الموقعخارجي

ما وراء مغادرة حماس تركيا وتقاربها مع سوريا بعد قطيعة 10 سنوات؟ خبراء يجيبون لـ«الموقع»

كتب- منى هيبة، أحمد عادل، مينا أشرف:

بعد قطيعة دامت عشر سنوات على اندلاع الثورة السورية في 2011، اتخذت حركة حماس الفلسطينية، مؤخرًا قرارًا بالإجماع بعودة تطبيع العلاقات مع النظام السوري، الأمر الذي جعل البعض يتساءل ما وراء تلك العودة في ذلك الوقت تحديدًا وهل لها علاقة بإيران؟

الحركة أعربت عن تقديرها للجمهورية العربية السورية قيادةً وشعبًا؛ لـ “دورها في الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة”.

جاء هذا البيان بعد وقت قليل من ختام زيارة قام بها وفد من الحركة، برئاسة رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية إلى روسيا، التي تعد سوريا من أكبرها حلفائها في المنطقة، أجرى خلالها مباحثات مع المسؤولين الروس، على رأسهم وزير الخارجية، سيرجي لافروف.

وشهدت العلاقة بين حماس وسوريا خلال السنوات العشر الماضية، حالة من القطيعة، بعدما أعلنت الحركة موقفها وأيدت الثورة التي كانت تطالب برحيل النظام السوري، برئاسة بشار الأسد، وكان ذلك تزامنًا مع تأييد جماعة الإخوان، والرئيس المصري آنذاك، محمد مرسي، للثورة، الأمر الذي أدّى إلى خروج حماس من سوريا.

وكان رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، في ذلك التوقيت، خالد مشعل، مقيمًا في سوريا برفقة عدد من قيادات الحركة، قبل أن يغادروا متجهين للإقامة في دولة قطر.

وأثار بيان الحركة حول عودة العلاقات مع سوريا، ردود فعل متباينة في الشارع الفلسطيني، خاصة أنصارها ومؤيدوها، وسط تساؤلات عن التوقيت الذي اختارته قيادة حماس في هذا الملف، وما إذا كانت إيران وروسيا و”حزب الله” قد لعبوا دورًا في هذا الملف.

ويرى مراقبون أن عودة العلاقة بين تركيا وإسرائيل، قد تكون انعكست سلبًا على علاقة وجود حماس في أنقرة، وبالتالي هذا استدعي أن تعزز حماس من علاقتها مع سوريا وإيران، متجهة بمقرها الجديد نحو لبنان.

ويرى آخرون أن “حماس” باتت في عزلة ولا تجد مكانًا لها إذ تفرض عليها جميع الدول التي تحاول الوجود على أراضيها شروطًا على عملها السياسي والعسكري في ظل التغيرات التي تمر بها المنطقة العربية والإقليمية، مما جعلها مضطرة إلى إعادة العلاقات مع النظام السوري.

وفي هذا الصدد، قال مدير الدراسات الفلسطينية – الإسرائيلية في المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، د. الدكتور طارق فهمي: “حماس أمامها خياران إما البقاء بمفردها في ظل تطبيع العرب مع إسرائيل وعودة العلاقات بين تركيا وإسرائيل أو العودة للتحالف البسيط، والذي سيكون الأهم بالنسبة لها مع إيران و سوريا و حزب الله”.

وأضاف «فهمي» في تصريح خاص لموقع «الموقع» أن العلاقات تعود بقوة في هذا التوقيت بين حماس والنظام السوري، مشيرًا إلى أن من وراء عودة هذه العلاقة هي إيران و حزب الله و من المتوقع أن كلاهما ضغطوا على حماس حتى تعود لنظام الرئيس بشار الأسد في هذا التوقيت.

وقال إن القرار لا يحظى بدعم أعضاء المكتب السياسي بالكامل، مع وقوع نقاشات كثيرة حول هذا الأمر، مما يعني أننا مازلنا سنواجه بعض التحديات الخاصة بعودة العلاقة.

وأشار إلى أن حماس تحافظ على وجود علاقة وثيقة مع إيران، وذلك لأنها تمدها لها بالمال والسلاح.

ولفت إلى أن حماس أقدمت على هذه الخطوة، موضحًا أن العلاقات مع بعض الدول العربية و النظام السوري عادت من جديد.

وأوضح أستاذ العلوم السياسية، أن لعودة حماس مبرر واضح، لتعرضها في الفترة الأخيرة لضغوطات من بعض الدول العربية والإقليمية، مما دعاها إلى التحرك تجاه إيران و النظام السوري وأن تعود لتحالفها المباشر في هذا الإطار.

وتابع قائلا: إن تركيا لا تزال تمسك بأوراق جماعة الإخوان في هذا التوقيت، وإن كانت أغلقت لهم المنصات الإعلامية، ولكنها لا تزال تمسك بجزء من أوراق اللعبة مع الإخوان المسلمين “المرجعية الإيديولوجية لحماس”.

وأشار «فهمي” إلى أن ذلك لا يمثل مشكلة في الفترة المقبلة، خصوصًا أن علاقتها مع مصر الآن تحكمها مفاوضات رسمية واتصالات بين الطرفين.

واختتم حديثه قائلاً “تركيا تتبع السياسة النفعية أو “البرجماتية” وهي الواقعية السياسية في التعامل وبالتالي لا تُمثل لديها مشكلة في هذا النطاق عودة علقتها مع النظام السوري.

من جانبه، علق الدكتور عبدالمهدي مطاوع، خبير الشؤون الفلسطينية،قائلاً إن هناك تغييرات في المنطقة تشمل علاقة الدول بالإخوان، ومن هذه الدول تركيا وقطر.

وأضاف “مطاوع” لموقع “الموقع”: لاحظنا في تصريحات للرئيس التركي، والأمير القطري تميم، أن هناك نفي للعلاقة بالإخوان المسلمين؛ حيث قامت حماس قبل عام بارتكاب خرق أمني في تركيا مما تسبب في وضع قيود على نشطائها.

وتابع “مطاوع، قائلاً: إن عودة العلاقات بين تركيا وإسرائيل مرهون بعدم وجوب أن تقوم تركيا بأي عمل ضد إسرائيل، والتمهيد الذي حصل منذ فترة للعلاقة مع سوريا ما هو إلا تمهيد لسماح حماس بعودة مكتبها ليس بالضرورة في دمشق، ولكن لكي تكون في لبنان يجب الحصول على موافقة حزب الله وسوريا.

واستكمل الخبير في الشئون الفلسطينية، قائلا: إن هذا يأتي في إطار إعادة ترتيبات علاقات الدول بحركة حماس في المنطقة وبالمعركة الجارية في المستقبل.

وعلى جانب آخر، أشار “مطاوع” إلى أن الخليج معروف أن شرطه الأساسي إلا تكون إيران هي التي تمتلك القرار في حماس وفي جهاز الرسمي.

وقال: إن إعادة ترتيب المنطقة مرة أخرى يؤدي في النهاية إلى تحالفات جديدة وسينتج عنه وضع جديد، ومن الصعب التنبؤ به بشكل كامل.

بدوره قال محمود كمال، خبير العلاقات الدولية، إن حماس وحزب الله هم صنيعة الموساد الإسرائيلي، إذ تعتبران صنيعة مخابراتية إسرائيلية لشرعنة هدم الوطن العربي والتدخل في فلسطين ولبنان وسوريا والعراق.

وأضاف “كمال” في تصريحات خاصة لموقع «الموقع» أن حماس حركة لم ولن تكف عن تصرفاتها اليبيانية السافرة، وهي حركة مرتزقة مثلها مثل داعش والقاعدة وطالبان، معتبرًا أن كل هؤلاء مرتزقة يبحثون ويلهثون خلف المال.

وتابع “كمال”:  لا ننسى تحقيقات النيابة في  وادي النطرون إبان ما حدث في 25 يناير التي أكدت أن عناصر حزب الله وحركة حماس معًا تدربوا على يد الحرس الوطني الإيراني بخان يونس في قطاع غزة، ولذلك إيران هي الدولة الراعية للإرهاب.

ورأى أن حماس هي أحد أذرع إيران الإرهابية، وحماس لا تختلف عن حزب الله، كما أن حماس لن تنفصل عن إيران.

ويعتقد “كمال” أن سقوط إيران مهم للغاية وسقوط نظامها، لأن بدونه لن تسقط معه ميلشيات المنطقة، فمثلا إيران تدعم حماس وتدعم الحزب الشعبي في العراق وحزب الله في لبنان، مؤكدًا أن الحرس الثوري الإيراني ليس فصيلاً عسكريًا بل  إرهابي ويتزعم تدريب الإرهابيين ونشر الفوضى والإرهاب في سوريا والعراق ولبنان وفلسطين ودول الخليج ومصر.

وتطرق إلى أن لبنان دولة الآن متمزقة وشبه سقطت والسبب في ذلك حزب الله وحماس، وتساءل: ماذا قدم حسن نصر الله وحزب الله وحماس للوطن العربي؟ قائلاً إن هناك ضابط في الموساد الإسرائيلي يسمى بيتروس سلوفسكي في مذاكراته أكد أن حركة حماس صنيعة الموساد، لذا وجود حركة حماس اليوم في لبنان هو أمر طبيعي.

وأوضح “كمال” أن ما يحدث اليوم داخل إيران من مظاهرات من الشعب الإيراني هو أمر طبيعي ضد الفساد وغلاء الأسعار، حيث تنفق الأموال الإيرانية على الميليشيات والإرهاب وليس على الشعب.

ويرى أن لفظ تركيا للإخوان والحركات المنتمية لها إيديولوچيا هو لفظ ظاهري بمعنى إعلامي فقط، والدليل على ذلك أن القنوات التركية مازال بها من يهاجم مصر، مضيفًا أن تركيا تستخدم سياسة المماطلة، ولن يكون هناك عمار بينها وبين الدول العربية لأن لديها قضية أساسية وهي الأكراد لذا تقوم بالهجوم على العراق وسوريا.

ولفت إلى أن هناك استدعاء لسيناريوهات الماضي في عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما وهو استخدام بعض الدول كمخلب قط لتصعيد العمليات الإرهابية في الوطن العربي، مؤكدًا أن اليوم الظروف مختلفة عن الماضي فنحن نتكلم في حروب تغيير مناخ وأزمة اقتصادية طاحنة ونقص في الغذاء وجفاف في أوروبا كما أن معظم السلع الغذائية غير متوفرة لديهم.

يذكر أن العلاقة بين “حماس” والنظام السوري، بدأت في عام 1999 واستمرت حتى عام 2012 وخلال تلك الفترة قدم نظام الأسد دعماً في مختلف المجالات للحركة إذ أمن استقرارها سياسياً وتطورها عسكرياً لكن بعد اندلاع “الثورة السورية” رفض خالد مشعل الرئيس السابق لمكتب “حماس” إدانة الاحتجاجات التي اندلعت ضد النظام ورفع علم الثورة في عام 2012 وغادر مقر إقامته الذي كان يعد مكتب الحركة الرئيس متوجهاً إلى غزة لكنه لم يمكث فيها طويلاً.

ومن سوريا أدارت “حماس” الانقلاب العسكري على السلطة الفلسطينية الذي نفذته في عام 2007، كما حضرت نفسها للانتخابات التشريعية وفازت بها وسلحت عناصرها ودربتهم عسكرياً.

وبعد مغادرة مشعل منصبه وابتعاده عن الساحة السياسية في عام 2017 بدأت “حماس” تتودد إلى النظام السوري، وذلك عقب فوز إسماعيل هنية برئاسة المكتب السياسي ووصول يحيى السنوار إلى زعامة الحركة في غزة.

وفور تولي السنوار منصبه قال إن “حماس” مستعدة للتعامل مع النظام السوري بخاصة مع تسارع وتيرة حل الأزمة في دمشق”، وفي عام 2018 قال هنية “حماس” “لم تعاد يوماً النظام السوري الذي وقف إلى جانبنا في محطات مهمة وقدم لنا الكثير”.

وفي عام 2019 أثنى عضو المكتب السياسي محمود الزهار على بشار الأسد. وقال “فتح لنا كل الدنيا، لقد كنا نتحرك في سوريا كما لو كنا نتحرك في فلسطين، وفجأة انهارت العلاقة على خلفية الأزمة السورية، وأعتقد أنه كان الأولى ألا نتركه وألا ندخل معه أو ضده في مجريات الأزمة”.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى