أراء ومقالاتالموقع

أحمد فرغلي رضوان يكتب لـ«الموقع» توم هانكس يتحدى الفيس بريسلي

بعد فيلم bohemian rhapsody لم أتوقع أن أجد فيلما أخر عن سيرة ذاتية لأحد المطربين بنفس القدر من المتعة الفنية، وذهبت لمشاهدة فيلم Elvis عن ملك موسيقى الروك أند رول الفيس بريسلي وسقف الطموح ليس كبيرا، وحتى بداية الأحداث كانت غير مبشرة وفلاش باك عن طريق البطل والراوي توم هانكس والذي لو لم تقرأ اسمه على الأفيش أنه بطل مشارك في الفيلم لن تعرفه بسبب المكياج المتقن جدا لشخصية توم باركر وكيل أعمال الفيس بريسلي وهو شخصية “داهية” في الحقيقة وكان يحتاج لداهية في التمثيل وقد كان.

ممكن القول أن ساحر الأداء التمثيلي توم هانكس خطف الأضواء كثيرا خلال أحداث الفيلم من البطل وصاحب قصة الفيلم الملك الفيس بريسلي والذي يجسد شخصيته أوستن باتلر والذي قدم أداء رائع هو الآخر، وهو ما يحدث لأول مرة أن يتم التركيز على بطل آخر بجانب صاحب السيرة الذاتية وهو ذكاء من صناع الفيلم حتى يبتعدون عن الشكل الفني المعتاد لسيناريوهات أفلام السيرة الذاتية وبالفعل نجح السيناريو بتقديم السيرة الذاتية لألفيس بريسلي بشكل جذاب ومعه بالتوازي كان الكولونيل توم باركر وكيل أعماله الشهير والذي ظل الغموض حول شخصيته إلى نهاية حياته ووجهت له اتهامات كثيرة وصلت بأنه تسبب بشكل غير مباشر في إنهاء حياة الفيس ! ويفتتح الفيلم بمشهد فلاش باك وباركر جالس في مستشفى منزعج ويحاول الدفاع عن نفسه من اتهام الجمهور بأنه سبب في موت الفيس، ثم تبدأ الأحداث مع إطلاق شاب صغير مجهول لأغنية يتم إذاعتها في جميع محطات الولايات المتحدة والجميع يتساءل من هذا الشاب ويتلقف الخبر باركر ويذهب ليحصل على توقيع الشاب الصغير وتبدأ رحلتهما للشهرة معا، رغم أنه ليس له خير واو علاقة سابقة في عالم الموسيقى.

بالطبع دهاء توم باركر ساهم في صعود الفيس بريسلي السريع ولكنه أيضا كان تأثيره سلبي في فترة تالية من حياته.
السيناريو ظل في تصاعد مشوق مع عدد من أغنيات الفيس وعروضه الموسيقية الرائعة، سيناريو ممتع قدم الفرح والطاقة الإيجابية مع لحظات حزن مؤثرة أيضا.

هل ظلم الفيس نفسه بأنه وثق في توم باركر لهذا الحد !؟ سؤال سيظل يتردد في ذهن المشاهدين ولكنه كان صغيرا وليس لديه اختيارات عندما اختطف توقيعه هذا الرجل وأيضا يوضح الفيلم أن الفيس كان شديد الارتباط بأمه وبعد وفاتها كاد أن ينهار نفسيا وتنتهي حياته الفنية لولا وجود توم باركر بجانبه وساعده في العودة مرة أخرى، العلاقة بدت معقدة بين الفيس بريسلي وتوم باركر وكلما أراد الانفصال عنه يجده حاضرا بفكرة ومشروع جديد فيردد الفيس ضاحكا “الكولونيل يحتال من جديد”! ولكن من المؤكد أن الفيس أحب الرجل وارتبط فنيا به ووثق فيه أيضا.

