أراء ومقالات

إبراهيم التحيوي يكتب لـ”الموقع” .. في ذكرى أكتوبر وحديثي من منزل المشير الجمسي

في ذكري نصر أكتوبر المجيد لا أنسي لقائي ببعض رجالات أكتوبر اللذين سطروا بأحرف من نور تاريخاً ومجدا تفخر به كل الأجيال القادمة.

والتقيت بالعديد من جنرالات القوات المسلحة المصرية البواسل ومدير مكتب الرئيس الراحل أنور السادات اللواء طه زكي والذي حكي لي ذكرياته مع الرئيس السادات وهذا سيكون في مقالات لاحقة .لكن دعوني أذهب بحضراتكم إلي منزل المشير محمد عبد الغني الجمسي رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية أثناء حرب أكتوبر .

فلقد شرفت بتسجيل حلقة خاصة منذ عدة سنوات في منزله وفي قريته التي ولد وتربي فيها “البتانون” منوفية،بدعوة من محافظة المنوفية .وبعد أن سجلت حديثاً مع المستشار أشرف هلال محافظ المنوفية في ذلك الوقت ،التقيت بأبناء المشير وشقيقه اللذين قاموا بالحديث عن ذكرياتهم معه ،لكني سألت شقيق المشير الجمسي عن لحظة أسعدت ولحظة أخري أغضبت المشير الجمسي، قال شقيقه بأن أسعد لحظة في حياة المشير كانت عند قرار العبور، وعن اللحظة التي أغضبته،قال عندما اختار الرئيس السادات حسني مبارك لكي يكون نائبا له،وهذه شهادة أكتبها للتاريخ،ولا عجب في ذلك فقد كان كقائد للمعركة يتوقع أن يختاره السادات نائباً له أو أن يكون رئيسا للوزراء مثلاً،لكن كان للرئيس السادات بعد آخر ونظرة أخري في اختيار مبارك . واستكمل شقيقه، بعد هزيمة 1967، استدعى الرئيس عبد الناصر، المشير الجمسى وعندما قابله انهمر الاثنان يبكيان بسبب هزيمة الجيش المصري، لكن لم يتمالك الجمسي نفسه، فصاح في وجه ناصر ليُحمله وعبد الحكيم عامر المسئولية الكاملة عن ما حدث، فخيم الصمت على المكان حتى قاطعه الجنرال عبد المنعم رياض ليبلغ الجمسي في لهجة عسكرية صارمة أنه اختير مع فريق ليكونوا المشرفين على إعادة تدريب القوات المسلحة للاستعداد لجولة ثانية من المعركة لتزيل آثار نكسة يونيو، وما كان من الجمسي بعد أن جفَفَ دموعه، إلا أنه استدار للفريق عبد المنعم رياض ليقدم التحية العسكرية في إشارة واضحة على التزامه بالتكليفات.وتسببت ثغرة الدفرسوار في خلاف بين الرئيس السادات والفريق سعد الدين الشاذلى، رئيس الأركان آنذاك، الذى تمت إقالته على أثرها ليتولى «الجمسى» رئاسة الأركان، فأعد على الفور خطة لمحاصرة وتدمير الثغرة وسماها «شـامل» إلّا أنها لم تنفذ نتيجة صدور قرار وقف إطلاق النار وهذا شيء آخر أغضب المشير الجمسي علي حد قول شقيقه.

الا أنني أري أن رأي الرئيس السادات كان صوابا وخصوصاً عندما رأي أننا نحارب الولايات المتحدة الأمريكية وليس إسرائيل فقط.وقال وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر الذي كان يرعى المفاوضات بنفسه عن هذه الواقعة نظرت للجنرال الجمسي وعينه تدمع وتعجبت وسألت نفسي: “أهذا الذي يدمع هو الذي أكد لي جميع جنرالات إسرائيل أنهم يخشونه أكثر مما يخشون غيره من الجنرالات العربٕ؟!.. أهذا الذي تسميه رئيس وزراء إسرائيل جولدة مائير النحيف المخيف؟!”.

وعندما أبلغه كيسنجر بموافقة الرئيس السادات على ما يرفضه فصاح رافضا وأسرع واتصل بالسادات الذي أكد له موافقته وطالبه باستكمال المفاوضات، فعاد إلى الخيمة وعينه تدمع للمرة الثانية في حياته على انتصار وأرواح جنود تضيع على موائد مفاوضات السياسيين.

لقد كانت حياة المشير الجمسي مليئة بالكثير والكثير من التضحيات والانجازات حتى رحل قائد عمليات حرب أكتوبر أو النحيف المخيف كما لقبته رئيس وزراء إسرائيل جولدة مائير بعد معاناة مع المرض فى يونيو عام 2003 عن عمر يناهز 82 عاما.رحم الله الفقيد الراحل وكل رجالات وشهداء القوات المسلحة المصرية البواسل الذين اتخذوا من أنفسهم مصابيح وشموع تحترق كي تضئ لأبنائنا الطريق.حمي الله مصر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى