قبل «فوات الأوان» .. هل تطرح أزمة هدم المقابر التاريخية في حوار وطني؟
كتب- أسامة محمود
حالة استياء وغضب بين المتابعين عبر منصات التواصل الاجتماعى والكثير من المهتمين بقطاع الآثار والتراث خلال الأيام الحالية بعد انتشار صورا للأجهزة التنفيذية التابعة لمحافظة القاهرة وهى تقوم بأعمال إزالة لبعض المناطق التراثية والأثرية ومقابر الرموز والنخبة فى منطقة قرافة الإمام الشافعي وامتدادها شرقا وغربا وغربا حتى جنوب القلعة وسيدي عمر بن الفارض والعلامة الشيخ جلال السيوطي والسيدة نفيسة رضى الله عنها القديمة والحديثة ،وهو ماأثير مؤخرا وتم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي وبعض البرامج التليفزيونية والصحف.
وحسب المتابعين فإن هذه المناطق ينتظرها كلها أو بعضها الإزالة أو الهدم نتيجة لتنفيذ بعض المشروعات القومية التي تمر بتلك المناطق ومحيطها ممثلة في خلق محاور مرورية جديدة وعصرية عن طريق توسيع الشوارع القديمة وإنشاء شوارع جديدة وكباري علوية.
ويقول الدكتور محمد حمزة أستاذ الآثار والحضارة الإسلامية وعميد كلية الآثار جامعة القاهرة، إن الحق أقول أن هذه المشروعات القومية ضرورة عصرية لا غني عنها في الجمهورية الجديدة التي أرسى دعائمها ووضع أساسها رئيس الجمهورية حتى تستعيد مصر دورها الرائد ومكانتها و رونقها وبهائها كدولة عصرية بكل ماتحمله هذه الكلمة من معان ودلالات وهذا هو ما يتبناه الرئيس ويدعوا إليه في كل وقت وحين وفي أكثر من مناسبة ولا أحد يختلف مع أو يعارض تلك الرؤية التي غابت عن مصر منذ عقود كثيرة لظروف وعوامل شتى؛ ونحن من جانبنا كمصريين محبين لوطنهم وقيادته والمؤرخين وخبراء الآثار والتراث والثقافة والحضارة والتاريخ على المستوى المحلي والإقليمي والدولي نؤيد بقوة تلك الرؤية العصرية ولكن عندما تصطدم تنفيذ تلك الرؤية مع المواقع الآثرية والتراثية ذات النسيج الحضري والعمرانية والمعماري و البيئي و البصري الواحد المسجلة على قائمة التراث العالمي لليونسكو منذ عام 1979م؛ وعلي قائمة التراث الإسلامى الايسيسكو منذ عام2019م وتخضع في نفس الوقت لحماية الدستور المواد47و49و50؛ والقوانين ذات الصلة117لسنة1983م وتعديلاته والقانون 144لسنة 2006م.
كما أنها تخضع لحماية القيادة السياسية ممثلة في توجيهات الرئيس حول نصرة المواقع الآثرية والتراثية وذات القيمة في أكثر من مناسبة وهو تحدثنا عنه من قبل؛ ولذلك لابد من إيجاد حلول جديدة مبتكرة بالتفكير خارج الصندوق والبحث عن بدائل مناسبة وملائمة وما أكثرها حتى يحدث التناغم والانسجام وتحدث المواءمة والاتساق بين متطلبات العصرنة والمعاصرة والحفاظ علي التراث والأصالة في ذات الوقت.
وتابع: العشوائيات بالقرافة معروفة ومسجلة في المصادر ومشاهدات الرحالة والرسومات واللوحات عندما تم الاعتداء في عصور سابقة على منشآت القرافة وسرقةَ محتويات الكثير منها ونهب أوقافها وغير ذلك مما هو مبسط في المصادر ثم زاد الطين بله بالسكن فيها وبأحواشها لعوامل كثيرة لا داعي لذكرها هنا؛ وبالتالي فإن هذه العشوائيات التي لا علاقة لها بالمقابر الآثرية والتراثية تشكل نقطة ضعف ضاغطة يجب إزالتها ونقل سكانها إلى المجتمعات الحضرية الجديدة التي وفرتها الدولة مشكورة كالأسمرات وغيرها لذلك الغرض”.
وتابع :بعد ذلك يتم تطوير أماكن هذه العشوائيات وتنميتها فتتحول نقاط الضعف إلى نقاط قوة تنسجم وتتفاعل وتتناغم وتتسق مع أعمال التنمية السياحية المستدامة بالقرافة كلها؛ وبهذه الطريقة لن يتم هدم وإزالة المقابر التراثية و المقابر الأثرية كالجسد الواحد إذا اشتكي منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمي؛ وعلى ذلك تصير القرافة نقطة قوة وجذب سياحي نادر المثيل له في العالم وتضيف ثقلا كبيرا ودعما لما تم من مشروعات سياحية قريبة مثل المتحف القومى و بحيرة عين الصيرة ومجمع الأديان وجامع عمرو والقلعة والسلطان حسن والرفاعي ومسار آل البيت ومجري العيون فهل يجتمع مثل ذلك التنوع الهائل والنادر فى هذه المنطقة بظواهرها.
وناشد أستاذ الآثار والحضارة الإسلامية الحكومة والجهات المعنية أنه عند تنفيذ مشروعات قومية في المواقع (الآثرية والتراثية ) وهو الذي انتصر لتلك المواقع كما ذكرنا( ان يدعو إلى طرح الفكرة في حوار وطني يجمع كل الخبراء والمؤرخين والمتخصصين في التاريخ والآثار والحضارة والسياحة والتراث والثقافة والعمارة والفنون الجميلة والبيئة والتخطيط العمراني من كل الجامعات المصرية والمؤسسات والعالم والجمعيات ذات الصلة؛ للدراسة وتقديم المقترحات والحلول المناسبة لكل مشروع على حده وهكذا يتم الجمع بين الأصالة والمعاصرة وبين الموروث والعصرنة أي نكون في مستوى مصرنا بالنسبة للذات وفي مستوى عصرنا.