وكشف الفيلم أن باركر كان يريد مصلحته “مثل الكثيرين من مديري أعمال الفنانين” حتى لو على حساب الفيس وصحته ! ولذلك نكتشف أنه منعه من جولات خارجية في أوروبا وآسيا  بسبب أن باركر “الغامض” لا يستطيع السفر لأنه لا يملك هوية أو جواز سفر ولا أحد يعرف حقيقة هذا الرجل ومن أين جاء! سوى أنه من أصول هولندية، وهذا ما اكتشفه بريسلي في فترة متأخرة أن توم باركر “محتال” وعندما أراد إنهاء التعاقد معه وجد نفسه مدين له بنحو 8 مليون دولار !! هذا كان ثمن الثقة الزائدة من الفيس لوكيل أعماله.

الجانب الشخصي والنفسي حاضرا في السيناريو الذكي والمشوق من خلال عائلة الفيس الأب والأم صاحبة التأثير الكبير عليه ثم زوجته التي رغم حبه لها توترت العلاقة بينهما بسبب إدمانه لحب الجمهور حتى لو على حساب زوجته وابنته ورغم تأثره الشديد وبكاءه على فراقهما له في واحد من أفضل المشاهد المؤثرة بين الفيس وزوجته إلا أنه فشل إقناعها بالبقاء معه ويوضح حجم المعاناة النفسية التي لحقت بحياة الفيس، لأنه لا يستطيع منحهم المساحة الكافية وهي حقيقة النجومية لا تقبل شريك في أحيانا كثيرة، وهنا كان يجب السيناريو إعطاء المزيد من المساحة للزوجة، ولكن يلد وقرار المخرج التركيز على الموسيقى وعلاقة الفيس وباركر هو الأساس.

إدمان الفيس الحبوب المهدئة تزايد بعد فراق زوجته وهو ما أثر على قلبه ولم يرحمه توم باركر في لحظات ضعفه الجسدي وكان يلازمه طبيب في الحفلات من أجل إجباره بالمسكنات للوقوف على المسرح واستكمال التعهدات! حتى لو تعرضت حياته للخطر ! وهنا ظهر الوجه “القبيح” لتوم باركر.

حياة قاسية عاشها الفيس جزء منها بسبب وكيل أعماله المحتال توم باركر كما كان يحب أن يناديه مداعبا، وهنا يقول الفيس “حين تكون ضائعا يستغلك الناس”.

الفيلم يوضح تأثير الفيس الكبير في الشعب الأمريكي لدرجة انهم يقولون لقد ساهم الفيس في تغيير الثقافة الشعبية لدى الشعب وغنى للبيض والسود في وقت كانت العنصرية داخل الولايات المتحدة في ذروتها، وحتى اليوم يحتفظ الفيس بالرقم القياسي لأكثر التسجيلات المنفردة مبيعا لأي فنان في العالم.

وأيضا مثل أي نجم في حياته صعود وهبوط وأحيانا صعود مرة أخرى وحدث ذلك مع الفيس بعد تراجع مبيعات اسطواناته وإيرادات أفلامه نهاية الستينيات تأتي له شركة إنتاج جديدة لتعيده للنجاح مرة أخرى وبالفعل يعود للصدارة مرة أخرى وهو نادرا ما يحدث لأي نجم.

الفيس الذي كان يحلم أن يكون ممثلا نجما مثل جيمس دين مات في الثانية والأربعين ولكنه كان تأثيره أكبر من عمره الفني الصغير بكثير لدرجة أن الرئيس الأمريكي كارتر قال عقب وفاته “جزء من وطننا ضاع بموت الفيس بريسلي”.

بالتأكيد الفيلم وصناعه سيكونوا حاضرين بقوة في ترشيحات جوائز الأوسكار القادمة على رأسهم المخرج باز لورمان والبطلين تون هانكس واوستن باتلر.

اقرأ ايضا للكاتب

أحمد فرغلي رضوان يكتب لـ«الموقع»  إعلام المطابخ !

أحمد فرغلي رضوان يكتب لـ«الموقع» كيرة والجن..الأبطال المنسيون

أحمد فرغلي رضوان يكتب لـ«الموقع» ماذا حدث للمصريين

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى