نزار السيسي يكتب لـ«الموقع» ترامب أمريكا
رغم عمرها القصير كدولة (248 عاما)، لا غرابة أن الولايات المتحدة بدأت كمنفى للمنبوذين والمجرمين وقطاع الطرق الأوروبيين، الذين شنوا حروب إبادة بحق الهنود الحمر، ثم استعباد السود، ونشأت وتوحدت بحروب، وتوسعت وخاضت عشرات الحروب والتدخلات العسكرية للإطاحة بأنظمة أو تنصيب أخرى.استخدمت الأسلحة النووية، وأصبحت مركز قرار العالمي واقتصاد يهيمن على الإقتصادات، ويستعبد الشعوب ثم ملاذا للمغضوب عليهم ومقر لهم.تحولت لإمبراطورية دم، بقتل وتجويع مئات الملايين من البشر، ولا يمكنها أن تستمر دون وجود عدو تتوحد على قتاله، ولا اظنها ستعمر طويلا،ثم يتشدقون بالحريه والديمقراطيه وحقوق الانسان والعدل والمساوات ونبذ العنف بجميع اشكاله والواقع يقول انهم ألد أعداء جميع ماذكر بل انها قامت وأُسست على النقيض.ولكن بعد صعود راكب ثيران حقيقي كترامب إلي كرسي الرئاسة أعتقد أن العالم سيشهد كثيرا من الفرجة والتسلية الكارثية والقرارات الدولية الخطيرة المزاجية .في كل الأحوال نحن الذين لم نربح شيئا مع الديموقراطيين ولا مع الاشتراكيين، مع الإنسانيين ولا مع العنصريين، مع العاقلين ولا مع الحمقى ،نحن الذين ليس لدينا ما نخسره، سيكون لنا حيز كبير للتسلية والفرجة المجانية التي سينفقون عليها لأجلنا ملايين الدولارات..إنتهى أخيرا عصر الديموقراطية والحديث عن الديموقراطية وحقوق الإنسان والمساواة والعدالة الاجتماعية وكل تلك الشعارات. لقد صعد ترامب إلى كرسي الرئاسة،كل مجانين وفقراء ومعتوهي أمريكا المعدمين الذين ليس لديهم ما يخسرونه صوتوا على الميلياردير.لسبب غامض وعبثي صوتوا عليه، انتقاما من أنفسهم ومن الجميع ومن أمريكا ومن العالم. كانت أمريكا هي سوق ترامب للعقارات والكازينوهات وعدادات البورصة، والآن أصبحت دول العالم قاطبة عقارا مفتوحا رخيص الثمن أمام عيون ترامب الزرقاء المغرورة.هي نتيجة السعي الحثيث وبكل السبل والوسائل في اتجاه قوة المادة. لقد انتصرت المادة أخيرا، انتصرت الربوهات على صانعيها ولا بد أنها ستبيدهم جميعا. يمكن القول إنها كانت منتصرة دائما وأن أمريكا كانت دائما هي ذلك الوحش الآلي الإلكتروني الرهيب الذي فهم نظرية التطور جيدا
فهم أن العالم ماكينة تتحرك دون روح ولا شيء أكثر من ذلك ولا أقل، لكن ذلك الوحش كان يقدم نفسه دائما من خلف مكياج اللطف والحضارة والإتيكيت (حيث ليست كامالا هاريس و كلنتون مثلا إلا تلك الواجهة الأنثوية الناعمة لرعبه)، أما الآن فالوحش سيواجهكم مباشرة عاريا دون قناع وبإمكانكم منذ الآن الإحساس بالدونية وبالعنصرية التي يرمقكم بها من أعلى أبراجه. إنه وحش لا يؤمن سوى بالثروة والقوة والهلاك. ذلك الوحش الرهيب القابع داخل أعماق كل البشر، إنه يتجسد أخيرا بوضوح دون أي خجل أو مدعاة للعار. إنه دون شك ليس ترامب، بل أمريكا كلها.
ترامب نموذج للرجل الابيض القديم الفج ، الواضح في المواقف و المفتقر للدبلوماسية و لكنه فعال في ما يخص الداخل الامريكي ويخدم وطنه بطريقة او بأخرى