المستأجرون والملاك بين الفرح والقلق.. قرار المحكمة الدستورية يثير الجدل
نهاية عهد الإيجارات الرخيصة.. ماذا ينتظر المستأجرين بعد الحكم الجديد؟
تقرير: محمود السوهاجي
أصدرت المحكمة الدستورية العليا سلسلة من الأحكام التي وصفت بالمهمة، في جلسة دستورية تاريخية، كان أبرزها الحكم بعدم دستورية تثبيت الأجرة في عقود الإيجار القديم للأماكن السكنية، ويأتي هذا الحكم كخطوة بارزة نحو إعادة صياغة قوانين الإيجار بما يعكس تطورات الواقع الاقتصادي.
وقد اعتبر العديد من الخبراء هذا الحكم علامة فارقة، إذ يرون أن تثبيت الأجرة لفترات طويلة لم يعد يتناسب مع الارتفاع الحالي في قيم العقارات، مما شكل عبئاً على ملاك العقارات وقلل من عوائدهم.
نقاشات واسعة:
من جهة أخرى، أثار الحكم نقاشات واسعة في الأوساط القانونية والمجتمعية، حيث أبدى البعض تأييدهم للحكم باعتباره يعزز حقوق المالكين ويعمل على تحديث العقود بما يتوافق مع الظروف الاقتصادية المتغيرة.
في المقابل، أبدى آخرون قلقهم من تأثيرات هذا القرار على المستأجرين، وخاصة أصحاب الدخل المحدود، حيث يخشون أن يؤدي إلى ارتفاعات كبيرة في الأجرة الشهرية، قد تؤثر سلباً على قدرة بعض الأسر على تحمل تكاليف السكن.
ويفتح هذا الحكم المجال أمام تغييرات أخرى محتملة في قوانين الإيجار القديمة، مما يعيد طرح السؤال بشأن كيفية تحقيق التوازن بين حقوق الملاك واحتياجات المستأجرين، في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة.
نرشح لك : حكم تاريخي أثار جدل الملايين.. ما مدى مشروعية قرار الدستورية العُليا بشأن قانون الإيجار القديم؟ «خاص»
أصدرت المحكمة الدستورية العليا عدة أحكام مهمة في جلسة دستورية بارزة، كان من أبرزها الحكم بعدم دستورية تثبيت الأجرة في عقود الإيجار القديم للأماكن السكنية، الخاضعة لأحكام القانون رقم 136 لعام 1981، والذي كان يفرض إبقاء الأجرة السنوية لهذه الأماكن ثابتة منذ بدء تطبيق القانون.
وأشارت المحكمة إلى أن تثبيت الأجرة بهذه الطريقة يُعد مخالفًا لأحكام الدستور، مشددة على ضرورة تدخل المشرع لتعديل القوانين بما يحقق التوازن في العلاقة بين المؤجر والمستأجر.
ترحيب واسع:
رحب ياسر الزبادي، المستشار القانوني لائتلاف ملاك الإيجار القديم، بحكم المحكمة الدستورية العليا، مشيراً إلى أنه يمثل خطوة نحو “تحريك المياه الراكدة” ويخفف من معاناة الملاك الذين تأثروا لسنوات بثبات الإيجارات عند مستويات منخفضة لا تتناسب مع التغيرات الاقتصادية وارتفاع معدلات التضخم.
وبيّن أن الحكم يدعو المشرع لوضع ضوابط جديدة لتحقيق التوازن بين المالك والمستأجر، مؤكداً أن مجلس النواب أصبح ملزماً بإصدار قانون جديد ينظم العلاقة الإيجارية قبل انتهاء الفصل التشريعي الحالي.
نرشح لك : «زيادة متوقعة تصل لـ 600 جنيها للإيجار القديم».. عقاريون لـ«الموقع»: يمكن تعويض الملاك بأراضي ووحدات في المجتمعات العمرانية الجديدة
وأضاف الزبادي أن تأخير إصدار القانون إلى نهاية الدورة البرلمانية قد يدفع الملاك للمطالبة بزيادة الإيجارات وفقاً للقيمة السوقية الراهنة، مشدداً على ضرورة صدور القانون قبل يوليو المقبل.
من جانبه، اعتبر مصطفى عبد الرحمن، رئيس ائتلاف ملاك العقارات القديمة، أن هذا الحكم يعد “خطوة إيجابية للأمام”، داعياً مجلس النواب إلى إصدار قانون يرفع القيمة الإيجارية لتتناسب مع التدهور في قيمة الجنيه.
وطالب بمنح فترة ثلاث سنوات لتوفيق الأوضاع، وبعدها تُحدد العقود بناءً على الأسعار السوقية، مع وضع حد أدنى للإيجارات لا يقل عن 2000 جنيه شهرياً في بعض المناطق.
وأشار عبد الرحمن إلى أن الحكم سيؤدي إلى تخلي بعض المستأجرين عن الشقق المغلقة، التي يدفعون مقابلها مبالغ زهيدة، مما سيساهم تدريجياً في حل المشكلة.
واختتم بالقول: “لا نهدف لطرد المستأجرين، بل نسعى لتحقيق قيمة إيجارية عادلة تتناسب مع كل منطقة، بحيث لا يقل الحد الأدنى عن 2000 جنيه”.
ثبات القيمة الإيجارية:
في تعليق قانوني على حكم المحكمة الدستورية العليا، أوضح وحيد سرور، الخبير القانوني، أن الحكم بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادتين (1 و2) من القانون رقم 136 لسنة 1981 يمثل نقلة نوعية، مشيراً إلى أن ثبات القيمة الإيجارية لفترات طويلة دون تعديل يُعدّ إهداراً لحق الملكية وتعدياً على مفهوم العدالة.
بيّن سرور، أن الحكم يراعي الحاجة إلى إعادة التوازن في العلاقة الإيجارية، مع مراعاة التطورات الاقتصادية والاجتماعية، مما يتطلب تعديلات قانونية جديدة لضمان تحقيق العدالة بين المالك والمستأجر.
وفي هذا السياق، أصدرت المحكمة الدستورية العليا قرارها برئاسة المستشار بولس فهمي، حيث قضت بأن ثبات الأجرة للأماكن السكنية وفقاً للقانون رقم 136 لسنة 1981 يتعارض مع الدستور، ودعت المشرع للتدخل لتحقيق توازن في العلاقة الإيجارية.
وأكدت المحكمة أن القوانين الاستثنائية لتنظيم إيجار الأماكن السكنية ينبغي أن ترتكز على ضوابط توازن بين حقوق المؤجر والمستأجر، مما يمنع تثبيت الأجرة عند مستويات قديمة، ويأخذ في الاعتبار التضخم وتراجع قيمة العملة بمرور الوقت.
واستناداً إلى المادة (49) من قانون المحكمة، حدّدت المحكمة تاريخ انتهاء دور الانعقاد التشريعي الحالي لمجلس النواب كبداية لسريان حكمها، من أجل منح المشرع الوقت اللازم لإعداد التعديلات الضرورية.