أراء ومقالاتالموقع

أحمد فرغلي رضوان يكتب لـ«الموقع» الجريمة .. غير مكتملة الأركان!

هو من أكثر الأفلام في السنوات الأخيرة المثيرة للجدل وتباين للآراء، ولكن في رأيي هو تجربة سينمائية جديدة جيدة مع أفلام الدراما النفسية والتي نادرا ما نشاهدها في السينما المصرية.

أثرتني الأجواء القديمة لفيلم “الجريمة” وهي من أبرز العناصر الفنية للفيلم عالم السبعينيات الذي تم تصوير تفاصيله بإتقان بشكل كبير من شوارع ومباني وسيارات وملابس والموسيقى.

الفيلم اختار طريقة الفلاش باك لسرد أحداثه عن طريق البطل وهو مريض نفسي “بالهلوسة البصرية” ولكن المفاجأة انه متورط في جرائم عديدة، فهو مريض نفسي وزعيم عصابة في نفس الوقت! ونبدأ شيئا فشيئا اكتشاف حكاية واحدة من جرائمه المثيرة والتي سببها المرأة سواء ماضي الأم أو حاضر الزوجة وما بين الماضي والحاضر تسير الأحداث، ورغم ارتباك السيناريو في بعض الأحيان لضعف القصة، لكن المشاهد كان يستقر على فترات مع أحداث مشوقة وجيدة وهكذا ظل سيناريو الأحداث يسير بنا طوال أكثر من ساعتين! وممكن القول أنه نجح أيضا في خلق أجواء غموض جيدة.

لكن طريقة السرد والخطوط الدرامية للشخصيات ظلت مرتبكة وأثرت على ردود فعل الجمهور، مثلا الزوجة والتي كان يجب إعطاء الخط الدرامي الخاص بها مساحة وتفاصيل أكثر لأنها أصل المشكلة وجدنا مشاهد المواجهة مع الزوج كانت معدودة ومشاهدهما كزوج وزوجة منعدمة، وفي نفس الوقت تشعر أن هناك زحام لشخصيات كثيرة دون داع مثلا ” سيد رجب، محمد جمعه، الجد ” وحتى طول مدة الفيلم لم يسعف تلك الشخصيات لضرورة الوجود، بالإضافة إلى أن مدة الفيلم الطويلة أضرت بالتشويق وأصابت الجمهور ببعض الملل وصولا للنهاية وهي أضعف ما في فيلم ” الجريمة” وكان يجب التفكير في نهاية أخرى و الاستغناء عنها، قصة الفيلم لا تحتمل كل هذه المدة، وعامة لا أفضل الفلاش باك في السينما كثيرا.

كان ممكن اختصار الأحداث حول جريمة الزوجة والصراع بين المحقق والزوج حولها، ودون الدخول في تفاصيل أخرى كثيرة وتجارة مخدرات وأكشن وتفجيرات طالما قررنا تقديم فيلم دراما نفسية، الحبكة والأداء هما الأهم. أفضل الخطوط الدرامية كان الصراع بين الضابط والمجرم والمشاهد التي جمعتهما كانت جيدة وبها أفضل أداء لأحمد عز وماجد الكدواني وخاصة مشهد حوار المواجهة في الجزء الأخير، الثنائي تألقا بشكل لافت خلاله.

وما أنقذ الفيلم خبرة المخرج شريف عرفة والذي صنع عدد من المشاهد القوية فنيا وبصريا أضافت بعض المتعة للمشاهدين ولكن أكرر مشكلة تلك الأفلام التي وراءها هكذا أسماء مهمة يكون سقف التوقعات لدى الجمهور عالي جدا، ولذلك لاحظت تراجع الإيرادات في الأسبوع الثالث للفيلم بشكل لافت !

واعتقد من الصعب أن يصل الفيلم لنفس إيرادات فيلم أحمد عز الأخير “العارف”، وكما يقال ليس كل ما يتمناه المرء يدركه. بطل الفيلم أحمد عز ظهر بشكل صادم وغير معتاد في البداية ولا أعرف لماذا المبالغة في إظهار تقدم عمر البطل عن طريق ماسك لم ينفذ “جيدا” ! وجاء مثل ماسكات برامج المقالب! كانت من نقاط الفيلم السلبية ظهور البطل هكذا مع حركات “الرعشة” أيضا المصطنعة! كان يكفي جلوسه فوق كرسي متحرك ! ومكياج لتقدم العمر وليس شرط أن يظهر بعمر 80 سنة !! و تلك المشاهد هي الأضعف على مستوى الأداء خلال أحداث الفيلم، ولكن بعيد عن تلك المشاهد يحسب للفنان أحمد عز وهو أحد أهم نجوم شباك تذاكر السينما المصرية، أن يقدم تجربة جديدة مثل الجريمة، شخصية بعيدة عن البطل الشعبي المحبوب، لمريض نفسي ومجرم، نجح عز في الاختبار وقدم أداء جديد وغير معتاد، واستطاع تقديم مجموعة كبيرة من الانفعالات وردود الأفعال للشخصية بشكل لافت للجمهور. واجتهاده للمحافظة على مكانه في الصدارة بين النجوم واضح، هو من نوعية النجوم المخلصين لشغلهم.

أيضا وجود ماجد الكدواني كان من أهم العوامل الإيجابية، وكعادته قدم شخصية ضابط المباحث بشكل جديد وغير معتاد، وأيضا ظهر بشكل مميز نبيل عيسى وقدم دور جيد ومعه ميرنا نور الدين في خطوة سينمائية مقبولة لها. منه شلبي مرة أخرى تنافس نفسها ويعرض لها فيلمان في نفس الموسم فعلتها لأول مرة في عام 2005 وبالتأكيد كونها لا زالت تكرر نفس الأمر بعد كل هذه السنوات يدل على انها بطلة سينمائية بجدارة ونجحت في الحفاظ على مكانتها، هي أكثر نجمات جيلها حضورا في البطولة السينمائية وفي رأيي هي مع منى زكي أهم بطلات في السينما المصرية الحالية، ووجودهم مهم ويضيف الكثير فنيا لأي فيلم، ولكنها هنا في “الجريمة” لم تتاح لها فرصة كبيرة سوى مشاهدة معدودة في هذا العمل وحتى مشاهد الاحتجاز كنت أتوقع أداء أفضل يثير المشاعر ولكن! من حظها الجيد عرض فيلم آخر في نفس التوقيت حيث قدمت فيه أداء ممتاز ولافت جدا.

بعيدا عن نقاط الخلاف على الفيلم المخرج شريف عرفة يجب أن نحييه على نشاط إنتاجه السينمائي في الفترة الأخيرة وأيضا التنوع الذي قدمه ما بين الحربي والكوميدي والدراما النفسية، هو دائما حاضر كمؤلف في معظم أعماله وفي فيلمه الجديد “الجريمة” استعان بشباب المؤلفين الحاليين أمين جمال ومحمد محرز ولا نعرف أي طرف كان تأثيره أقوى من الأخر على سيناريو الأحداث، ولكن وجود شريف عرفة في ظل تراجع واعتزال المخرجين الكبار مهم في للسينما المصرية في تلك الفترة.

كلمة أخيرة يظل احتجاز الضحايا “تيمة” مشتركة بين كثير من أفلام الدراما النفسية على مستوى العالم منذ فيلم جامع الفراشات وصولا ل سبليت !

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى