أراء ومقالاتالموقع

محمد الكفراوى يكتب لـ”الموقع” عن جوائز الدولة .. حكمة الإنصاف وعودة التقليد

مع إعلان جوائز الدولة في الآداب والفنون والعلوم الاجتماعية قبل أيام ، ترددت أصداؤها باعتبارها الوسام الأعلى الذي يمكن أن يمنح لأديب أو فنان أو باحث في العلوم الاجتماعية ، وكانت السمة الغالبة على هذه الجوائز هي مبدأ الإنصاف ، إنصاف فنانين كبار قدموا لنا الكثير وساهمت أعمالهم في إثراء وجداننا ، إنصاف مبدعين روائيين وشعراء ونقاد وباحثين حفروا بدأب وثبات مسارا خطيا مميزا ويعبر عنهم . يحمل بصمتهم . لذلك استحقوا الجوائز عن جدارة ، تكليلا لجهد سنوات طويلة بذلوا فيها من أنفسهم كل غال ، ليقدموا لنا ما يشف عن جمال فاتن وعن قيم أصيلة وعن روح تتوق للقيم العليا وتقدرها وتعمل من أجل ترسيخها .

أنصفت جوائز الدولة قصيدة النثر بفوز الشاعر محمد أبو زيد جائزة الدولة التشجيعية في الشعر عن ديوانه ” جحيم ” ، وأبو زيد لمن لا يعرفه شاعر مميز ، استطاع أن يرسخ لجماليات خاصة وسمات مميزة في قصيدته ، منطلقا من مبدا السهل الممتنع ، ليقدم صورا شعرية فريدة من نوعها ، انطلاقا من مفردات وتصورات بسيطة وسهلة وتكاد تكون شائعة. المفرح في فوز ” أبوزيد ” هو أنه يمثل سابقة في هذه الجائزة فهو أول شاعر قصيدة نثر يفوز بجائزة الدولة التشجيعية .

فوز الكاتبة الكبيرة سلوى بكر بجائزة الدولة التقديرية هو أيضا اعتراف بالموهبة المميزة والروح الاستثنائية والكتابة الصعبة الدؤوية التي تمثلها سلوى بكر ، صاحبة ” نونة الشعنونة ” و” العربة الذهبية لا تصعد إلى السماء ” و” وصف البلبل ” و ” سواقي الوقت ” و الملحمة الرائعة ” البشموري ” التي ترصد فترة مهمة من تاريخ مصر .

كذلك جاء فوز الكاتب محمد توفيق بجائزة الدولة التشجيعية ليعبر عن اعتراف بالجهد العظيم والكتابة المتفردة والرصد التاريخي باستخدام مناهج متنوعة ليقدم قصة الصحافة في مصر، فهو صاحب ملحمة ” الملك والكتابة ” التي تؤرخ للصحافة منذ أول خبر نشر وأول مطبعة جاءت إلى مصر وحتى يومنا هذا.

حصول الدكتور محمد عفيفي على جائزة الدولة التقديرية هو اعتراف أيضا بالدور الاستثنائي الذي قام به ” عفيفي ” كمؤرخ للمسكوت عنه والمهمشين والمنسيين ، هو أحد حراس التاريخ الاجتماعي للمصريين ، لذلك جاء تكريمه جزءا من الاعتراف بقيمته وقامته وتميزه في مجال التاريخ المعاصر.

كما قوبلت جائزة الدولة للتفوق التي منحت للمبدع الراحل بهاء عبد المجيد بمزيد من الامتنان في الأوساط الأدبية ، فبهاء هو أحد المبدعين المتميزين الذين اختطفهم فيروس كورونا ، وكان رحيله وهو في أوج عطائه الإبداعي صدمة كبيرة لكل من عرفه وقرا أعماله وتابع إبداعاته القصصية والروائية بداية من رواية ” سانت تريزا ” وانتهاء بالمجموعة القصصية ” طقوس الصعود ” ورواية ” القطيفة الحمراء “.

ومن الفائزين بجوائز الدولة أيضا الذين يمثلون حالة استثنائية في مجالهم الكاتب المبدع أحمد أبو خنيجر والكاتب الصحفي والباحث وائل لطفي.

أشار البعض إلى أسماء بعينها لمبدعين كبار وفنانين فتحوا للمصريين وللعالم كله طاقة للجمال تنفذ من أرواحهم وتمتد إلى الجميع ، وإن كانوا لم يسعوا للجائزة إلا أنهم يستحقونها بإبداعهم وأعمالهم المتميزة، ومنهم على سبيل المثال الفنان الكبير جورج البهجوري وسمير فؤاد وجمال القصاص ومجيد طوبيا و فريد أبو سعدة ومحمود قرني وعاطف عبد العزيز واحمد الشهاوي ومحمد الشحات، وغيرهم ممن يستحقون جوائز الدولة عن جدارة ومن المؤكد أن السنوات المقبلة ستحمل لهم جانبا من الإنصاف والتقدير.

** في الأخير ؛ كان هناك تقليد لا أشبع من مشاهدته مرات ومرات ، وهو فيديو للرئيس جمال عبد الناصر يسلم جوائز الدولة لرموز مصر ونجومها اللامعة ومن بينهم أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب ، لماذا لا يعود هذا التقليد مرة أخرى ؟ فيقوم رئيس الدولة بنفسه بتسليم جوائز الدولة ، وهو الحريص على مبدعيها ونجومها ورموزها الثقافية والفنية التي تمثل القوى الناعمة للبلاد ، بهذا تكتمل قيمة الجوائز المعنوية والرمزية بصرف النظر عن قيمتها المادية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى