الموقعتحقيقات وتقارير

أزمة السكر تشتعل.. تضارب بين التسعيرة الجبرية وأسعار السوبر ماركت

أصحاب الشركات: ضعف الكميات الموردة من مصانع الإنتاج السبب

خبراء: ارتفاع الأسعار عالميا السبب.. والجل فرض تسعيرة إجبارية

أيمن العش: ارتفاع أسعار السكر مرتبط بكبار التجار والاحتكار تسبب في قلة المعروض

كتب-محمود السوهاجي

يعاني المواطن المصري من أزمة نقص السكر في السوق المحلية، حيث تشهد أسعاره ارتفاعًا كبيرًا، الأمر الذي أدى إلى نقصه في بعض المتاجر.

وتؤكد شركات تعبئة وتغليف السكر أن ضعف الكميات التي يحصلون عليها من مصانع الإنتاج هو السبب الرئيسي في الأزمة، في حين تؤكد وزارة التموين أن الأزمة مفتعلة من قبل التجار.

ولمواجهة ارتفاع الأسعار، هددت وزارة التموين بفرض تسعيرة جبرية للسكر إذا لم يتراجع التجار عن الزيادة.

ووفقًا لبوابة الأسعار المحلية والعالمية التابعة لمجلس الوزراء، يبلغ متوسط سعر السكر بالتجزئة في مصر 44.2 جنيه، في حين تطالب وزارة التموين بضبط الأسعار بحيث لا يتعدى سعر كيلو السكر 30 جنيه.

وفي بعض المحافظات، وصل سعر كيلو السكر إلى مستويات غير مسبوقة، حيث بلغ في محافظة الأقصر 75 جنيهًا، وفي محافظة سوهاج تراوح بين 60 و65 جنيهًا، وفي محافظة القاهرة تعدى سعره 55 جنيهًا.

الأزمة تثير تساؤلات كثيرة:

تثير أزمة السكر في مصر تساؤلات حول أسبابها وكيفية حلها، حيث يُعد السكر سلعة أساسية في النظام الغذائي المصري، وارتفاع أسعاره يؤثر بشكل كبير على قدرة المواطنين على شرائه.

نرشح لك : الكيلو بـ35 جنيها في السوق.. خبراء يتوقعون ارتفاع الأرز خلال الفترة المقبلة

ووفق الخبراء يمكن حصر أسباب الأزمة في عدة نقاط، منها: “ارتفاع أسعار السكر في الأسواق العالمية، حيث بلغ سعر طن السكر الأبيض في بورصة لندن اليوم 537 دولارًا، بزيادة 30% عن العام الماضي، وضعف الإنتاج المحلي من السكر، حيث تنتج مصر حوالي 2.5 مليون طن سنويًا، بينما يبلغ الاستهلاك المحلي 3.5 مليون طن، بالإضافة تصدير السكر المصري إلى الخارج، حيث تصدر مصر حوالي 600 ألف طن سنويًا.

حلول للأزمة:

وفيما يتعلق بحل الأزمة، فقد اقترح الخبراء عدة حلول، منها: “فرض تسعيرة جبرية للسكر، وهو الحل الذي تعتزم وزارة التموين تطبيقه إذا لم يتراجع التجار عن زيادة الأسعار.

زيادة الإنتاج المحلي من السكر، وذلك من خلال زراعة المزيد من قصب السكر، وتقليل صادرات السكر، وذلك بهدف توفير المزيد من السكر للسوق المحلي”.

ويرى بعض الخبراء أن حل الأزمة يتطلب معالجة الأسباب الجذرية لها، وذلك من خلال زيادة الإنتاج المحلي من السكر وتقليل الاعتماد على الواردات.

توقعات الأمم المتحدة:

توقعت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) انخفاضا بنسبة 2 بالمئة في إنتاج السكر العالمي في موسم 2023-2024، مقارنة بمستويات العام 2022. ويرجع ذلك إلى عدة عوامل، منها التغير المناخي الذي يتسبب في أحداث مناخية عنيفة مثل الجفاف والفيضانات، مما يؤثر على زراعة قصب السكر والبنجر، وهما المادتان الخام اللتان تستخدمان في إنتاج السكر.

وفي تايلاند، ثاني أكبر مصدر للسكر في العالم، من المتوقع أن ينخفض الإنتاج بنسبة 15 بالمئة في شهر أكتوبر الماضي. أما في الهند، أكبر منتج ومستهلك للسكر في العالم، فقد شهدت موجة جفاف شديدة في أغسطس الماضي أدت إلى توقف إنتاج المحاصيل، مما اضطرها إلى تقييد صادراتها من السكر لتحقيق الاكتفاء الذاتي.

ونتيجة لهذه العوامل، ارتفعت أسعار السكر العالمية في الآونة الأخيرة. وفي مصر، على سبيل المثال، ارتفع سعر السكر الأبيض للبيع للمستهلكين بنسبة 25 بالمئة في نوفمبر الماضي.

التغير المناخي تهديد خطير للإنتاج الزراعي

يشكل التغير المناخي تهديدا خطيرا للإنتاج الزراعي، حيث يؤدي إلى انخفاض الإنتاج وارتفاع الأسعار. ويتوقع أن تزداد آثار التغير المناخي على الإنتاج الزراعي في المستقبل، مما يتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة للحد من هذه الآثار.

تأمين مخزون السكر:

ومن جانبه أكد حسن الفندي، رئيس شعبة السكر في غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، أن الجهات المعنية أمنت مخزون السكر حتى شهر أبريل 2024، مؤكدًا أن المخزون آمن والبضاعة متوفرة.

وأضاف الفندي أن ارتفاع السعر العالمي يمكن أن يكون قد أثر في الأسعار المحلية، مشددًا على أن هناك بوادر للحلول والبورصة السلعية ستقوم بدورها وتشرك الجهات المعنية، لأن المنتج متوفر والمخزون آمن، يبقى فقط أن تكون المبادرة من خلال جهة مختصة مثل البورصة تنظم التداول.

من جانبه، أكد أيمن العش، مدير معهد بحوث المحاصيل السكرية، أن ارتفاع أسعار السكر مرتبط بكبار التجار والاحتكار الذي أدى لقلة المعروض، والدليل على ذلك أن إنتاج مصر للسكر لم يتأثر هذا العام عن السابق.

وأضاف العش أن المشكلة تطال أكثر من سلعة وليس فقط السكر، ولذا فهي مشكلة مفتعلة، وستنتهي قريبا وخاصة مع مطلع العام (في شهر يناير 2024) عند حصاد محصول قصب السكر الجديد من قبل شركة السكر والصناعات التكاملية وهي شركة قطاع أعمال تابعة لوزارة التموين، حيث ستبدأ حينها الحكومة في عرض الإنتاج الجديد من السكر، ومن ثم تصبح هناك سلعة ظاهرة -بدلا من المخفية بفعل الاحتكار، وستكون مسعرة.

وفي سياق متصل، أكد نقيب الفلاحيين المصريين، حسين أبو صدام، أن ارتفاع أسعار السكر في مصر لا يستند إلى أي مبرر حقيقي، وإنما هو استغلال للأزمة الغذائية العالمية من قبل كبار التجار، الذين احتكروا سلعة السكر.

وأوضح أبو صدام أن إنتاج مصر من السكر يبلغ نحو 2.8 مليون طن، منها 1.8 مليون طن من بنجر السكر وحوالي مليون طن من قصب السكر. وبلغ سعر طن قصب السكر هذا العام 1100 جنيه، وهو ما يعني أن سعر كيلو السكر بلغ نحو 10 جنيهات.

وأضاف أبو صدام أن الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك تترواح من 400 إلى 800 ألف طن، وهو ما يعني أن مصر تمتلك اكتفاءً ذاتيًا من السكر، أو أنها تحتاج إلى استيراد كميات قليلة جدًا.

وطالب أبو صدام الحكومة ممثلة في وزارة التموين بتشديد الرقابة على الشركات التجارية التي تبيع السكر، مؤكداً أن معظم هذه الشركات تشتري السكر من مصانع السكر بأسعار حكومية، وبالتالي فإن ارتفاع الأسعار في السوق المحلي لا يستند إلى أي مبرر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى