنتشرة لدى الجوار، ومن ثم جاءت هذه الطفرة الدبلوماسية بديهية وما ترتب عليها من استئناف العلاقات، الصين أيضا وعبر إستراتيجية الحزام والطريق والتى تستهدف من خلالها السعودية وإيران مع أكثر من 150 دولة فى تحرك من شأنه الربط بين هذه الدول فى تكامل اقتصادى وتنموى واسع .

ويأتى التوافق فيما بين الصين والخليج وتحديدا السعودية، واضحا خصوصا فى تبنى المواقف السياسية المشتركة، واحترام سيادة الدول وعدم التدخل فى الشئون الداخلية، ويحرص الخليج منذ عقود على عدم التطرق إلى ملف تايوان وإشكاليتها مع الصين، بالمقابل أيضا فإن سياسة الصين الخارجية ملتزمة بالسلام وتجنب الصراعات، إلى جانب البعد السياسي أضف أيضا البعد الاقتصادى بين بكين والرياض، حيث تعد الصين فى مقدمة الدول المستقبلة للنفط السعودى، ويقترب حجم التبادل التجارى بينهما من ال100 مليار دولار، ومن ثم فإن التقارب الواضح بين الجانبين ساهم بشكل قوى فى تمكين الصين من إدارة الملف السعودى_الإيرانى.

ترى بكين فى طهران لاعبا رئيسيا فى عدد من الملفات الإقليمية، ولا بد من احتوائها كما تتعاون معها فى عدد يذكر من المجالات الاقتصادية أبرزها قطاعات الطاقة والبنوك طبعا مع استثمارات البنى التحتية، كما عقدت معها صفقة تجاوزت 400 مليار دولار والتى أُبرمت منذ عام، والأهم عارضت بكين فى أكثر من تصريح لها العقوبات الأمريكية المفروضة على طهران، واعتبرتها انتهاكا واضحا للمواثيق الدولية، والحقيقة فإن تصريحات طهران بصدد المبادرة جاءت شافية، سيما فيما تعلق بالشعب الإيرانى، حيث عقبت الخارجية مشيدة بعودة العلاقات بين الرياض وطهران، كونها تأتى فى إطار تأمين مصالح الشعب الإيرانى تحديدا، وهو ما أعاد للأذهان الداخل الإيرانى المشتت أضف أيضا إشكالية الإتفاق النووى وفشل المفاوضات مع واشنطن، ومن ثم استمرارية العقوبات وإن تمكنت من التمرس معها.

اقرأ ايضا للكاتب:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى