أراء ومقالاتالموقع

أشرف مفيد يكتب لـ«الموقع» عن «خماسين» ياسر رزق .. «الروعة» تكمن فى التفاصيل

عشت سنوات طويلة وأنا على قناعة تامة بمقولة – لا أعرف أصلها – تقول إن “الشيطان” يكمن دائماً فى “التفاصيل” ، وظل هذا الاعتقاد مسيطراً على تفكيرى الى أن أهدانى اخى الغالى وصديقى العزيز ياسر رزق نسخة من كتابه “سنوات الخماسين” ، فما أن انتهيت من قراءته حتى وجدتنى أتحرر وأتخلص من هذا الإعتقاد تماماً ، بل أنه و بقدرته الفائقة على سرد الأحداث “المهمة” بتفاصيلها الدقيقة على هذا النحو من البساطة و السلاسة جعلنى على يقين تام من أن “الروعة” هى التى تكمن فى التفاصيل ، وحينما أذكر كلمة “روعة” فإننى أعنى روعة ياسر رزق فى ترتيب أفكاره واختياره “الموفق” لأدق الكلمات وأبسط التعبيرات وهو يصف لنا بموهبته الصحفية التى لا يختلف عليها اثنان أحداثاً ليست بعيدة عنا فقد عايشناها جميعاً عن قرب وعشنا بعضاً منها ، ليس هذا وحسب بل أننا مازلنا نعيش الكثير من تداعياتها .

روعة كتاب ياسر رزق أنه استطاع أن يجعلنا نشاهد “فلاش باك ” بلغة السينما لنرى جانباً من حياتنا التى عشناها منذ سنوات قليلة مضت وكأننا نقرأ ونشاهد أنفسنا بين سطور كلماته التى يشعرك وكأنها “كائن حى” من دم ولحم ، فمن منا لم تزل “تعشش” بداخله تلك الأيام السوداء التى اعقبت أحداث ٢٥ يناير ، ومن منا لم يتردد ألف مرة قبل النزول من بيته لشراء احتياجات اسرته فى أثناء أيام الانفلات الأمنى ، ومن منا أيضاً لم يقرر النزول دون تردد وبكامل إرادته الى الشوارع والميادين للمشاركة فى ثورتنا المجيدة ، ثورة ٣٠ يونية التى حافظت على “الوطن” وأزاحت عن صدورنا “هم” العيش فى ظل حكم جماعة إرهابية لا تعرف أصلاً معنى كلمة “وطن” فاستبدلتها بما يصب فى مصلحة الأهل والعشيرة.

تفاصيل كثيرة قدمها الصديق ياسر رزق فى كتابة “سنوات الخماسين” الذى أرى أنه صدر فى التوقيت المناسب ، وهى تفاصيل كما قلت إن دلت على شئ فإنما تدل على “الروعة” أيضاً فى تقديم شهادات كبار قادة قواتنا المسلحة عن فترة من أهم وأدق المراحل التى مرت بها مصر فى العصر الحديث والمعاصر ، ليس هذا وحسب بل أنه بتلك التفاصيل المهمة أزاح الستار عن جانب شديد الأهمية وهو كيف كان الرئيس عبد الفتاح السيسى يخطط منذ وقت مبكر لبناء “الجمهورية الجديدة” حتى ولو كان ذلك مجرد تصورات فى ذهنه ، وسابقة لأوانها إلا أنها فى حقيقة الأمر تضع أيدينا على مسألة فى منتهى الأهمية وهى أن قدرة السيد الرئيس على استشراف المستقبل بهذه “الدقة” هى التى جعلته يستطيع الآن وفى سنوات قليلة بناء الدولة من جديد بعد أن تسلمها وهى “شبه دولة” ، ليضع مصر فى المكانة التى تليق بها على المستويين الأقليمى والعالمى .

لن أكون مبالغاً حينما أقر وأعترف أن قراءة كتاب سنوات الخماسين مرة واحدة لا تكفى للإستمتاع بروعة وجمال ما به من معلومات فى غاية الأهمية والثراء ، فهذا الكم الهائل من المعلومات التى ذكرها الكاتب الكبير ياسر رزق تشبه الى حد كبير “ماء البحر” الذى كلما شربت منه إزددت عطشاً وتملكتك رغبة عارمة فى الاغتراف من هذا الماء أكثر وأكثر طمعاً فى الإرتواء .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى